شهدت مدينة مونتريال الكندية في إطار مهرجان السينما الدولي الرابع والثلاثين عروضاً متواصلة لمختارات من روائع الفن السابع. ويعتبر هذا المهرجان من التظاهرات الفنية العالمية المهمة لوفرة الإقبال الجماهيري وتنوع أعماله وإطلالته كنافذة رديفة لحوار الثقافات بين الشعوب والأمم. إلا أن مشاركة العرب لهذا العام كانت خجولة إذ اقتصرت على عدد قليل من الأفلام المصرية والسورية التي جاءت ربما تعويضاً عن غيابهم الملحوظ في أكثر من استحقاق فني عالمي. ففي «بانوراما المهرجان شاركت مصر بفيلمين عرضا للمرة الأولى في مهرجانات عالمية أحدهما «عائلة ميكي» الذي نافس على الجائزة التي يختارها الجمهور عن أفضل فيلم في دورة هذا العام. ينتمي الفيلم إلى الكوميديا العائلية. وهو من بطولة لبلبة ومشاركة الفنان أحمد فؤاد سليم والفنانة رجاء حسين ومجموعة من الوجوه الجديدة. وتدور أحداثه حول أسرة مصرية مكونة من ثمانية أفراد تتقدم في إحدى المسابقات للحصول على لقب «الأسرة المثالية». ويحاول الفيلم أن يقدم رؤية اجتماعية جديدة للأسرة المصرية التي تعيش إرهاصات عصر العولمة وثورة المعلومات والاتصالات. وهو من تأليف عمر جمال وإخراج أكرم فريد. أما «رسائل البحر» للمخرج داود عبد السيد (بطولة آسر ياسين) فقد تميّز بجرأة طرحه لموضوع «زواج المصلحة» الشائع في أوساط الشباب ومحاولة تصحيحه وتجنب ما يخلفه من أحاسيس وتناقضات ومواقف درامية. ويضاف الى ذلك عرض مجاني في الهواء الطلق لفيلم «عمارة يعقوبيان» في إطار عروض «كلاسيكيات العالم»، علماً أن مخرجه مروان حامد هو العربي الوحيد في لجان التحكيم الفنية للمهرجان. أما المشاركة السورية فاقتصرت على فيلم روائي طويل (حوالى 76 دقيقة) بعنوان «الآخر المشتهي» للمخرجة عليا خاشوق (كندية من أصل سوري تحضر ماجستير في الإخراج السينمائي في جامعة أوكام في مونتريال) وهو فيلم كندي بامتياز تم تحضيره وتصويره وإخراجه وعرضه في مونتريال وهو من ألفه الى يائه من نتاج مجموعة من المتطوعين الكنديين والعرب وموازنته لم تكلف سنتاً واحداً. يعتمد الفيلم أسلوب الدراما النفسية للتعبير عما يجول داخل الشخص نحو الطرف الآخر الذي يشتهيه أو يحبه أو ينجذب إليه في إطار عمل فني متكامل. هذه الفكرة تتحقق من خلال علاقة عاطفية لامرأة عربية مقيمة في كندا مع طرفين آخرين. وفي هذه المعادلة الثلاثية يصبح الثاني سبيلاً للوصول الى الثالث أي الى الرمز المشتهى من قبل شخص آخر بلا ملامح أو تفاصيل. جدير بالذكر أن علياء خاشوف تعد لعمل سينمائي كندي آخر يعالج قضايا الاغتراب وهمومه لا سيما قضية الهوية والانتماء. ويبدو أن الاغتراب الكندي يحظى باهتمام مجموعة من المخرجين السينمائيين العرب الذي يمدون الشاشة الكندية بين الحين والآخر ببعض الأفلام الوثائقية أو الدرامية ويجعلون من مونتريال نافذة يطلون منها على المهرجانات السينمائية العالمية داخل كندا وخارجها.