تشهد سوق العقارات المصرية وهي من أهم القطاعات الاقتصادية في مصر، زيادة في الطلب على المعروض بسبب ازدياد الحوافز لدخول القطاع الخاص في مشاريع الإسكان، واهتمام الحكومة ومتابعتها التي تستهدف تقليص فجوة الطلب بالدفع إلى مزيد من المشاريع المتناسبة مع الفئات الأقل حظاً في المجتمع. إذ نجح قطاع العقارات وفقاً لشركة «المزايا القابضة» في تقرير أسبوعي، «في استقطاب استثمارات خارجية ومحلية كبيرة أفضت إلى انتعاش السوق العقارية، على رغم الأزمة المالية والصعوبات التي تمرّ فيها حالياً، ما شكل عاملاً إيجابياً في تعزيز جاذبية الاستثمار العقاري». ولفت التقرير إلى توقعات تفيد بأن «عدم استقرار الأسواق العقارية والتقلّبات القوية التي تسجلها ستصل إلى مستوى أزمة تصيب القطاع العقاري مباشرة، فضلاً عن ارتفاع الطلب على العقارات وكذلك أسعارها»، إذ تمثل الاستثمار الوحيد الذي يمكن أن «تلجأ إليه السيولة الاستثمارية، تفادياً لانهيار محتمل في سعر الجنيه الذي سيؤثر في قيمة النقد المودع في البنوك أو أسواق المال، ما سيؤدي إلى فقاعات في الأسعار يصعب التخلص منها خلال فترة قصيرة». ورصدت «المزايا» عدم استقرار «تشهده السوق المصرية حالياً، بسبب عدم توازن قوته وآليات العرض والطلب، وازدياد نسبة السكان الذين لا يستطيعون الحصول على سكن مناسب بالأسعار المتداولة». يُضاف إلى ذلك «تفاوت الأسعار وارتفاعها من منطقة إلى أخرى، وتراجع القدرة الشرائية لدى المواطنيين المصريين». واعتبرت أن «مؤشرات الأسعار في السوق العقارية تمثل تحدياً حقيقياً وصعوبات كبيرة لشركات التطوير العقاري في بيع الوحدات السكنية والعقارية الجاهزة بالأسعار المتداولة». وشددت على ضرورة أن «يعالج المعنيون الاختلال في الأسعار المتداولة قبل تسجيل أزمة حقيقية في السوق، واتساع تداعياتها على الاقتصاد المصري، ما سيفضي إلى انحسار دور القطاع المصرفي وعدم تقديم التمويل الكافي للشركات العقارية والاستثمارية، في حال لم تسجل سوقا العقار والعملات حالة تصحيح واستقرار حقيقية». ورأى التقرير أن وضع السوق العقارية الحالي «يتطلب من الشركات والمستثمرين الاتجاه نحو ضخ مزيد من المشاريع والوحدات العقارية التي تستهدف فئات المجتمع الأقل دخلاً، لأنهم يشكلون النسبة الأعلى من السكان». وطلب «الحد من إنشاء الوحدات العقارية الفاخرة لتفادي أنهيار الأسعار والطلب، وتعزيز معدلات النمو الاقتصادي لضمان عدم الدخول في أزمة من نوع آخر». وأفاد بأن قطاع البناء «نما بنسب جيدة وصلت إلى 12 في المئة في الأشهر التسعة الأولى من السنة، مع بقاء التوقعات الحكومية قائمة بتسجيل نمو نسبته 4.5 في المئة». كما واصلت معدلات النمو الحالية والمتوقعة «ارتفاعها في آب (أغسطس) الماضي بالغة 16.4 في المئة على أساس سنوي». ونبّهت «المزايا» إلى أن «عدم توافر العملة الصعبة لدى البنوك التي تغذي التجارة الخارجية، سيكبّد التجار والمستثمرين في القطاع العقاري المصري خسائر كبيرة، والاتجاه نحو السوق السوداء لتأمين النقد الأجنبي بأسعار مرتفعة، وازدياد معدلات التضخم». إذ أوضحت أن «تفاقم الأزمة المالية الحالية نتجت من وجود اختلالات في إدارة النقد الأجنبي وآليات توفيره والحصول عليه». وعزا التقرير «تفاقم أزمة القطاع العقاري إلى تراجع قدرة القطاع السياحي على توليد مزيد من العملات الصعبة وتحديداً الدولار». فقد ظهرت «التأثيرات العميقة على الاقتصاد وقطاعاته الرئيسة، عندما بدأت باستخدام سياسات التعويم للعملة المحلية التي لم تعد الحل الأمثل للخروج من الأزمة، على رغم التوقعات السابقة التي بيّنت كفاءة التعويم في جذب الاستثمارات الأجنبية، وإعادة تحويلات المصريين في الخارج إلى مفاصل الاقتصاد المحلي». واعتبر أن «تنفيذ حزمة من الإصلاحات المتكاملة للقطاعات العقارية المصرية بالتوازي مع خطط التعويم، وتقديم ضمانات توافر النقد الأجنبي المخصص للاستيراد لمدة لا تقل عن ستة أشهر، بات ضرورة». وأكد «خطورة التطورات الحالية على السوق العقارية التي تسجل زيادة ملحوظة في أسعار العقارات والطلب العالي عليها منذ أكثر من 10 سنوات من قبل أصحاب السيولة والمستثمرين»، عازياً ذلك إلى «قيام البنك المركزي المصري بخفوضات متكررة على قيمة الجنيه أمام العملات الرئيسة». في المقابل، لاحظ التقرير أن ارتفاع معدلات التضخم «كان له تأثير متداخل على أسعار العقارات المتداولة حالياً». إذ تشير البيانات إلى أن «مصدر الارتفاع القياسي في الأسعار العقارية البالغة نسبته 20 في المئة خلال العام الماضي، هي الزيادة في أسعار الأراضي البالغة نحو 70 في المئة في محافظاتالقاهرة الكبرى. ووصل متوسط سعر المتر المربع للوحدات السكنية في القاهرة الجديدة إلى 1400 دولار، وسجل سعر المتر المربع في الوحدات السكنية والفلل 18 ألف جنيه (نحو ألفي دولار)، فيما تباينت الأسعار في العقارات وفق مستوى التشطيب والمساحة والموقع». وتوقعت «المزايا» أن «تدخل السوق العقارية المصرية الأزمة القائمة، وأن تستحوذ على حصة مرتفعة من التأثيرات السلبية الإجمالية التي تنعكس مباشرة او غير مباشرة على المواطن المصري، وقدرته على امتلاك العقارات، إذا لم تُتخذ التدابير المناسبة من أصحاب العلاقة». كما أن «استمرار ارتفاع الأسعار سيزيد احتمالات الركود، لعدم رغبة المواطنين في شراء الوحدات السكنية والعقارات بأسعار غير حقيقية». ولم تستبعد أن «تتجه قنوات التمويل إلى زيادة فترات التسديد لخفض قيمة الأقساط الشهرية على المصريين». وختم التقرير مشدداً على «ضرورة تجاوز الأزمة الحالية وتفادي الدخول فيها، من خلال اتجاه الشركات والمستثمرين نحو طرح مزيد من الوحدات العقارية ذات المساحات المتوسطة والصغيرة، وتحسين كفاءتها في التعامل مع تحديات السوق». إذ تتوافر في القطاع العقاري المصري فرص استثمارية متنوعة حالياً، تصلح للمستثمرين المصريين، نظراً إلى الشروط الموضوعة على آليات التصرف بالعملات الأجنبية والقيود المصاحبة لعمليات التحويل إلى الخارج».