أظهر التقرير السنوي للمصرف المركزي التونسي أن إيرادات البلد من الغاز الطبيعي ازدادت 8.2 في المئة العام الماضي إلى 3.2 مليون طن مكافئ نفط. وتتوزع الإيرادات بين المنتوج المحلي والرسوم العينية التي تتقاضاها تونس على عبور أنبوبي غاز جزائريين أراضيها نحو إيطاليا وسلوفينيا. وبات الغاز يشكل 44.6 في المئة من مصادر الطاقة في تونس العام الماضي، في مقابل 41.3 في المئة قبل سنة. وتوقع التقرير أن تزداد أهمية الغاز في السنوات المقبلة مع دخول حقلي «صدر بعل» و«البرمة» مرحلة الإنتاج ومد شبكات التوزيع إلى محافظات جديدة، إضافة إلى تشغيل مصنعي غاز جديدين يعملان بنظام الدورة المزدوحة في كل من غنوشوبنزرت. وساهمت معاودة الإنتاج في حقل «ميسقار» الغازي في تحسين المنتوج المحلي، إذ يؤمن 1.4 مليون طن مكافئ نفط أي 62.5 في المئة من المنتوج الإجمالي للبلد من الغاز الطبيعي. وارتفعت استثمارات تونس في قطاع التفتيش عن المحروقات وتطوير الحقول من 500 مليون دينار (330 مليون دولار) إلى 2.7 بليون دينار (1.8 بليون دولار) بين 2005 و2008. وعلى رغم تداعيات الأزمة الإقتصادية خلال 2009 ظلت الإستثمارات المخصصة لهذا القطاع في مستوى مرتفع لم ينزل دون 1.9 مليون دينار (1.3 بليون دولار). وأتاح حفر 38 بئراً استكشافية في السنتين الأخيرتين تحقيق 20 اكتشافاً نفطياً وغازياً. وفي هذا الإطار تعتزم شركة «كوبر انرجي» الاسترالية المتخصصة في التنقيب عن النفط مباشرة حفر بئر استكشافية جديدة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل في منطقة «برقو» (شمال). ويُتوقع أن تصل طاقة إنتاج البئر إلى نحو 26 مليون برميل. نفط مغاربي وتُركز تونس على ترفيع حجم وارداتها النفطية من البلدان المغاربية للتقليل من كلفة النقل والسيطرة على العجز في ميزان الطاقة. وزادت في الفترة الأخيرة الواردات النفطية من الجزائر وليبيا والمغرب الذي لا ينتج النفط ولكن يُكرره. وأفاد خبراء بأن موازنة السنة الحالية وُضعت على أساس سعر مرجعي لبرميل النفط لا يتجاوز 70 دولاراً كمتوسط سنوي، إلا أن السعر ارتفع أخيراً إلى 85 دولاراً، إضافة إلى ارتفاع سعر صرف الدولار إلى أكثر من 1.4 دينار تونسي. وفي ضوء هذين المتغيرين أجرى أخيراً مسؤولون في «الشركة التونسية لتكرير النفط» (قطاع عام) التي تملك مصفاة النفط في بنزرت (شمال) محادثات مع مصفاة مغربية وحصلوا منها على أسعار مناسبة. وكثفت تونس أيضا الكميات المستوردة من الجزائر وليبيا ما وفر عليها قسماً من نفقات النقل والتأمين والضرائب التي كانت ترفع من كلفة النفط المستورد من أوروبا. ويترتب على شراء برميل النفط بسعر متوسط يعادل 75 دولاراً خلال السنة الحالية عجز يُقدر ب500 مليون دينار (330 مليون دولار) نظراً إلى أن أسعار المحروقات مدعومة. وبات الغاز الطبيعي يُؤمن نحو 45 في المئة من حاجات البلد من المحروقات. ومع التهاب أسعار المحروقات في الأسواق العالمية، ازداد اعتماد التونسيين على الطاقة المحلية، وبلغ عدد البيوت الموصولة بشبكة توزيع الغاز 600 ألف بعد استكمال ربط 75 بلدة بالشبكة الوطنية للغاز. وبات أصحاب سيارات الأجرة يُجهزون سياراتهم بخزانات الغاز المُسيل إلى درجة أن جميع «التاكسيات» في مدينة صفاقس، ثاني المدن في البلد، مجهزة بخزانات الغاز. ويُركز التونسيون مستقبلاً على الحد من استهلاك الطاقة التقليدية في ورش البناء، التي تستأثر ب 27 في المئة من استهلاك الطاقة في البلد، وتطوير استخدام الطاقات البديلة ليس فقط في هذا القطاع وإنما في المؤسسات التعليمية والمصانع والمنشآت السياحية. الطاقة الشمسية ويسعى التونسيون إلى تعزيز الإعتماد على الطاقة الشمسية كون البلد يستقبل 3000 ساعة من الشمس سنوياً. وفي هذا الإطار أنشأ التونسيون أكثر من 65 ألف لاقط شمسي، وباتت الأسر تتسابق لشراء السخانات الشمسية، ويُتوقع بناء 500 ألف متر مربع من السخانات المنزلية خلال هذه السنة. وتُستخدم اللواقط أيضا في الحمامات التركية والفنادق والمبيتات الجامعية وكهربة الأرياف. لا بل انتقل التونسيون أخيرا إلى درس إمكانات إقامة محطات لتوليد الكهرباء بالإعتماد على الطاقة الشمسية. وفي سياق متصل أتى إنشاء شركة «ترانسغرين» Transgreen التونسية الإيطالية أخيراً لدرس نقل الطاقة الكهربائية المنتجة في الضفة الجنوبية إلى بلدان الضفة الشمالية. ولا تزال الطاقة الشمسية غير مستثمرة في بلدان حوض المتوسط، فلا تستخدم البلدان المشاطئة سوى 4 في المئة من الطاقة الممكنة، على رغم كونها مُعرضة لأشعة الشمس في غالبية أيام السنة. وقال مسؤول في الشركة إنها تسعى إلى إنشاء شبكة لتيسير نقل الطاقة المتجددة بين ضفتي المتوسط، في إطار «الخطة الشمسية المتوسطية» التي ترمي إلى إنتاج 20 جيغاويت من الكهرباء في أفق 2020. وتبدأ المراحل الأولى بتصدير 5 جيغاويت من الطاقة الشمسية المُنتجة في مناطق بعيدة عن أسواق الإستهلاك إلى أوروبا، بخاصة إيطاليا واسبانيا. ويأمل التونسيون في زيادة حجم منتوجهم من الكهرباء من 3500 ميغاويت إلى 5000 في غضون أربعة أعوام.