أكدت الدكتورة سهام عبدالرحمن الصويّغ في الورقة الرئيسة التي قدمتها في مؤتمر اليونيسكو العربي الإقليمي المنعقد في دمشق والذي افتتحته السيدة أسماء الأسد، أن الأبحاث العلمية أثبتت بصورة قاطعة أهمية سنوات الطفولة المبكرة (0-8 سنوات) في تطور ذكاء الطفل ونمو شخصيته المستقبلية. وتم تكليف الصويع من مكتب اليونيسكو - بيروت بإعداد تقرير توليفي عن الطفولة المبكرة في المنطقة العربية يتضمن المرتكزات الأساسية للحوار بين المختصين أثناء عقد جلسات المؤتمر الإقليمي الذي يهدف إلى تطوير إطار عمل إقليمي للسياسات والبرامج في مجال الطفولة المبكرة. وأشارت خلال عرضها وتحليلها الى أن التقرير اعتمد على المعلومات الواردة من 15 دولة عربية شاركت في الإجابة عن الاستبيان الذي أرسلته اليونيسكو إلى كل بلدان المنطقة العربية. واستعرضت الصويغ في ورقتها الوضع الراهن للسياسات والبرامج والخدمات المقدمة للأطفال في البلدان العربية، مؤكدة أهمية تحسين رعاية الأطفال (حتى سن 8 سنوات) وتربيتهم، خصوصاً أن البراهين البحثية تشير إلى التأثيرات الإيجابية البعيدة الأمد لبرامج الرعاية والتربية، اذ إنها تؤدي إلى استعداد أفضل لدخول الطفل المدرسة. وإضافة الى ذلك تحسّن التحصيل الدراسي والمواظبة والحد من التسرّب والرسوب، وزيادة نسبة اتمام الشباب المرحلة الثانوية ثم الجامعية، وحصولهم على معدل أعلى في التوظيف. كما أثبتت الدراسات أن الأفراد الذين حصلوا على رعاية وتربية عالية الجودة في طفولتهم أظهروا قابلية أقل للتورط في انحرافات المراهقة والإجرام في فترة الرشد ونقصان حاجتهم الى خدمات الضمان الاجتماعي أو الإعانة الحكومية. وذكرت أن نسبة التحاق الأطفال ببرامج الطفولة المبكرة (3-6 سنوات) تتباين تبايناً كبيراً بين الدول العربية: من نسبة تفوق 80 في المئة في الكويت والإمارات الى أقل من 5 في المئة في اليمن وموريتانيا وجيبوتي. وأضافت أن نسبة القيد الإجمالي المتوسط في البلدان العربية لا تزال أقل بكثير من المتوسط العالمي على رغم أن هناك تحسناً طفيفاً من 15 في المئة، عام 1999 إلى 19 في المئة، عام 2007. وأظهرت النتائج تحسناً ملموساً في السنوات العشر الأخيرة للبرامج الصحية للأطفال، لا سيما في مجال التطعيم الوطني والصحة الإنجابية، ولكن لا تزال هناك أوجه تقصير في خدمات التغذية وبرامج الصحة المدرسية. وبالنسبة الى الأطفال ذوي الحاجات الخاصة، أشارت الصويغ إلى أن غالبية الدول العربية تبذل جهوداً في المجال، إلا أن هناك ندرة في برامج التدخل المبكر. أما الأطفال المهمشون والمحرومون بمن فيهم الذين يعيشون في الأرياف واللاجئون، فلفتت الى ضعف البرامج الموجهة اليهم على رغم كونهم أكثر الأطفال حاجة اليها وأكثرهم استفادة منها. وفي ختام مداخلتها، أوردت أن الإرادة السياسية تأتي في مقدم العوامل المؤثرة في تحسين أوضاع الطفولة المبكرة، كما شددت على أهمية اعتماد استراتيجية وطنية لرعاية الطفولة المبكرة وخطة عمل بموازنة واضحة ومحددة لتنفيذ برامج شاملة لكل نواحي النمو الصحي والغذائي والتربوي والاجتماعي النفسي.