تعد «الكليجا» من أهم المأكولات الشعبية وواحدة من الصناعات الغذائية الواعدة التي اشتهرت فيها منطقة القصيم، إذ تعتبر جزء من التراث الشعبي الذي لا يغيب عن الذاكرة التراثية لأبناء المنطقة. وكانت هذه الحلوى وما تزال رمزا للكرم والإهداء، وهي عبارة عن قرص مصنوع من دقيق البر والسكر وخليط من المقادير الطبيعية الخاصة، وتتميز بمذاقها الحلو اللذيذ، إضافة إلى طول فترة صلاحيتة استهلاكها، ماجعلها مناسبة لكل الفصول والأوقات. في حين استطاعت «الكليجا» الصمود بقوة أمام سيل الوجبات والأكلات المتنوعة التي اقتحمت الحياة المعاصرة، وأثبتت أنها المادة الأساسية في طبق الحلويات السعودية. وإنتاج «الكليجا» لم يعد هواية يمارسها بعض الأشخاص من باب المحافظة على الموروث الثقافي، إذ أصبحت صناعة استثمارية تضيف قيمة في اقتصاديات المنطقة ونشاطها التجاري، إذ تحاول مدينة حائل دخول مضمار المنافسه مع القصيم في موروثها الشعبي من خلال مهرجان «كليجا حائل» الذي يطلقه فرع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في حائل في ال10 من شهر صفر المقبل، وذلك في مركز الأمير سلطان الحضاري في حائل. ونقلت وكالة الانباء السعودية (واس) عن المدير العام للمهرجان في نسخته الأولى نايف سعود السلحوب قوله: إن هيئة السياحة أكملت تسجيل المشاركات وحجز المواقع، إضافة إلى إعتماد خطة عمل اللجان التنظيمية والتنسيق مع الجهات الأمنية والخدمية في المنطقة، مشيراً إلى أن المهرجان وعلى مدى أسبوع يستهدف مختلف فئات المجتمع بمشاركة أكثر من 50 سيدة منتجة . يقال أن أصل تسمية «الكليجا» مأخوذة من كلمة «كليشة»، وهي كلمة تركية المقصود بها الأداة الخشبية ذات النقوش المعروفة التي تطبع بها هذه الحلوى وتعطيها شكلها النهائي «المزكرش»، فيما يشير البعض إلى أن أصلها يعود إلى كلمة فارسية أو أردية تعني «الكعك». ويتداول الناس بعض الروايات الطريفة حول تسميتها، إذ يقال أن أحد المزارعين كان بخيلاً لا يأكل أبناؤه إلا وجبة واحدة في اليوم، فكانت زوجته تضطر إلى أن تصنع لابنتها وجبة من الدقيق (البر) لتناولها بعد خروج الزوج إلى المزرعة، وحين يقترب موعد عودة الزوج كانت تنادي على ابنتها قائلة: كوليه جا أبوك، ومع الأيام اختصرت العبارة لتصبح «كولي جا كولي جا»، ثم انتهت إلى كلمة «كليجا». وهناك أنواع مختلفة في الحجم والمذاق، ف«الكليجا» المتوافرة في السوق بأنواع مختلفة منها كبيرة ومتوسطة وصغيرة الحجم، ويعود ذلك إلى اختلاف طلبات وأذواق الزبائن فبعضهم يفضل الصغيرة التي يسهل تناولها في الأسفار والرحلات البرية، بينما يفضل البعض الآخر المتوسطة الحجم التي يكثر استهلاكها المنزلي ، أما النوع الأخير «الكليجا» الكبيرة، فهي الخيار الأفضل لتقديمها في المناسبات والأعراس ويتميز شكلها الجذاب «الكليجا» الأصلية والقديمة . أما من ناحية المذاق، فيوجد نوعين من الحلوى القديمة والجديدة، وحافظت«الكليجا» القديمة على مذاقها الأصلي بنكهتها المميزة اللذيذة أمام النوع الجديد أو ما يعرف «الكليجا بالتوفي»، والذي حاول البعض إدخال تحسينات وإضافات على مقادير الحلوى القديمة، وللنوع الجديد عشاقه ومحبيه، إلا أن القديمة تبقى المفضلة. وتصنع حلوى «الكليجا» باستخدام حشوات مختلفة من بينها التمر وتقدم في المناسبات المحلي، وهناك بعض الحلويات التقليدية التي اشتهرت فيها العديد من مناطق المملكة ومنها ، «ممروسة التمر»، «الفتيت»، «المفتت»، «المبثوث»، «الخبيصة». يذكر أن الأحساء أحيت مهرجان محلي في شباط (فبراير) الماضي أسهم في تسويق منتجاته داخل السعودية، عرضت إلى جوار منتجات التمور حلوى «الكليجا» في صورتها الطبيعية التي خطفت اهتمام الزوار. ويذكر أن «الكليجا» كانت غذاء يتزود به المسافر في رحلاته وسفراته، ويقال عن حديث ل«كبار السن» من الذين عايشوا وسافروا رحلات «العقيلات» (تجار ومحاربين انطلقوا من نجد قبل قرون عديدة وجابوا أنحاء المعمورة على ظهور الإبل أو المراكب) التي كانت تسير من القصيم إلى الشام وفلسطين ومصر، أن أمير القافلة كان يجمع الرجال عند موعد الانطلاق ويعطي كل واحد منهم عددا من أقراص «الكليجا»، لتكون زادا لهم في رحلتهم الطويلة التي تمتد إلى أشهر.