بعد سنوات طويلة من النمو والازدهار في قطاع البناء والتشييد العالمي, توقع الكثير الكساد الذي واجهه القطاع في السنتين الأخيرتين بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية. ولالقاء نظرة معمقة عن تبعات الأزمة العالمية على القطاع العقاري, قامت شركة كي بي ام جي العالمية بإعداد دراسة تستشرف فيها مستقبل قطاع البناء والتشييد حول العالم, تمت خلالها مقابلة وجمع آراء أكثر من مائة من قادة كبرى الشركات العالمية في قطاع التشييد والبناء في 30 دولة حول العالم وأظهرت الدراسة تفاؤلا بمستقبل قطاع البناء والتشييد في عام 2010 على الرغم من تراجع الطلب على العقار التجاري والسكني حول العالم في ظل ضعف التمويل الذي سببته الأزمة العالمية. عن هذا الموضوع يقول عبدالله بن حمد الفوزان رئيس شركة كي بي ام جي الفوزان والسدحان "هناك تصور أن الأزمة العالمية قد دمرت قطاع البناء والتشييد, في حين أنها أثرث بشكل كبير في الطريقة التي تتعامل بها الشركات العقارية. وجدنا أن الشركات تعتبر هذه الظروف بمثابة فرص لمراجعة الأوضاع والهيكلة الداخلية للشركة, بما يعدها ويهيئها للنجاح عند عودة القطاع للانتعاش مرة أخرى". وعن تأثير الأزمة على توفر فرص العمل بقطاع البناء أشار 53% من المشاركين بالاستطلاع أن فرص العمل في مجال البناء والتشييد قد ترتفع أو تبقى عند نفس المستوى, فيما أشار 44% إلى توقعهم بحدوث انخفاض فيها. فيما بدت شركات التعاقدات في أوروبا والشرق الأوسط الأكثر تضررًا مع توقع أكثر من 54% منهم بحدوث انخفاض في الأرباح. وتظهر الدراسة أن مستقبل القطاع يعد بمحفزات حكومية لتنشيط الاستثمار في البنى التحتية. لكن هناك شكوك في حجم الأموال التي سيتم توفيرها وهل ستجد طريقها لجذب اهتمام الشركات العقارية حول العالم. وفيما يعتقد 12% فقط من المشاركين بالاستطلاع حول العالم أن الإجراءات والمحفزات الحكومية ستعطي دفعة إيجابية خلال الأربع وعشرين شهرا القادمة, يقول 43% من المشاركين في أوروبا والشرق الأوسط أنه لن يكون لها تأثير خلال هذه المدة. وعلى النقيض يعتقد 73% من الأمريكيين ببعض التأثير قبل منتصف عام 2011. تشير الدراسة أيضا إلى مزيد من التفاؤل بقدرة قطاع البناء والتشييد على الابقاء على موظفيه المميزين خلال الأزمة العالمية. وبما يدعو للاستغراب, يظهر 35% ممن شاركوا بالاستطلاع أنهم لم يخفضوا القوة العاملة على الإطلاق خلال الأزمة. في الواقع, عدد قليل من شركات التعاقدات شعرت بالحاجة لخفض تكاليف اليد العاملة عن طريق خفضها للرواتب وتقليل ساعات العمل أو اعطاء إجازات غير مدفوعة الأجر. وفي خطوة جريئة جدا في ظل الأزمة العالمية, لم تقم 28% من الشركات المشاركة بالاستبيان بأي اجراء على الاطلاق. بالنظر إلى استبيان عام 2008 نجد شعورًا بوجود قلة في المواهب في قطاع البناء والتشييد. ومن غير المستغرب أن تتردد الشركات في التخلص من موظفيها المميزين. وتعليقا على ذلك, يضيف الفوزان: "الشركات تدرك جيدًا أن القطاع العقاري يرتكز كثيرًا على مواهب وقدرات موظفي الشركة. وعندما يعود الانتعاش للقطاع تحرص الشركات على أن تكون لديها القدرة والخبرة اللازمة لاستغلال الفرص المتاحة". تظهر دراسة شركة كي بي ام جي في قطاع البناء والتشييد أن الركود الاقتصادي بدلا من أن يضعف الشركات كما هو متوقع, قام بتكثيف جهودها وخبرتها لإدارة المخاطر المرتبطة بالمشاريع. فما كان يعتبر نقطة ضعف في القطاع يلقى الآن اهتمامًا مستمرًا. حيث أشار 73% من المشاركين أنهم ضاعفوا من جهودهم خلال الاثني عشر شهرًا الماضية للتحقق من استقرار الوضع المالي للعملاء. فيما أشار غالبية المستَطلعين إلى مزيد من التحليلات المعمقة لدراسة المشاريع الضخمة, ومضاعفة الجهود لتحسين إدارة الشركة للمخاطر. وفي نهاية التقرير, وبالإشارة للطريقة التي تعد بها التقارير المالية, يعتقد أكثر من 80% من المستطلعين أن الالتزام بالمعايير الدولية للتقارير المالية (IFRS) سيكون له تأثير إيجابي على القطاع.