بعد تمديد اول في 31 ايار (مايو) من العام 2013، يكمل البرلمان اللبناني ولايته بتمديد ثانٍ أقره لنفسه أمس مدته سنتان و7 أشهر حتى 20 حزيران (يونيو) 2017، بغالبية 95 صوتاً من أصل 97 نائباً حضروا الجلسة، ومعارضة نائبي «الطاشناق»، وبمقاطعة نواب «التيار الوطني الحر» وحزب «الكتائب». وبلغ عدد النواب المسيحيين الذين حضروا الجلسة 39 من اصل 63 (مع الاشارة الى وفاة النائب ميشال حلو) بينهم 15 نائباً مارونياً حضروا من اصل 34. والميثاقية التي طالب بها رئيس المجلس النيابي نبيه بري للسير بالتمديد وفرها نواب «القوات اللبنانية» الذين رأوا ان الخيار لم يعد بين التمديد والانتخابات، بل بين التمديد والفراغ. وجاء التصويت على التمديد بعد سقوط صفة العجلة عن اقتراح لنائب «القوات» انطوان زهرا بتعديل مهل قانون الانتخاب. ولم يغب الموضوع الرئاسي عن الجلسة، اذ تمنى الوزير (النائب) بطرس حرب تحويل الجلسة من تشريعية الى انتخابية ما دام النصاب متوافراً، فأجابه بري: «اعرف ان كل الناس مع اولوية انتخاب رئيس ولكن كل طرف يريد الرئيس على ذوقه. ولا مانع لدي بعد انتهاء التشريع من تحويل الجلسة انتخابية اذا بقي النصاب مؤمّناً». ولدى طرح اقتراح القانون المعجل الرامي الى تمديد ولاية المجلس سنتين وسبعة اشهر، دافع مقدم الاقتراح النائب نقولا فتوش عن التمديد، قائلاً: «اعرف ان التمديد مخالف للدستور، ويتعرض لإرادة «الوكالة». لكن هل يجوز اذا كانت هناك ظروف استثنائية خطرة ان نقف مكتوفين ونصل الى فراغ قاتل». وسأل: «اذا لا سمح الله بلغنا الفراغ وذهبنا الى مؤتمر تأسيسي تكون السلطة التأسيسية هذه قاضية على الدستور، ولا يعود من دستور ولا قانون يلتزم به احد ولا من مطرقة تصوب الامور»، مستشهداً بتجارب سابقة حول تقصير الولاية. وقال حرب: «نحن في موقع حرج وغير ديموقراطي، لكن لا خيار لدينا غير التمديد»، مقترحاً اضافة فقرة تلزم الحكومة اجراء انتخابات نيابية بعد انتخاب الرئيس. فردّ بري: «لا يمكن الاشتراط بالتشريع». وطلب اضافة فقرة بأنه عند انتخاب رئيس وتحضير قانون انتخاب، وإذا زالت الظروف الاستثنائية، يجرى تقصير ولاية المجلس الممددة وإجراء انتخابات. والمجلس التأسيسي سيؤدي الى ضرب الدستور». وقال: «سأدعو اللجنة السباعية الى الاجتماع برئاستي وأن تعطى مهلة اقصاها شهر، وإذا لم نصل الى نتيجة نأتي الى الهيئة العامة ونطرح القوانين الموجودة على التصويت». وتم التوافق على ذلك. ودعا رئيس المجلس بعد انتهاء الجلسة اللجنة الى اجتماع في 17 الجاري لاستكمال البحث في القانون المختلط، واذا لم يتم التوافق يصار الى التصويت على المشاريع المطروحة. وتوجه عضو كتلة «القوات» النائب جورج عدوان الى نواب «حزب الله»، مستنداً الى كلام الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله بعدم انتظار موقف الدول الاقليمية من الاستحقاق الرئاسي، بقوله: «هناك مرشحان غير توافقيين هما الدكتور سمير جعجع والعماد ميشال عون، فلنتفق على مرشح توافقي». ناقلاً عن بري استعداده للتسوية، وكذلك مواقف النائب وليد جنبلاط خلال جولته على القيادات والتي صبت في هذا الاتجاه. وأشار بري الى انه «في موضوع الميثاقية حصل عتب، لكن انا لست مسؤولاً عما حصل قبل تسلمي رئاسة البرلمان في العام 1992، اذ لم تحصل اي مقاطعة، ومنذ ذلك الوقت كنت اوقف كل موضوع كان يسبب شرخاً، وأنا حرصت، وما زلت، على ان أرفض اي اقتراح او مشروع يغيب عنه التوافق والميثاقية. وهذا الامر سأكرره كلما وجدت موضوعاً فتنوياً، لأن الفتنة اشد من القتل، لذا علينا ان نراعي هذه الامور. وفي هذا الموضوع تركيبتنا اللبنانية حتمت موضوع تشريع الضرورة لا اكثر ولا اقل». وهنا استمهل عدوان رئيس المجلس خمس دقائق لاجتماع نواب «القوات» والاتصال بجعجع والعودة بموقف من التمديد. وبعد الاجتماع عاد عدوان الى القاعة ليقول: «بما ان مبادرة الدكتور جعجع لم تلق آذاناً، نحن امام واقع يستحيل معه اجراء الانتخابات، وخشية الوقوع في الفراغ نحن مضطرون للسير بالتمديد لمنع حصوله. وهذا هو موقف القوات و14 آذار ونمد ايدينا الى الآخرين». وصفق بري والحضور وقال جنبلاط: «برافو جورج». ولدى اعتراض نائب رئيس المجلس فريد مكاري على كلام بري قائلاً: «اعتبارك للميثاقية وحصرها بالاحزاب المسيحية وعدم اعتبار المسيحيين الآخرين لا يجوز. فرد بري: «انا لم اقل ذلك. مع احترامي لدولتك، انا قلت، عصب الاحزاب، وأنا عقدت الجلسة في ظل غياب فريقين اساسيين ولم انتظر. بالنسبة الي مثلاً اذا كانت كتلة القوات وكتلة النائب فرنجية المسيحيتان غير موجودتين كان عندي مشكلة. لا الاحزاب». فتوش: «يعني نحن مش مسيحيين يا دولة الرئيس؟». بري ممازحاً: «نحن عم نتكلم عن الموارنة مش عن المسيحيين». وطلب بري ان يسجل في المحضر انه عند انتخاب رئيس الجمهورية «نعمل على انجاز قانون انتخابات جديد، وبعد اقرار قانون الانتخابات الجديد، واذا زالت الظروف الاستثنائية يصار الى تقصير الولاية، ونذهب الى الانتخابات النيابية لمجلس جديد». ومن ثم طرح اقتراح التمديد على التصديق، فصدق بمعارضة نائبي حزب الطاشناق هاغوب بقرادونيان وأرتيور نظريان. وبعد الجلسة وقّع بري القوانين الثمانية التي أقرها المجلس في الجلسة وأحالها الى الحكومة. سلام والسنيورة وجنبلاط وفرنجية ولدى مغادرته ساحة النجمة قال رئيس الحكومة تمام سلام: «التمديد هو لمنع الوقوع في الفراغ على مستوى السلطة ولتأمين مستلزمات البلد ومواكبة مشاكل الناس. ونأمل بأن تكون هناك فرصة للتعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية». وقال رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة: «يجب ان تكون المبادرة من أجل انتخاب رئيس للجمهورية، وأن يكون هو الشخص الذي يستطيع أن يجمع العدد الاكبر من النواب، ويؤمن لكل اللبنانيين مساحات تستطيع أن تجتمع فيها الغالبية الساحقة منهم». وقال: «قمنا بخطوة مهمة وأساسية عندما طرحنا تسوية وطنية بهذا الشأن، وبالتالي فليفز المرشح الذي يتمتع بتأييد الغالبية الساحقة من اللبنانيين والذي يستطيع ان يتمتع بصفات تؤهله لذلك. ومفهومنا للرئيس القوي أنه الرئيس الذي يملك الرؤية والصفات القيادية، ويكون قادراً على احترام الدستور ويجمع اللبنانيين». وهل سيسحب في هذه الحالة ترشيح الدكتور جعجع؟ أجاب: «الامر واضح، والكلام الذي قاله الزميل جورج عدوان صار واضحاً، ما وصلنا اليه ان المرشحين اللذين تم الحديث في شأنهما، أحدهما تقدم بترشيحه، والثاني، قال السيد حسن نصرالله اننا نؤيد الجنرال عون، وهذان المرشحان عملياً، كل منهما يمثل فريقاً، وبالتالي لا يمكن التوصل الى اتفاق، وهذا الامر ينهي طرح هذين الترشيحين. ولكن اريد ان اقول ان سنونوة واحدة لا تصنع ربيعاً، نريد سنونوات أكثر». وعن اللقاء بين «المستقبل» و «حزب الله»، قال: «هذا الموضوع الآن هو موضوع حوار داخلي، والمقاربة التي سمعناها أخيراً عمل جيد، لكنه لا يكفي». وأوضح رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب جنبلاط أن «القوى السياسية اتفقت على التمديد لأن الهدف هو منع الوقوع في الفراغ وعلينا العمل على انتخاب رئيس». وقال: «أحياناً بعض الخيارات لا يكون شعبياً إنما المخاطرة بالفراغ تأخذ البلاد إلى الفوضى». ورأى رئيس تيار «المردة» النائب فرنجية أن كتلة «لبنان الحر الموحد» انسجمت مع موقفها السابق من التمديد لمجلس النواب خلال التصويت»، مشيراً إلى أن «هذا الموقف ليس متباعداً عن رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون. ولفتت عضو كتلة «القوات» النائب ستريدا جعجع الى أن «تعطيل الانتخابات الرئاسية أوصل البلاد إلى خيار التمديد»، مشيرة الى أن «حزب «القوات» هو مع خيار إجراء الانتخابات النيابية في موعدها»، مؤكدة أن «عدم السير بخيار التمديد يقودنا الى الفراغ والى المزيد من التفكك في المؤسسات الدستورية». وكانت الجلسة بدأت بالأوراق الواردة، فلفت النائب احمد فتفت إلى ما تعرضت له 17 قرية في الشمال من انهيارات بفعل السيول وباتت مناطق منكوبة»، معتبراً «أن ما قدمته هيئة الإغاثة هو رمزي جداً بالنسبة إلى الأضرار الكبيرة». وتناول «الحوادث المؤلمة التي شهدتها طرابلس ومواقف أبناء المنطقة إلى جانب الجيش اللبناني ضد ما سمي بالمجموعات الإرهابية»، وقال: «علينا أن نحارب الأسباب لا النتائج، إذ أن التطرف والإرهاب سببهما الفقر»، مذكراً بالخطة الأمنية التي أعدتها الحكومة وقطع منها 63 مليون دولار لطرابلس. وأصر على إنشاء مجلس تنمية لعكار والشمال. ورد بري بالقول: «ما عرفناه من مجلس الوزراء أن هذه الخطة معدة وتنتظر جلسة تشريعية للموافقة عليها». وذكر النائب هادي حبيش، بانه كان تقدم بإنشاء مجلس إنمائي لعكار والبقاع ولم يقر حتى الساعة. فأعطى بري تعليماته لدرس هذا الموضوع. إصدار بالعملات الصعبة ... واعتماد إضافي بعد ذلك، بوشر بدرس جدول أعمال الجلسة، وأبرز بنوده اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي إلى الإجازة للحكومة إصدار سندات خزينة بالعملات الأجنبية فصدق بصفة الاستعجال. وتحدث وزير المال علي حسن خليل، فقال: «خلال سنوات طويلة لم يحصل تشريع، وبتنا أمام استحقاقات ولا تغطية قانونية لطرح إصدارات بالعملة الأجنبية. ولذلك قدم اقتراح، وبعد التشاور مع الرئيس السنيورة ولكي لا تؤخر هذه العملية، كان طرح الرئيس السنيورة إصدار 2,5 بليون دولار، ويبقى أمامنا استحقاقات للخمسة اشهر المقبلة». ثم طرح اقتراح القانون المتعلق بفتح اعتماد إضافي في الموازنة العامة بقيمة 500 بليون ليرة. وقال النائب زهرا: «عندما وافقنا على هذا الاقتراح اعترضت أنا، لأن هناك محاصصة وبتنا نتحول إلى شحادين من الوزراء لتشمل الأموال مناطقنا». ورد بري ممازحاً: «لماذا لم تتمثلوا بالحكومة؟». وقال خليل: «ما طرحته من ضمن الاحتياطي للرواتب والأجور وللأمور الملحة وتحت سقف إنفاق 2013، ونتمنى أن تلتزم بمبلغ 340 بليون ليرة». وطالب فتفت بتعهد خطي بأن تشمل عكار. وقال الرئيس سلام: «أنا أتفهم صرخة الزميل فتفت. وأود التوضيح أن لا شيء اسمه خطة عامة وشاملة، صحيح هناك نقص وتقصير في مناطق معينة يجب أن يعوض لاحقاً». ورأى أن يعطي مجلس الإنماء والإعمار حصة الشمال ومن ثم توزع الحصص لبقية المناطق تحسساً لمعاناة الشمال. وكرر فتفت تأكيده أنه لن يصوت على أي اقتراح قبل التعهد. وهنا قال النائب سيرج طورسركيسيان ممازحاً: «إن هذا الاقتراح يفتقد الميثاقية». بري ضاحكاً: «خليك ساكت. على كل حال العوض بسلامتك في إشارة إلى وفاة والده الشهر الماضي». وتابع بري: «بالنسبة إلينا كمجلس نيابي ككل، فكما يعنينا الشمال تعنينا كل المناطق المحرومة، ودعونا نعمل بروحية منع الحرمان عن كل المناطق». ثم طرح الاقتراح على التصويت فصدق معدلاً فأصبح المبلغ 340 بليوناً. بدل ال 500 بليون. وسجل نواب زحلة والبقاع الأوسط اعتراضهم على هذا الاقتراح كما اعترض عليه النائبان حبيش وفتفت.