واشنطن - أ ف ب - أكد خبراء وضباط سابقون أن الولاياتالمتحدة ستبقي على الأرجح في العراق بعد العام المقبل آلاف الجنود، تحسباً لحدوث توتر طائفي ومن أجل تعزيز القدرات العسكرية لبغداد. ويؤكد المسؤولون الأميركيون في جلساتهم الخاصة أن الوجود العسكري الأميركي في العراق سيمدد بالتأكيد، مع أن الاتفاق الأمني بين واشنطن وبغداد يقضي بانسحاب كل القوات الأميركية بحلول نهاية العام 2011. وقال محللون إن الوجود العسكري الأميركي ضروري، ليس فقط لمهمات تقنية لمساعدة القوات العراقية، بل لطمأنة العراقيين الذين يخشون عودة العنف الطائفي والقومي. وما زال الجيش العراقي يعتمد إلى حد كبير على الدعم اللوجستي والقوة الجوية والمعدات والخبرات الأميركية، بينما يريد معظم سياسيي بغداد بقاء قوة أميركية لحفظ السلام كإجراء احتياطي. ويرى ستيفن بيدل من مجلس العلاقات الخارجية أن «أهم متطلبات المهمة هي أنه أكثر من تدريب القوات على استخدام السلاح، طمأنة المجموعات الداخلية المهددة بأن (هذا السلاح) لن يتم استخدامه ضدها». وأضاف أن «ما يحاولون القيام به هو جعل حجم القوات الموجودة متناسباً مع الخوف الكامن الذي تشعر به المجموعات حيال بعضها البعض». وأشار ضباط سابقون إلى أن تقديم دعم تقني وفي الوقت نفسه لعب دور حفظ السلام سيتطلب قوة صغيرة نسبياً ربما ثلاثة ألوية، أي نحو عشرة آلاف جندي. وقال جون بالارد، وهو أستاذ في جامعة الدفاع الوطني وضابط متقاعد: «أعتقد أن العدد يمكن أن يكون أقل من عشرة آلاف ويبقى الأمر قابلاً للاستمرار». وينتشر خمسون ألف جندي في العراق حالياً للقيام «بدور تدريبي واستشاري» بعد إعلان الرئيس الإميركي باراك أوباما الثلثاء الماضي انتهاء المهمة القتالية للقوات الأميركية في العراق رسمياً. ونفى البيت الأبيض الذي يريد تقليص الدور الأميركي في العراق إمكان إبقاء قوة كبيرة. وقال انتوني بليكن مستشار نائب الرئيس للأمن القومي إن «عشرات وربما مئات» من الجنود قد يبقون. وكان رئيس أركان الجيش العراقي بابكر زيباري صرح الشهر الماضي بأن القوات العراقية لن تكون قادرة تماماً على تولي الملف الأمني قبل العام 2020 وستكون في حاجة إلى الدعم الأميركي حتى ذلك الحين. ودعا محللون في واشنطن إلى الإبقاء على نصف القوات المنتشرة في العراق حالياً بعد 2011. وكتب ريتشارد هاس أحد كبار الديبلوماسيين في عهد جورج بوش أن القادة العراقيين «سيطلبون على ما يبدو بقاء عشرات الآلاف من الجنود لفترة أطول». وبعد 2011، يحتاج العراق إلى القوات الأميركية للحصول على دعم لوجستي لجيش هدفه الأساس مكافحة التمرد. وستؤمن الولاياتالمتحدة قوة نارية ومروحيات وطائرات للدفاع عن بلد لا يملك قوة جوية أو بحرية أو وسائل دفاع عن المرافئ ويأمل بالحصول على معلومات تجمعها طائرات من دون طيار. وستشمل هذه المهمة على ما يبدو قوات تساعد العراقيين في مطاردة قادة تنظيم «القاعدة»، على حد قول جيمس دانلي من معهد دراسات الحرب الذي كان ضابطاً في الجيش الأميركي في العراق. وأضاف دانلي ومحللون آخرون أنه بمعزل عن الدعم العملاني والتكتيكي، سيكون على القوات الأميركية أن تكون مستعدة لأسوأ السيناريوات. وأضاف أنه يفترض أن بغداد ستكون قادرة على طلب المساعدة من القوات الأميركية إذا خرج الوضع بين السنة والشيعة والأكراد عن سيطرتها أو إذا تعرضت المواقع النفطية الحيوية والبنى التحتية لتهديد من داخل العراق أو خارجه. وإلى جانب الجنود، تنوي السلطات الأميركية استخدام الآلاف من المتعاقدين لتولي المهمات الأمنية التي كانت تقوم بها القوات الأميركية رسمياً. وسيشكل التوصل إلى اتفاق على مهمة الأميركيين بعد 2011 تحدياً للعراق الذي يؤيد قادته في جلساتهم الخاصة استمرار الوجود الأميركي، لكنهم يمتنعون عن الإقرار بذلك علناً. وقال بالارد: «سيكون الأمر صعباً جداً على أي حكومة التفاوض في شأن حجم القوات أو مدة وجودها»، مؤكداً ان هذا يجعلنا في وضع صعب». وأشار إلى أن الاتفاق الأمني الحالي الذي وقع في العام 2008 تم التفاوض في شأنه بسرية ويجب الاتفاق على مواصلة المهمة بتكتم وربما من دون اتفاق مفصل وطويل الأمد، معتبراً أن «هناك ضرورة لذلك، لكن وضعه بطريقة رسمية سيكون صعباً».