يتجه الرئيس المكلف تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة سعد الحريري إلى إنجاز تشكيلها في سرعة، ولم يستبعد في ختام استشاراته الروتينية مع الكتل النيابية بعد ظهر أمس، أن ترى النور قبل عيد الاستقلال في 22 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، ولو فرض ذلك خرق بعض المبادئ التي توافق عليها مع رئيس الجمهورية ميشال عون، ومنها المداورة في الحقائب بين الطوائف والقوى السياسية، خصوصاً أن عمرها سيكون قصيراً، كونها انتقاليةً ومن مهماتها الأساسية الإشراف على الانتخابات النيابية في ربيع العام المقبل. (للمزيد) وعلمت «الحياة» أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي سيصل إلى بيروت غداً سيلتقي الرئيس الحريري بعد غد الثلثاء إضافة إلى لقائه الرئيس عون ورئيس البرلمان نبيه بري. وهو أول لقاء للحريري مع مسؤول إيراني منذ أكثر من 5 سنوات. وفيما التقى الحريري عصر أمس الرئيس عون لجوجلة حصيلة مطالب الكتل النيابية الكثيرة بالتوزير والحقائب وردود الفعل على تكليفه، على أن يعودا الى الاجتماع الأسبوع المقبل لاستكمال البحث، فإن العمل الجدي للتأليف وتوزيع الحصص والحقائب بدأ بعد انتهاء المشاورات التقليدية، كما قالت مصادر مقربة من عون والحريري. وقالت المصادر نفسها إنه على رغم التسريبات حول أسماء مرشحين للتوزير وتولي فرقاء حقائب معينة في التشكيلة التي ستكون من 30 وزيراً، فإنها لا تعدو كونها تكهنات، لأن البحث الجدي بدأ مساء أمس. وتشترك مصادر مختلفة في تعداد بعض الوقائع التي رافقت الاستشارات التقليدية التي أجراها الحريري كالآتي: - أن رئيس البرلمان نبيه بري نصح الحريري حين التقاه أول من أمس، بإشراك حزب «الكتائب» الذي يرأسه النائب سامي الجميل و «تيار المردة» برئاسة النائب سليمان فرنجية في التركيبة الحكومية، لأن هذا يعطي الحكومة صفة الوفاق الوطني التي أطلقها عليها الحريري نفسه. وقالت مصادر موثوق بها ل «الحياة»، إن بري قدم النصيحة على رغم أن «الكتائب» ليس من حلفائه، لأنه يتوخى أن تكون الحكومة جامعة. - أن لقاء الحريري مع كتلة نواب «حزب الله» كان مريحاً وإيجابياً، بعدما كرر رئيس الكتلة محمد رعد ما أعلنه الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله عن تفويضه الرئيس بري التفاوض باسمه على حصته والحقائب، من دون تناول هذه الأمور خلال الاستشارات. وأوضحت مصادر أن الحزب يعتبر أن انتخاب عون تطور إيجابي وأن الحريري بدا مرتاحاً بدوره إلى إعلان نصرالله عن الرغبة في المساعدة بتسهيل تأليف الحكومة. وعلمت «الحياة» أن الحريري ورعد تناولا، كلٌّ من موقعه، أولويات المرحلة، من القضايا الاجتماعية الملحة وقانون الانتخاب وصون الأمن والاستقرار، كما أنهما تطرقا إلى الخلاف حول السياسة الخارجية والوضع الإقليمي، فكررا مواقفهما المعروفة حيالها، من سورية إلى غيرها. وعلمت «الحياة» أن الأجواء المريحة خلال اللقاء دفعت الحريري إلى السؤال بلياقة عن السيد نصرالله وأحواله وصحته، وأنه قال لنواب الكتلة: «سلموا لي على السيد»، ولم يحمّلهم رسالة إليه كما أشيع أمس. ويُنتظر أن يتابع «حزب الله» و «تيار المستقبل» الحوار الثنائي بينهما برعاية بري الأربعاء المقبل. - فهم بعض النواب الذين التقاهم الحريري أمس، أن 4 كتل نيابية طالبت بحقيبة المال، وأنه أبلغ منذ أول من أمس أكثر من كتلة طالبته باعتماد مبدأ المداورة في الحقائب بأنه يريد التزام هذا المبدأ، لكن الاستجابة إلى مطلب إبقاء حقيبة المال في حوزة من يسميه الرئيس بري (يتولاها في الحكومة الحالية الوزير علي حسن خليل ويتم التداول باسم النائب ياسين جابر للحلول مكانه فيها ليتولى خليل غيرها) قد توجب خرق مبدأ المداورة في بعض الحقائب. ويشير بعض المصادر الى أن هذا الخرق قد يؤدي إلى استثناء الحقائب السيادية الأربع من المداورة، أي الدفاع والداخلية التي يرجح بقاؤها في حوزة الوزير نهاد المشنوق، والخارجية، إضافة إلى المال. إلا أن المشكلة التي تحتاج إلى المعالجة هي اعتراض «حزب الله» على تلبية مطلب حزب «القوات اللبنانية» الحصول على إحدى الحقيبتين السياديتين اللتين يتولاهما مسيحيان، في وقت يتردد أن «القوات» اتفق مع الرئيس عون على تولي وزير منه إحداهما. - أن مصادر مقربة من عون تعتبر أن المراهنة على تسريع تأليف الحكومة لضمان انطلاقة سريعة ومريحة للعهد، تعتمد في جزء منها على تحول العلاقة بين رئيس الجمهورية والحريري إلى علاقة وثيقة وحميمة جعلت الكيمياء تسري بينهما إلى أقصى الحدود بحيث يسعى كل منهما إلى إنجاح الآخر، ويمتدح الآخر في مجالسه الخاصة في شكل لافت.