حذّر إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبد الباري الثبيتي من الانغماس في تفاهات الأمور ومتابعة التافهين والتسويق لهم ولأعمالهم المشينة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كونه يناقض الأخلاق الحميدة، ويصرف المسلم عن معالي الأمور التي يحض عليها ديننا الحنيف. ونقلت «وكالة الأنباء السعودية» (واس) اليوم (الجمعة) عن إمام وخطيب المسجد النبوي قوله في خطبة الجمعة، إن «الإسلام ربى بحكمه وأحكامه وقيمه وآدابه المسلم على علو الهمة وجلالة الاهتمامات التي تجعل أفعاله بناءة مثمرة، وتدفعه إلى الترفع عن الترهات والتفاهات»، مشيراً إلى أن «هذه السمات لا تتغير بتغير الأزمنة والعصور، ولا يحيد المسلم عنها مهما تنوّعت الوسائل، واختلفت تقنيات العصر». وأوضح أن «الإسلام هذّب سلوك المسلم عن الخوض في سفاسف الترهات»، مشيراً أنها «تصرف الإنسان عن معالي الأمور، وتقتل فيه روح المسؤولية، وتضعف روح العمل». وأكد الثبيتي أن «الهمم تذبل حين تنغمس في اهتمامات تافهة تتخذ مناحي شتى، بينها توثيق التفاهات وجلب البذاءات في مقاطع مهينة والسعي إلى بثّها عبر وسائل التواصل الاجتماعي طلباً إلى شهرة زائفة، وتصوير أحداث لا قيمة لها، تضر ولا تنفع، وتفسد ولا تصلح، وتشوّه سيرة فاعلها، وتكشف سوءاته، حين يظهر بلباس قبيح، أو كلام بذيء، أو سلوك مشين، أو في وضع يحتقره العقلاء، ويشمئز منه أًصحاب المروءات وفي ذلك إساءة لدينه ووطنه وأمته». وأضاف أن «التمادي في هذه التفاهات يعد صدع في الأخلاق ونقص في العقل»، مشدداً على أن «من هبط بفكره إلى الاهتمامات التافهة عَظّم الهوى واستهان بحرمات الله، وتدنّس قلبه بالمعاصي». وتابع أن الاستسلام إلى الترهات والتفاهات يفضي إلى عدم مبالاة المرء بالناس والمجاهرة التي تقتل الحياء؟ وقال إمام وخطيب المسجد النبوي إن «الاهتمام بالتوافه ومتابعة التافهين، تجعلنا نصنع منهم رموزاً يتصدرون المشهد، وهم أقزام، وندفعهم إلى الشهرة بتسويقنا إلى أعمالهم المشينة، ونفسح لهم المجال إلى إفساد الذوق العام وهدم الأخلاق وصرف الناس عن الارتقاء في ميادين النجاح والتنمية، والأدهى أن يغترّ أولئك التافهون بشهرتهم، فيقتحمون مسائل لا يفهمونها، وعلوماً لا يملكون بديهياتها، فمتصدر يفتي في أحكام الشرع والدين عن جهل وهوى، ومتصدرة تقلل من شأن الحجاب وتسخر منه، وثالث يستهزئ بتعاليم الإسلام وأحكامه، ورابع ينهش عرض ولاة الأمر، وخامس ينتقص العلماء والدعاة وطلبة العلم، وقديماً قالوا إذا خرج الماء من الإناء، ملأه الهواء». وأبان أن «حبّ الشهرة داء خفي، وإذا سيطر على فكر المرء أزّه إلى تبرير كل وسيلة، وقفز به فوق كل قيمة، وجعل على قلبه غشاوة لا يبصر معها مكامن الخير ونور الحق، لذا حذّر الشرع من حب الشهرة والمظاهر التي تعاني منه النفوس المريضة بالرياء المحبط للأعمال في ميزان الشريعة». وأكد الثبيتي أن الأسرة هي الحصانة الأولى في مقاومة الاهتمامات التافهة، مشدداً على أن «الإعلام يضطلع بمسؤولية لا يستهان بها في تجفيف منابع التفاهة والتافهين».