ينشغل مستثمرون محتملون في أول إصدار لسندات حكومية سعودية بسؤال أساس: كيف سيحلّ السعوديون المعضلة بين الحجم والتسعير؟ إذ يتعين على أي مصدر أن يختار بين جمع أقصى ما يستطيع من أموال وبيع أدوات الدين بأرخص سعر ممكن، لكن مع الجولة الترويجية التي تعقدها السعودية في أميركا هذا الأسبوع فإن الخيار يبدو صعباً على وجه الخصوص، فيما يتوقع أن يتجاوز حجم إصدار السندات 15 بليون دولار، وهي تفوق الأرقام السابقة التي تحدثت عن 10 بلايين دولار. ومع استهداف الموازنة العامة ل2016 عجزاً بقيمة 326 بليون ريال (87 بليون دولار)، وشح السيولة المصرفية في البلاد، فإن هناك صعوبة متزايدة في بيع كمية ضخمة من الديون محلياً، كما تتعرض الرياض لضغوط لزيادة حجم إصدارها الدولي من السندات. ودفع هذا بعض المصرفيين كي يتوقعوا أن يصل حجم الإصدار إلى 15 بليون دولار أو أكثر، وربما يتجاوز حجم إصدار الأرجنتين البالغة قيمته 16.5 بليون دولار في نيسان (أبريل)، والذي كان أكبر إصدار لأدوات الدين السيادية بالأسواق الناشئة على الإطلاق. وقال رئيس إدارة أسواق رأس المال في بنك الاستثمار القطري كيو إنفست هاني إبراهيم: «سيأتون إلى السوق وسيدخلون بحجم كبير. إنهم بحاجة إلى سد فجوة تمويلية كبيرة، وهناك حدود لما يمكنهم جمعه محلياً». وأضاف في إشارة لبيع الدوحة سندات في أيار (مايو): «قطر أيضاً دولة صغيرة. كيف يمكن لقطر أن تصدر 9 بلايين دولار، وأن تصدر السعودية أقل من ذلك»؟ لكن قرار الرياض معقد، لأن باكورة إصداراتها ستضع أساساً مرجعياً للمبيعات المستقبلية لأدوات الدين، ليس فقط من الحكومة، ولكن من مجموعة من الشركات السعودية التي تنوي جمع أموال من الخارج. وقد يقنع هذا السعوديين بالتخلي عن بلايين الدولارات من حجم الإصدار، لأجل إبقاء العائد على إصدار السندات التي ستكون لآجال خمسة أعوام وعشرة أعوام و30 عاماً منخفضاً. وأوضحت رئيسة قسم أبحاث الدخل الثابت لدى بنك الإماراتدبي الوطني في دبي أنيتا ياداف، أنه مع انخفاض أسعار النفط فإن عجز الموازنة سيظل باقياً لبضع سنوات، وستكون السعودية بحاجة إلى الاتجاه إلى أسواق رأس المال الدولية بشكل متكرر. وأضافت: «نظراً لأهمية وضع أساس مرجعي، ليس فقط لإصداراتها المستقبلية، ولكن أيضاً لأطروحات السندات المحتملة من الكيانات المملوكة للحكومة، فإنني أعتقد أن حكومة السعودية ستكون حذرة للغاية بشأن التسعير. من المرجح أن تتنازل الحكومة عن الحجم في مقابل التسعير في هذه المرحلة». ويقول مصرفيون منتظمون في الصفقة إن المملكة ترغب في تسويق نفسها، باعتبارها دولة من دول مجموعة ال20 بدلاً من كونها سوقاً ناشئة، لذا فإنها تهدف إلى نطاق ضيق لتسعير السندات. لكن العديد من المستثمرين يتطلعون إلى السندات القطرية، باعتبارها مقياساً للإصدار السعودي، وبغض النظر عن الحجم فإن من المتوقع بشكل واسع أن يدفع السعوديون المزيد من العوائد. وأصدرت قطر سندات لأجل خمس سنوات بقيمة 3.5 بليون دولار في أيار (مايو) بفائدة 120 نقطة أساس فوق عائد سندات الخزانة الأميركية، وأخرى بقيمة 3.5 بليون دولار لأجل عشر سنوات بفائدة 150 نقطة أساس، وثالثة بقيمة بليون دولار لأجل 30 عاماً بفائدة 210 نقاط أساس. وتحظى قطر بتصنيف عند درجة Aa2 من وكالة موديز، وعند درجة AA من قبل ستاندرد آند بورز وفيتش، وتفوق تصنيف السعودية بما يراوح بين درجة وأربع درجات استثمارية. فضلاً على ذلك قد يطلب بعض المستثمرين علاوة بسيطة للمخاطر السياسية التي يعتقدون أنها لم يتم وضعها في الاعتبار من التصنيفات. وتابعت ياداف: «هناك اختلاف في التصنيف الائتماني، لكن مستثمري أميركا أيضاً لديهم وجهة نظر مختلفة بشأن السعوديين. فهم سيضعون في اعتبارهم الانتظام السعودي في اليمن، وعجز الموازنة الأكبر بكثير وبعض الضبابية السياسية. أعتقد أنه حتى لو أصدر السعوديون بليون دولار فقط فسيتعين عليهم مع ذلك دفع فائدة أكثر من قطر». أيضاً، فإن تصويت الكونغرس الأميركي الشهر الماضي على السماح لأقارب ضحايا هجمات 11 أيلول (سبتمبر) بمقاضاة الرياض قد يكون له تأثير محدود. وقال متعامل في أدوت الدين ومقره دبي: «بالطبع القانون سيكون له تأثير. انظر إلى حركة سوق الأسهم السعودية بعد تمرير القانون، سيؤثر في الحجم الذين سيكون بمقدورهم إصداره أيضاً». وبشكل أساس، توقع مستثمر محتمل في السندات السعودية أن يتم تسعير العائد على الشرائح الثلاث للسندات السعودية بين 30 و60 نقطة أساس فوق العائد الذي دفعته قطر. وتوقع آخر 25 نقطة أساس، علاوة للسندات الصادرة لأجل خمس سنوات، و50 نقطة أساس لسندات 30 عاماً. وقال مدير الاستثمار لدى جي.إم.إس.إيه انفستمنتس أنغلو جيمس روسيتو: (وهي شركة لإدارة الأصول مقرها لندن): «الشريحة الصادرة لأجل 30 عاماً هي الأكثر إثارة للاهتمام من حيث العوائد، وأعتقد أنهم سيقدمون حوافز للاستثمار في أطول جزء من الدين». وأضاف: «جرى طرح شريحة السندات القطرية لأجل 30 عاماً بعائد 120 نقطة أساس فوق عائد سندات الخزانة الأميركية، ويجري تداولها حالياً في نطاق 180 نقطة أساس. أعتقد أن السعوديين سيكونون أكثر إقداماً في البداية، وسيحاولون تسعير السندات عند نحو 200 نقطة أساس».