بدت لوحات الإعلانات الترويجية الضخمة لبطولة العالم في كرة السلة التي نظمت في تركيا من 28 آب (أغسطس) الماضي إلى 12 أيلول (سبتمبر) الجاري، مضللة فعلاً. فعلى رغم خطوطها الفنية ولمساتها الإبتكارية، أظهرت بطريقة غير مباشرة "ثغرة" غياب نجوم كثر عن هذا الاستحقاق، باعتبار أن نصف "أبطال" الإعلانات المختارين من المنتخبات الكبرى غابوا عن "مونديال البرتقالية" لأسباب عدة، ما جعل الحملة عن غير قصد مضخمة وبعيدة من الواقع. وغياب النجوم خطف أضواء كثيرة عن هذا المونديال، ووازى أحياناً الحديث عن نتائجه وفنياته. وإذا كانت التغطية التلفزيونية بلغت معدلاً قياسياً بالمقارنة مع النسخة الماضية في اليابان، حيث بُثت المباريات ال80 إلى 183 بلداً وتوزعت بين 38 محطة تلفزيونية. فإن متتبعي مجريات الحدث عبر الشاشة الصغيرة إفتقدوا إلى عروض بارزين، في مقدمهم الأميركيون ليبرون جيمس ودواين وايد وتيم هوارد وكوبي براينت، الأرجنتينيان مانويل جينوبيلي وأندريس نوسيوني، الكندي ستيف ناش، الفرنسي طوني باركر ويواكيم نواه، الألمانيان ديرك نوفيتسكي وكريس كيمن، الإسبانيان باو غازول وخوسيه كالديرون، الروسي اندريه كيريلنكو، تيودروس اليوناني بابالوكاس، الليتواني أرفيداس ماسييوشكاش، البرازيلي نيني، الصيني ياو مينغ، والأسترالي أندرو بوغوت... وما تقدّم يعيد الحديث الذي تشعّب أخيراً حول "قيمة" مونديال السلة في ظل غيابات "غير مبررة" عموماً، ويطرح مجدداً تأثر المسابقة العالمية بظروف الدوري الأميركي للمحترفين وأحواله، باعتبار أن معظم النجوم يلعبون في فرقه، ويبحثون عن متنفس بعد موسم مضنٍ، مفضلين الإجازة أو المفاوضة حول عقود جديدة على خوض بطولة للعالم "غير مصيرية". والمقصود ب"المصيرية" هو التأهل لمسابقة كرة السلة ضمن دورة الألعاب الأولمبية، كونها اللعبة الجماعية الأبرز على صعيد الأولمبياد، ولأن بطولة العالم تؤهل حامل لقبها فقط، بينما تكون البطولة القارية بوابة العبور الأولمبية الرئيسة. وبناء عليه، فإن بطولة أوروبا السنة المقبلة في ليتوانيا المقرر أن يخوضها 24 منتخباً، أهم من ناحية التأهيل من المونديال التركي. ولعل المفارقة أن الاتحاد الدولي لكرة السلة "فيبا" هو الوحيد بين اتحادات الألعاب الجماعية الخمس الذي لا يفرض عقوبات على اللاعبين في حال تغيبوا عن بطولة العالم. وقد أسهم عدم الإكتراث في "تفشي" ظاهرة الغياب، وكثرة الاعتذارات لأسباب وأسباب. حتى أن الاتحاد الفرنسي أكد أن نجومه الغائبين (خمسة منهم يلعبون الدوري الأميركي)، تعهدوا خوض البطولة الأوروبية لضمان التأهل إلى الدورة الأولمبية في لندن عام 2012، طبعاً لأنهم يفضلون الأولمبياد على المونديال. وتنتظر الرئيس الجديد للاتحاد الدولي الفرنسي ايفان ماننيني مهمة "البحث عن التوازن". ويأمل في أن يوظف خبرته السلوية، لاعباً ومدرباً وحكماً دولياً على مدى 15 عاماً (قاد 1000 مباراة بينها 300 دولية ويتضمن سجله 3 بطولات للعالم و 3 دورات اولمبية)، لتقديم توليفة مناسبة تنعش بطولة العالم وتحفّز اللاعبين الكبار. وترأس ماننيني (65 سنة) الاتحاد الفرنسي منذ عام1992، كما تولّى قيادة الاتحاد الأوروبي 3 سنوات. وهو يجاهر بمباشرته اتصالات مع مدير الدوري الأميركي ديفيد سترن سعياً إلى ايجاد صيغة مناسبة، كونه يدرك "التأثير الأميركي" وإرتباط الأسماء الكبيرة بمنافعها الشخصية وبنود عقودها، علماً أن أدناها يفوق ال10 ملايين دولار سنوياً، وبالتالي تمنح هذه الأسماء أولويتها لفرقها. في المقابل، فإن الدوري الأميركي مشروع استثماري ولن يقدّم خدماته مجاناً، إذ ينتظر القائمون عليه عائدات دائماً، وإن كانت غير مباشرة. ولقد وعد ماننيني عقب إنتخابه خلفاً للأسترالي بوب ألفنستون، بإطلاق روزنامة متناسقة للبطولات تريح المنتخبات والأندية. ويتوقع أن تكون أبرز نقاطها بطولة عالمية "مضغوطة"، شرط الا تفقد شيئاً من جاذبيتها ورونقها. وعنى بذلك كما أوضح، تنظيم المونديال خلال عشرة أيام (يقام حالياً على مدى أسبوعين)، وتوفير عوامل جذب وتحفيز للنجوم من خلال اتحادات بلدانهم.