أبرمت الهيئة العامة للسياحة والآثار وأمانة المنطقة الشرقية، اتفاقاً أولياً، لإعادة تشييد برج «أبو الليف» الأثري، الذي شُيد في القرن ال16 الميلادي، على يد البرتغاليين، وقت احتلالهم لأجزاء من ساحل الخليج العربي. قبل أن يُطردوا منها. فيما دُمّر البرج على يد البريطانيين قبل نحو قرن ونصف القرن، بعد أن ارتبط بحركة «القرصنة» التي كانت «سائدة» في الخليج حينها. وتعكف «السياحة» وأمانة الشرقية حالياً، على وضع تصور عام لإعادة تشييد البرج الذي يعد أحد المعالم الأثرية في خليج تاروت، والاتفاق على مراحل الإنشاء، وذلك من خلال العودة إلى تاريخ هذا البرج، وأهميته التاريخية». وعلمت «الحياة» أنه تم رصد 100 ألف ريال فقط، ككلفة إجمالية لإنشاء البرج. فيما اعترض مهتمون على هذا المبلغ، داعين إلى رصد «موازنة كفيلة بإنشاء هذا البرج، وتحويله إلى معلم سياحي». وقال الباحث التاريخي حسين السلهام، ل «الحياة»: «يُعتقد أن برج أبو الليف الأثري، تم بناؤه من قبل البرتغاليين في القرن ال16 الميلادي، عندما كانوا أسياد الخليج العربي من دون منازع، وبنوا حصوناً عدة»، موضحاً أن «الأهالي قاموا بطرد البرتغاليين من أرض القطيف، وتسليم مفاتيحها للدولة التركية العثمانية، ولكن بعد أن اكتشفوا ظلمهم أسفوا على هذا العمل، وندموا على تعاونهم الأخرق مع الأتراك الذين جلبوا البلاء إلى المنطقة». وأضاف السلهام، «يقع برج أبو الليف في الجهة الجنوبية من خور ملك، الذي يتلاقى مع خور سيهات جنوباً، وخور دارين شرقاً، ومياه هذا الخور ليس عميق، وبالكاد تمر فيه القوارب في حال الجزر في بعض ممراته»، لافتاً إلى أن خور ملك هو «اسم لمدينة قديمة، تقع – على ما يبدو – على مشارف الخور الممر البحري، الذي أطلق عليه مسمى تلك المدينة الدارسة وعرف بخور ملك». وفي عام 1866، دمرت بريطانيا برج أبو الليف، وذلك بعد أن «رافق مشوار شموخ هذا البرج عدد من الأحداث، ومنها أعمال قرصنة كثيرة قام بها رجال القبائل المحيطة بالقطيف، أرهقت الأهالي يوم كان المسؤول الأول والأخير في تلك الأيام عن أمن البحار في الخليج الإنكليز، ولهذا قام أولئك الأمناء على الخليج بتدمير ذلك البرج، الذي دفع ثمن حماقات القراصنة». وأردف الباحث التاريخي أن «قصة التدمير ذكرها مؤرخهم ج. ج لوريمر، وذلك عندما بدأت السفينة البريطانية «هاي فلاير» بقيادة الكابتن باسلي، العمل في القطيفوالدمام، وفي 13 كانون الثاني (يناير) عام 1866، وجه إنذاراً مدته 17 يوماً إلى الأمير في الرياض، من طريق ممثله في القطيف، وفي 30 كانون الثاني (يناير)، وبعد مقابلة في خليج الفينستون، مع الرائد بيللي المقيم السياسي، عاد كابتن باسلي، مرة أخرى بالسفينة «هاي فلاير» إلى القطيف، إذ تأكد من عدم وصول رد على الإنذار، وعلى هذا فقد دخلت القوارب بقيادة الملازم فليوز، ميناء القطيف يوم 2 شباط (فبراير)، وحطمت الحصن الصغير المعروف باسم «برج أبو الليف». كما دمرت سفينة وطنية». وأضاف السلهام، «هكذا كانت نهاية برج أبو الليف. وما زالت حجارته تنبأ عن شموخه. فما زالت أعمال الدفن البحري والتمدد السكني لم تعبر خور ملك، لدفن ذلك البرج الذي يحكي للأجيال تحديه للإنكليز بمفرده في عرض البحر، من دون خوف». وأثنى على اتفاق الأمانة وهيئة السياحة، لإعادة بناء البرج، مطالباً بأن يتم «تحويله إلى مرفأ سياحي، يقصده الزوار بطرق غير تقليدية، ولا يتم الاقتصار على إعادة إنشائه فقط، بل يحتاج إلى تهيئة سياحية مناسبة، بحيث يتم توفير قوارب لنقل الزوار إليه، خصوصاً أن هذا البرج يحظى بقيمة تاريخية كبيرة». بدوره، قال المدير التنفيذي لفرع الهيئة العامة للسياحة والآثار في المنطقة الشرقية المهندس عبداللطيف البنيان: «إن الهيئة قامت بتقديم اقتراح، لإعادة بناء برج أبو الليف، الذي كان فناراً إرشادياً للسفن في الوقت الماضي، إضافة إلى قربه من المنطقة السياحية الواقعة بين مدينة القطيف وجزيرة تاروت، ومجاوراً لمرفأ القطيف، وسوق السمك المزمع إنشائه في المنطقة ذاتها». وذكر البنيان، أن الاقتراح وجد «ترحيباً حاراً» من أمانة الشرقية، مشيراً إلى أن العمل «لا يزال مستمراً، لإعادة رسم وتصميم هذا البرج. وسيخضع للتنفيذ». وعن تحويله إلى مرفأ سياحي لاستقطاب الزوار، وتأمين قوارب خاصة لوصول الزوار إليه، قال: «هو بحد ذاته معلم سياحي، وسيكون ضمن منظومة المعالم السياحية في هذا الموقع المميز». وحول رصد مبلغ 100 ألف ريال، أوضح البنيان، أن «الموضوع قيد الدراسة من جانب الأمانة، وهو غير مكلف في الأساس، فالأساسات غير مكلفة. وسواءً أرصد له مبلغ كبير أم صغير، فهذا يخضع للدراسة، ونحن ما زلنا في طور التصميم. والأمانة أبدت استعدادها لتبني المشروع، خصوصاً أنه سيتم تأصيله وتشييده على ما كان عليه في السابق».