قال وزير المال الدكتور إبراهيم العساف اليوم (الثلثاء) ان المملكة العربية السعودية تواجه التحديات الحالية المحلية والعالمية الاقتصادية والمالية وهي في مركز قوة، سواءً كان ذلك على الصعيد المالي أو النقدي، مشيراً إلى أنه على رغم مرور أكثر من عامين على الهبوط الحاد في أسعار النفط، إلا أننا استطعنا الحفاظ على استقرار احتياطيات الحكومة مرتفعة، مؤكداً أن مستوى الدين لا يزال منخفضاً. جاء ذلك خلال رعاية العساف ندوة الاستقرار المالي التي نظمتها «مؤسسة النقد العربي السعودي» (ساما) و«هيئة السوق المالية» (تداول) في مدينة الرياض، بحسب «وكالة الأنباء السعودية» (واس). وشارك في الندوة متحدثون من صندوق النقد الدولي، والمنظمة الدولية لهيئات أوراق المال، وعدد من الجهات الحكومية وشبه الحكومية ومديرو البنوك وإدارات المخاطر، وممثلون من شركات التأمين والتمويل والاستثمار، وعدد من المختصين. وقال العساف خلال كلمته إن «هذه الندوة تأتي في الوقت المناسب، خصوصاً وأن المملكة أطلقت رؤيتها 2030 قبل أشهر قليلة، وبدأت تنفيذ برنامج التحول الوطني، ولا أشك أننا نتفق جميعاً على الأهمية القصوى لدور القطاع المالي واستقراره وتعدد مصادره في تحقيق الرؤية». وأضاف ان «هذه الندوة تمثل بداية مرحلة جديدة من الشفافية والتنسيق اللذين يعدان العنصرين الأساسيين للاستقرار المالي، إذ إن الهدف منها ،كما أراه، هو رفع مستوى الوعي وتبادل المعرفة ووجهات النظر، إضافة إلى إجراء الاختبارات في شأن القضايا التي تتعلق باستقرار نظامنا المالي، على صعيدي رسم السياسات والتشغيل». وأوضح وزير المال أن «المملكة تواجه التحديات الحالية المحلية والعالمية الاقتصادية والمالية وهي في مركز قوة، سواءً كان ذلك على الصعيد المالي أو النقدي»، مشيراً إلى أنه «مضى أكثر من عامين منذ الهبوط الحاد في أسعار النفط - مصدر الدخل الرئيس لمالية المملكة والمكون المهم من اقتصادها الوطني -، إلا أننا على رغم ذلك استطعنا المحافظة على مساحة جيدة في المالية العامة، والحفاظ على استقرار احتياطيات الحكومة، والتي لا تزال مرتفعة، كما أن مستوى الدين ما يزال منخفضاً، في حين تتمتع مصارفنا بموازنات عمومية قوية ومؤشرات سلامة مالية متينة وستستمر في ذلك». وتطرق العساف إلى ما يخص النظام المالي في المملكة قائلاً، إن «مؤسساتنا المالية محافظة على مرونتها، إذ إن مصارفنا تتمتع بمستويات مرتفعة نسبياً من كفاية رأس المال ونسب السيولة، على رغم بعض الضغوط على السيولة على مستوى النظام عموماً، لكن هذا لا يعني أن نقبل بهذا الوضع، بل علينا الاستمرار في المراجعة الدورية لسياساتنا المتعلقة بالاستقرار المالي وتحديث غير الفعال منها، واتخاذ إجراءات تمكننا من التكيف مع التحديات الراهنة المحلية والعالمية». وتابع العساف أنه «بالفعل، اتخذت العديد من الجهات حكومية إجراءات عدة، متضمنة اجراءات في سياق المهمات المناطة بها وأدوارها في تحقيق الرؤية 2030 وبرنامج التحول الوطني»، مشيراً إلى أن «هذه الإجراءات نجحت في خفض الضغط الذي يعيق نمونا الاقتصادي، ومن بينها الإجراءات التي اتخذتها وزارة المال، ومنها تأسيس مكتب الدين العام الذي أثبت نجاحه الكبير أخيراً في الإصدار الدولي للسندات السعودية، وكذلك إنشاء وحدة المالية العامة الكلية بالإضافة إلى لاجراءات المتعلقة بنظام المشتريات الحكومية واتمنته، فضلاً عن البدء في المبادرات الثلاثين الأخرى». ولفت إلى أن مؤسسة النقد العربي السعودي بدورها اتخذت عدد من الإجراءات. وأكد أن «إجراءات ضبط أوضاع المالية العامة التي اتخذتها الحكومة أخيراً، يتوقع أن تخفض الضغط على مالية الحكومة». وأشار وزير المال إلى أنه «سيتطرق إلى جانب مهم من جوانب العمق المالي، والذي قد تنفرد فيه المملكة من حيث العدد والتمويل المتاح، وهو وجود عدد جيد من مؤسسات التمويل الحكومية المختصة، والتي تتمثل في صندوق الاستثمارات العامة، وصندوق التنمية الصناعية، وصندوق التنمية الزراعية، وبنك التسليف والادخار، والصندوق العقاري، بالإضافة إلى الصندوق السعودي للتنمية، وبرنامج تمويل الصادرات التابع له، وأخيراً برنامج التمويل الذي تديره وزارة المال»، مشدداً على ان «الحكومة استفادت من الوفر المالي قبل سنوات وعززت موارد تلك الصناديق والبرامج، ما مكنها من الاستمرار في القيام بدور مهم في منظومة التمويل للقطاع الخاص، بالاضافة الى استفادة بعض هذه الصناديق من السيولة المتوفرة لديها في الاستثمار في أدوات الدين العام وغيرها». وختم العساف كلمته قائلاً، ان «التاريخ الاقتصادي للدول المتقدمة والدول النامية أظهر أن النظام المالي المتين والمستقر هو ركيزة المحافظة على النمو الاقتصادي، في حين أن ضعف هذا النظام قد يتسبب في عواقب سلبية وخيمة على الاقتصاد عموماً، مشيراً إلى أنه «نتيجة لأن عالم اليوم يتميز بوجود أنظمة مالية متكاملة وموسسات مالية كبرى عابرة للحدود، أصبحت المخاطر المالية ومواطن الضعف الآن أكبر وآثارها السلبية على الاقتصاد أكثر تأثيراً، ولهذا السبب، من المهم ضمان استقرار اقتصادنا عموماً، ونظامنا المالي في شكل خاص، من خلال وضع الإطار المؤسسي المناسب، والمحافظة على السياسات المالية والنقدية والاحترازية الكلية وتطويرها، ورفع مستوى التنسيق بين الأجهزة الحكومية المختلفة، وتبادل المعرفة مع القطاع الخاص، وتعزيز الوعي بالمخاطر ومواطن الضعف المالية».