استهل الرئيس اللبناني ميشال عون يوم العمل الأول له في القصر الجمهوري بلقاءات سياسية وأمنية وإدارية، أبرزها اللقاء مع قائد الجيش العماد جان قهوجي الذي هنأه بانتخابه، وعرض معه أوضاع المؤسسة العسكرية والأوضاع الأمنية في لبنان. وكان قهوجي وقع مذكرة أمس، بفصل التشكيلات، وعين العميد سليم الفغالي قائداً للحرس الجمهوري، على أن يتسلم مهماته في 7 الجاري. وترأس عون اجتماع عمل ضم المدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير والمديرين العامين والمستشارين في الرئاسة، واطلع خلاله على الهيكلية الإدارية وتوزيع المهمات في مختلف وحدات المديرية العامة وفروعها. وأعطى توجيهاته بضرورة التعاون بين مختلف مديريات الرئاسة في إطار فريق عمل واحد منسجم ومنتج، ضمن الأنظمة والقوانين المرعية الإجراء. وتلقى عون تهاني النائب السابق لرئيس مجلس الوزراء اللبناني عصام فارس الذي حضر خصيصاً الى لبنان لهذه المهمة. وحضر اللقاء وزير الخارجية جبران باسيل ونجلا فارس، فارس ونجاد. واستبقى عون ضيفه وزوجته هلا ونجليه الى الغداء. وقال فارس لدى مغادرته قصر بعبدا: «أتينا لتهنئة الرئيس ولبنان ومن ثم العودة الى أعمالنا (عاد الى لندن). اجتزنا مشاكل وصعوبات عدة، لكننا باقون وسيبقى لبنان بمحبتكم، وليمنحكم الله القوة». وعما إذا كانت عودته مطروحة «نائباً لرئيس مجلس الوزراء»، قال: «هذه الأمور ليست واردة معنا، نحن في أي موقع كنا فيه نكون في خدمة لبنان». وأشار الى أنه «ترك لبنان منذ 11 سنة و6 أشهر»، لكنه شدد على أنه لم يفقد «الثقة إطلاقاً خلال كل العهود، وكنا دائمي الإيمان بأن لبنان باق. لكنّ للرئيس عون مودة ومكانة خاصتين. وحتى لو تم انتخاب الوزير سليمان فرنجية لكنت أتيت لتهنئته، إذ كنت وعدته بذلك. وهو قال لي: ستأتي وتبقى الى جانبي. وأجبت حينها: آتي لأقبلك على الخدين مهنئاً وأعود. لكن للرئيس عون منزلة خاصة، هو عاد الى لبنان في 7 أيار وأنا تركت في 8 منه. لكن إيماني به ظل كبيراً. وسيولد لبنان الجديد». ورأى أن «وضعنا الجغرافي يضعنا في منطقة شديدة الالتهاب. ونشكر الله لأننا بعيدون عن لهيب الحرائق. وستنطفئ هذه الحرائق وسيبقى لبنان صامداً ويعود الى عزه وفرادته. والعالم بأسره ملتزم محبة لبنان، وأظهر لنا هذه المحبة خصوصاً في الغرب». وشدد على أن «منطقة عكار صمام الأمان للبنان، وترفد الجيش بمعظم عناصره». دريان وتلقى عون اتصالات تهنئة من شخصيات رسمية وسياسية وروحية، أبرزها مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الذي أمل، وفق بيان صادر عن مكتبه ب «أن يعود لبنان الى دوره القيادي والمركزي إقليمياً ودولياً بما يحقق المصالح العليا للأمة العربية، وأهداف الشعب وتطلعاته في تطوير الدولة وتفعيل دورة المؤسسات الدستورية التي بحاجة الى الكثير من العمل بالتعاون والوحدة مع رئيس الحكومة المقبل وبمساعدة القوى السياسية في البلد». وشكر دريان «الرئيس سعد الحريري وكل القيادات اللبنانية على الجهود التي بذلوها وضحوا من أجل تحقيق هذا الإنجاز الرئاسي». آملاً ب «ألا يستغرق تشكيل الحكومة وقتاً طويلاً، لأن البلد لا يحتمل التأخير». واتصل بعون مهنئاً رئيس المجلس العلوي الإسلامي الشيخ اسد عاصي ومتروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة. وكان نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان هنأ في بيان عون «على الثقة التي أولاه إياها ممثلو الشعب»، متمنياً له «التوفيق والنجاح في قيادة سفينة الوطن الى شاطئ الأمن والاستقرار والازدهار». وتمنى قبلان أن يكون العهد الجديد «بشارة خير على لبنان واللبنانيين في إطلاق عجلة الإصلاح التي تؤسس لقيامة دولة القانون والمؤسسات التي تجعل من المواطن معياراً لرعاية كريمة للدولة بمنأى عن انتمائه الطائفي والسياسي والمناطقي». ودعا الى «أن يقر المجلس النيابي قانوناً عصرياً للانتخابات يحقق العدالة في التمثيل ويخرج اللبنانيين من القيد الطائفي والغبن السياسي». وخاطب قبلان الرئيس المنتخب بالقول: «نريدك عوناً لكل اللبنانيين محافظاً على وحدتنا الوطنية ومرسخاً لعيشنا المشترك، متعاوناً مع كل المكونات السياسية والطائفية، فتحقق آمال وتطلعات اللبنانيين وتتحسس آلامهم ومعاناتهم ليأمنوا على مستقبل أبنائهم واستقرارهم المعيشي والاجتماعي، فتحفظ الوطن بحفظ شعبه وجيشه ومقاومته ليظل لبنان سداً منيعاً بوجه الإرهاب الصهيوني والتكفيري الذي يتهدد لبنان في أمنه وحدوده وسيادته واستقراره». عون يتلقى تهاني عربية ودولية تواصلت أمس التهاني العربية والدولية للرئيس اللبناني المنتخب ميشال عون. وأكد العاهل الأردني عبدالله الثاني، في برقيته «حرصنا على توطيد أواصر التعاون بين بلدينا الشقيقين، وتمتين أطر الشراكة في مختلف المجالات، بما يحقق مصالح شعبينا، ويعزز مسيرة العمل العربي المشترك». وعبّر عن «ثقتنا الكاملة بأن بلدكم الشقيق سيتمكن بقيادتكم الحكيمة، من تعزيز وحدته الوطنية، وتجاوز مختلف التحديات التي تواجهه، بما يحفظ أمنه واستقراره». وتمنى سلطان عمان قابوس بن سعيد «لعلاقات الأخوة والتعاون بين بلدينا مزيداً من التطور والنمو، لما فيه الخير للشعبين». وكان عون تلقى اتصالاً من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أول من أمس مهنئاً، وواضعاً «إمكانات بلاده بتصرف لبنان». ورأى الرئيس الألماني يواكيم غاوك أن انتخاب عون «يجدد الأمل بقوة الديموقراطية اللبنانية ومنعتها وقدرتها، حتى في ظل الظروف الصعبة، على تجاوز الانقسامات السياسية وصنع المستقبل». وتوجه إليه بالقول: «كممثل عن وحدة لبنان، تقع على عاتقكم المسؤولية الكبيرة في الحفاظ على الاستقرار السياسي والاجتماعي، في ظل الظرف البالغ الصعوبة». وكان وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون اعتبر أن انتخاب عون يفتح صفحة جديدة للبنان»، مؤكداً «انني أتطلع قدماً للتعاون البريطاني القوي مع لبنان على أساس الالتزام بإعلان بعبدا، ومؤسسات لبنانية أكثر قوة، واتفاقات دولية من بينها قرارات مجلس الأمن والالتزامات المعلنة خلال مؤتمر لندن 2016». وشدد على أنها «مرحلة مليئة بالتحديات، وما يحتاجه لبنان فوق كل شيء قيادة موحدة تعمل لمصلحة اللبنانيين. وتظل المملكة المتحدة ثابتة بالتزامها تجاه لبنان، وتتطلع قدماً للعمل مع الرئيس عون». وانتقد الناطق باسم الخارجية الأميركية جون كيربي «الدعم الذي يقدمه «حزب الله» للرئيس اللبناني الجديد». وقال: «ندرك الدعم الذي تلقاه من حزب الله الذي هو منظمة إرهابية أجنبية. ونبقى قلقين جداً إزاء ما يقوم به الحزب في المنطقة»، لافتاً إلى «أننا سنحكم على الرئيس بناء على القرارات والإجراءات التي سيتخذها في تشكيل وتوجيه الحكومة». وعن احتمال أن يلعب الحزب دوراً أكبر في الحكومة، قال: «هذه ليست النتيجة التي نود رؤيتها». وتمنت الخارجية التركية لعون «التوفيق في مهماته». وأكدت أنه من «المهم حصول المصالحة بين جميع الأطياف السياسية لحل الأزمة ضمن إطار دستوري يضمن منفعة جميع أطياف الشعب»، آملة بأن «يكون لهذه المستجدات تأثير إيجابي في الأمن والاستقرار في المنطقة». كما تمنت «تشكيل الحكومة في وقت قريب وتفعيل المؤسسات الحكومية»، مؤكدة أن «تركيا ستستمر في دعم الاستقرار والأمن في لبنان». وأكدت الحكومة الإسبانية «مواصلة التعاون مع المؤسسات اللبنانية كافة لترسيخ وتحسين العلاقات بين إسبانيا ولبنان»، مؤكداً «التزام الحكومة الكامل استقرار لبنان وسيادته ووحدة وسلامة أراضيه». وجددت «تضامنها مع الجهود الذي يبذلها لبنان لاستقبال عدد كبير من اللاجئين السوريين». وهنأت السفارة السودانية لدى لبنان «عون الذي انتخب بتوافق وطني كامل». المواقف المحلية وفي بيروت، عكست المواقف من جانب قوى معارضة سياسة اليد الممدودة من دون التخلي عن المعارضة عند الحاجة. وكان انتخاب عون والمرحلة المقبلة مدار بحث بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري وكل من الرئيس نجيب ميقاتي ووزير الاتصالات بطرس حرب الذي أكد أن «انتخاب رئيس أمر إيجابي». وقال: «ميشال عون بات رئيساً لكل اللبنانيين وسنتعامل معه على هذا الأساس». وإذ أشار الى أنه لم يصوت لعون، قال إن «من واجب الجميع التعاون معه لمصلحة لبنان. إذا أحسن عهده سنكون من المؤيدين، ورأينا في عهده سيكون مرتبطاً في شكل الحكومة وبالبيان الوزاري». وأعلن أنه سيشارك في الاستشارات الملزمة، وسيسمي الرئيس سعد الحريري، آملاً ب «تشكيل حكومة من أكثرية موالية وعدم إشراك المعارضة لكي تستقيم أمور الحكم، لأن كل تجارب حكومات الوفاق الوطني فشلت». وقال: «اذا كنا في المعارضة، فلن تكون موجهة ضد الرئيس بل نتعاون معه». وقال وزير الاقتصاد آلان حكيم (حزب الكتائب): «سنكون أشرف المعارضين عند الحاجة وسنمد يدنا للرئيس في كل الأمور التي تتلاقى مع مبادئنا لمصلحة الوطن». ودعا النائب مروان حمادة الى «عدم الاستسلام أمام التشاؤم حيال مسألة إيجاد قانون جديد للانتخابات، نظراً الى تعقيدات الديموغرافيا السياسية،». وقال: «المسألة تتعلق الآن بحجم النواب المؤيدين لحجم النسبية أو الأكثرية في القانون، لأن هنا تكمن المسألة للوصول الى دوائر انتخابية تنتج مساواة تمثيلية وتتفادى التحجيم».وتوقع النائب انطوان زهرا ان تشهد «مشاورات التأليف رفع سقف المطالب». عبيد: نضع انفسنا لإنجاحه وتحدث الوزير السابق جان عبيد عن «تسهيل قيادة المملكة العربية السعودية لهذا الانجاز الوطني واندفاع الرئيس الحريري نحو هذا الاختيار الى جانب التأييد الواسع والمستمر من داعميه في المجلس وخارجه واحترام خصومه ومنافسيه له ونضع أنفسنا ومن دون قيد أو شرط في خدمة إنجاحه والوفاء لصداقته بصرف النظر عن تقلبات السياسة». وأبدت جمعية مصارف لبنان «ارتياحها الى أجواء الانفراج السياسي التي ولّدها انتخاب رئيس»، آملة ب«الإسراع في تأليف الحكومة». ورأت أن «استعادة موقع لبنان الإقتصادي على خريطة المنطقة مسألة نأمل بأن تحتلّ حيّزاً محورياً لدى الحكومة». وتمنى «المركز المدنيّ للمبادرة الوطنيّة»، على عون أن «تكون رئيساً للدولة بالفعل. أنت محكوم في عملك بالدستور، الواجب التطبيق، بلا استثناء، الممكن التعديل، بالحوار الوطنيّ الصحيح، ومن ضمن المؤسّسات، بصحّة الإجراءات...» ، لافتاً الى أن «الشعب لا يحتاج الى منظّمات طائفيّة، من الأبعدين أو الأقربين، والدولة المعلّق بناؤها تحتاج إلى رئيس لها، وليس لدول أجنبيّة، والدستور يقضي بأنْ يكون أول أعمالك بدء المشاورات لتكوين حكومة انتخابات، تبتّ مشروع قانون الانتخاب وإجراء الانتخابات من دون إبطاء، وليس لمجلس الأمر الواقع، المنتهية ولايته، والنسبيّة هي النظام في التمثيل النيابيّ».