لم تكن جلسة مجلس الوزراء اللبناني الأخيرة والوداعية لحكومة «المصلحة الوطنية» برئاسة رئيسها تمام سلام منتجة، مع أن معظم الوزراء كانوا أبدوا تفاؤلهم لدى وصولهم الى السراي الكبيرة بعودة رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل عن مقاطعته الجلسات والتحاقه بزميليه في «تكتل التغيير والإصلاح» الوزيرين الياس بو صعب وأرتيور نظريان. لكنهم فوجئوا بأن موقفهم لم يتبدل واعترضوا على عدد من بنود جدول الأعمال ما أدى الى صرف النظر عنها. وبرر وزراء «تكتل التغيير» اعتراضهم على تعيين العضو السني في المجلس الأعلى للجمارك وأعضاء في مجلس إدارة معرض طرابلس الدولي، إضافة الى عدم توقيعهم على المرسوم الخاص بالتشكيلات القضائية والبند المتعلق بالجمعيات ذات المنفعة العامة، بأن البلد يقترب من ولادة عهد جديد بانتخاب رئيس جمهورية في جلسة الانتخاب المقررة الاثنين المقبل وبالتالي لا بد من ترك هذه البنود معلقة الى حين تشكيل الحكومة العتيدة. ولقي اعتراض وزراء «تكتل التغيير» استغراباً من جانب الرئيس سلام وعدد من الوزراء من بينهم الوزير رشيد درباس الذي خاطب بوصعب وهو يغادر الجلسة احتجاجاً على عدم تمرير البند الخاص بالجمعيات ذات المنفعة قائلاً: «يبدو أنكم تقدمون عينة على ما سيكون عليه العهد الجديد لأن لا مبرر لتأجيل البت في هذه البنود». وعلمت «الحياة» من مصادر وزارية بأن سلام والوزراء، باستثناء وزراء «تكتل التغيير والإصلاح»، كانوا وقعوا على المرسوم المتعلق بالتشكيلات القضائية التي أقرها مجلس القضاء الأعلى ويحتاج الى توقيعهم ليصبح نافذاً. وكان يفترض - وفق المصادر نفسها - أن يوقع عليه هؤلاء الوزراء لكنهم امتنعوا من دون شرحهم للأسباب التي أملت عليهم الخروج عن الإجماع في مجلس الوزراء في هذا الشأن. ولم يعرف ما إذا كان لقرارهم بتجميد توقيعهم على مرسوم التشكيلات القضائية علاقة بموقف وزير العدل المستقيل أشرف ريفي من ترشح رئيس «تكتل التغيير» العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية الذي يحمل عليه باستمرار. ولم يكونوا وحدهم في تجميد المرسوم بعدما تبلغوا أن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق (كان غادر الجلسة) سحب توقيعه على المرسوم وهذا ما أكده سلام وباسيل الذي قال إنه تبلغ منه سحب توقيعه. ولقي تعيين هاني الحاج شحادة (العضو السني) في المجلس الأعلى للجمارك اعتراضاً من «حزب الله» أيضاً بذريعة أن هناك مرشحين آخرين لهما الأفضلية في ملء هذا المركز. وتردد أيضاً أن المشنوق أبلغ زملاء له بأن الجهة السياسية التي اقترحت تعيينه لم تعد متمسكة به، في إشارة الى أن «تيار المستقبل» هو الذي اقترح اسمه. سلام نتمى خيراً للبلد وكان سلام استهل الجلسة، بحسب وزير الإعلام بالوكالة سجعان قزي بتمنيه «أن تكون هذه الجلسة الأخيرة ولكنها يجب أن تكون جلسة مثل كل الجلسات ولسنا هنا لاستباق الأحداث، فنتابع أعمالنا كالعادة في جو من التعاون يسمح بإقرار المشاريع». وتمنى سلام «أن تكون هذه الجلسة مثل الجلسة الأخيرة وخصوصاً لناحية الجو الإيجابي والسلس، أما بالنسبة إلى الاستحقاق المقبل، أي رئاسة الجمهورية، فتمنى الخير للبلد وتعزيز مواقع المؤسسات الدستورية وإنهاء الشغور الرئاسي، خصوصاً أن الحاجة كبيرة إلى أن تبقى البلاد في جو مستقر على رغم الأجواء الملبدة في المنطقة، وهنأ وزير الإعلام رمزي جريج بالسلامة وبعودته إلى لبنان». ودعا سلام «إلى الإسراع في إقرار المشاريع المدرجة على جدول الأعمال من أجل أن يتم إقرار المشاريع والمراسيم التي هي من خارج الجدول»، وقال قزي: «هكذا كان، فأقر مجلس الوزراء الغالبية الكبرى من جدول أعمال، كما أقر عشرات القرارات من خارج الجدول، وهي قرارات ملحة نتيجة التطورات الأخيرة واحتمال أن تكون الجلسة الأخيرة، ومن بين الأمور التي تم إقرارها: بدء العمل فوراً بمشروع جسر منطقة جل الديب، وإقرار تهذيب وتطوير المجاري المحاذية يميناً وشمالاً للأوتوستراد العربي في إطار معالجة وتنظيف مجرى الليطاني وذلك بقيمة 25 مليون دولار من اعتمادات القانون السابق، وإقرار طلب وزارة الداخلية الموافقة بإذن من الوزير للبلديات والاتحادات البلدية باستخدام بالفاتورة شرطة وحراس موقتين عند الحاجة خلال العام 2017». لا تعيينات ولفت إلى أن «كل ما يتعلق بالتعيينات تم إرجاؤه إلى ما بعد في إطار الاتصالات التي جرت بين الوزراء والقوى السياسية، كما تم بناء على اقتراح من وزير الزراعة أكرم شهيب السماح للمنطقة المحاذية لمكب ومطمر الناعمة سابقاً بالاستفادة مجاناً من الإنتاج الكهربائي 24 ساعة على 24 ساعة، وتم إقرار قضايا تتعلق بنقل اعتمادات للوزارات لتسهيل عمل الإدارة. وخلص قزي إلى التأكيد أنها «كانت جلسة منتجة وطبيعية أدت إلى الانتهاء من عدد كبير من مشاريع القوانين والمراسيم التي كانت متأخرة بسبب الجلسات السابقة». وعن سبب إرجاء ملف قطاع الخليوي، قال: «لأنه لم يتم التوافق عليه من بعض المكونات، وتم إرجاؤه إلى مجلس الوزراء الجديد، والذي نتمنى في حال انتخاب الرئيس الاثنين المقبل ألا تتأخر توليفة الحكومة لأن البلاد لا تتحمل مزيداً من التأخير». بوصعب: درباس انفعل وعلق الوزير بوصعب على ما حصل داخل الجلسة قائلاً: إن «الوزير درباس كان لديه حوالى 35 ملفاً لشركات أو جمعيات يريد منحها صفة إدارة منفعة عامة ما يعني إعفاءها من الضرائب وعندما تدخلت بالملف لم يستطع سماعي وانفعل ووقف، ما اضطر رئيس الحكومة إلى تهدئته لإكمال كلامي، وانتفض درباس رافضاً تجزئة الملف». وسأل: «كيف يمكننا تهريب أو تمرير 35 ملفاً من دون أن نناقشها؟ ربما بعضها يستحق وظلم وبعضها الآخر يتطلب أجوبة عن أسئلتنا حوله». وقبل دخول وزراء إلى الجلسة، اعتبر درباس أنها جلسة «عادية ووداعية». أما وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج فأمل بأن «تكون إيجابية». ورأى وزير الثقافة ريمون عريجي أن «كل الاحتمالات مفتوحة في جلسة الاثنين ونأمل بأن نقر كل ما يتعلق بمصالح الناس».ورأى وزير الصحة وائل أبو فاعور «أن الكرة اليوم باتت في ملعب الاشتراكيين. ونحتفظ بالصمت». وتحدثت وزيرة المهجرين أليس شبطيني عن «تقارب للقلوب».