أكدت شركة دولية متخصصة في الدراسات المسحية أن من المخاطر التي سيعاني منها قطاع البناء والتشييد في دول مجلس التعاون الخليجي مسألة الحصول على المال لتمويل المشاريع، إضافة إلى زيادة النمو الذي يعتبر من أهم المخاطر التي ربما تبدد حال التفاؤل في هذا القطاع العام. وكشف الاستطلاع الذي أجرته شركة المحاماة البريطانية الدولية بنسنت ماسونز عن وجود حال من التفاؤل المتزايد في قطاع البناء والتشييد في دول المجلس، إلا أن هذا التفاؤل مرتبط باتخاذ إجراءات لمعالجة المخاوف المالية، والتي لا تزال تؤثر في القطاع. وأظهر الاستطلاع أن 90 في المئة من الشركات تنظر بقدر أكبر من التفاؤل حول هذا القطاع، في حين أشارت 77 في المئة من الشركات إلى نمو صحي في الطلب على هذا القطاع للأشهر ال12 المقبلة مقارنة بالعام السابق. ومع ذلك، أفاد 96 في المئة ممن شملهم الاستطلاع، الذي شارك فيه بعض من أكبر شركات المقاولات في المنطقة والمطورين والاستشاريين وأصحاب المصلحة الآخرين، بأن كلفة رأس المال للمشاريع كانت بنسبة 43 في المئة أو أكثر كلفة بنسبة 53 في المئة مما كانت عليه عام 2012، في حين أشار 4 في المئة فقط إلى انخفاض كلفة رأس المال، كما أن توافر السيولة النقدية تشكل مصدر قلق آخر، إذ أبدت 62 في المئة من الشركات مخاوفها حول طول فترة السداد، إلا أن هذه النسبة جاءت أقل منها من استطلاع العام الماضي، إذ عبّرت فيه 78 في المئة من الشركات عن مخاوفها حيال هذه المسألة. وقال رئيس شركة بنسنت ماسونز في منطقة الخليج ساشين كرور إن التوقعات المستقبلية لقطاع البناء والتشييد في منطقة الخليج تعطينا صورة إيجابية للغاية في هذا القطاع خلال العام المقبل، وتشكل حال الانتعاش الكبيرة في سوق البناء والتشييد أساساً قوياً لاستمرارية النمو في العام الحالي، لكن يبقى علينا الاستفادة من إمكانات هذا القطاع في هذه الفترة الحرجة. ومما لا شك فيه أن الأحداث المستقبلية الكبرى في المنطقة مثل فوز دبي باستضافة معرض إكسبو 2020، وبطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر ربما أعطت زخماً أكبر لهذا القطاع. وأضاف: «ينبغي علينا معالجة المسائل الشائكة المتصلة بالتمويل، إذ تشير الشركات العاملة في هذا القطاع إلى أن رأس المال للمشاريع أصبح أكثر كلفة، وأن الحصول على التمويل للمشاريع بات يشكل مصدر قلق لها، كما أوضحوا بأن هوامش أرباحهم تقلصت بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج والضغوط المرتبطة بالتضخم». وأوضح كرور: «لا تزال الطرق التقليدية للحصول على تمويل من المصارف متاحة بشكل أقل مما كان عليه الحال في الماضي، إذ يبدو بأن الاتجاه الذي ستعتمده المصارف هو الذهاب مباشرة إلى المستثمرين عبر إصدار السندات وغيرها من أشكال التمويل، والتي ستشهد نمواً في الوقت الذي يستعد فيه مختلف اللاعبين في هذا القطاع لتطوير مشاريع مهمة من المرجح أن يتم شراؤها، وهذا بدوره يقدم فرصة حقيقية للمستثمرين، وفي بعض الحالات ربما لا يكون للدولة تأثير كبير على ذلك، لكن ربما يكون لها دور في اعتماد شروط الدفع القياسية لتحسين التدفق النقدي وتقليل فترة التأخير في الدفع». وأضاف: «لمسنا من خلال هذا الاستطلاع بأن الشراكات بين القطاعين العام والخاص تضاعفت مقارنة بنتائج العام السابق، ما يعكس توجهاً متزايداً للسير بهذا الاتجاه الذي سيشكل جزءاً مهماً من الشراكات خلال الأعوام المقبلة، موضحاً أنهم شهدوا في عدد من الأسواق التي يعملون فيها رغبة متزايدة في تقاسم المخاطر والمكافآت بين الحكومات والمستثمرين من القطاع الخاص». وأشار كرور إلى أن 50 في المئة من المستطلعة آراؤهم يرون أن هناك نقصاً في القوى العاملة المؤهلة، ما يشكل عائقا رئيساً أمام عملية النمو، مؤكداً أن المؤسسات والشركات بحاجة إلى الاستثمار في برامج التطوير الداخلي فيها، للضمان بأن يكون أفرادها أكثر دراية بالحاجات المحددة للأعمال في المنطقة، التي ستمكنهم في نهاية المطاف من تقديم استراتيجية واضحة، ودفع الابتكار وتحقيق النمو. ولفت إلى أن المؤسسات الأكاديمية في دول مجلس التعاون الخليجي بحاجة إلى بذل المزيد من الجهود لتوفير برامج أكاديمية ودورات تلبي المهارات التي يتطلبها هذا القطاع، كما ينبغي أن يكون هناك حوار منتظم ومفتوح بين الجامعات، وموفري برامج التدريب وأصحاب العمل لضمان عقد دورات وبرامج متخصصة لرجال الأعمال واقتصاديات المنطقة.