في الكويت لم يعد من الضروري أن تكون مشهوراً حتى تلفت الأنظار إليك، فقط يكفي أن تتخذ أي «بوز» وتلتقط أغرب الصور لتلفت نظر مَن حولك... أنا أصور «سيلفي» إذاً أنا موجود... شعار المرحلة الحالية الشبابية وغير الشبابية على مواقع التواصل الاجتماعية. هي ربما ليست بحركة جديدة، فالصورة الملتقطة ذاتياً والمعروفة الآن ب «سيلفي» Selfie موجودة منذ زمن، إلا أن التكنولوجيات الجديدة والكاميرات التي تجهز بها الهواتف، أكسبتها شهرة وبعداً كبيراً جداً، حتى أصبحنا -وفق علماء النفس- مهووسين بأنفسنا من خلال تصويرها! ولعل صورة الرئيس الأميركي باراك أوباما وهو يلتقط لنفسه صورة مع رئيسة وزراء الدنمارك خلال مراسم تكريم نلسون مانديلا في جنوب أفريقيا أخيراً، تدل على انتشار هذه الظاهرة، فكيف إن خرجت من رئيس أميركا؟! ومن أميركا إلى الكويت... تدخل أي موقع تواصل اجتماعي لترى صور الشباب والفتيات منتشرة... «أنا في السوق، أو أنا وصديقاتي، وكيفي بصور روحي، أنا وأولادي، أنا وكتابي، أنا وفنجاني... إلخ»، فهل هي ظاهرة صحية مرتبطة بالتطور التكنولوجي أم هوس وأنانية وصولاً إلى النرجسية؟ «الحياة» سألت بعض الشباب عن ال «سيلفي»، لماذا تستهويهم هذه الصورة، وما الذي أضافته إليهم؟ يقول أحمد العنزي، وهو مذيع في إحدى القنوات الإخبارية: «ال(سيلفي) هي ظاهرة مبتدعة على رغم أنها ليست جديدة، فقد انتشرت صور تعود للقرن الماضي بالطريقة ذاتها، لكنها اندثرت، ومن ثم عادت للانتشار بعد صور لمشاهير قاموا بها في حفلة عالمية سوقت لها شركة هواتف كبيرة، لأن الجهاز المستخدم بالصورة كان من إنتاجها، وهذا ما زاد من رواجها كثيراً، بخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي، لتصبح الآن أقرب إلى الموضة منها إلى الظاهرة، هي كانت موجودة سابقاً والآن عادت بقوة». أما منال خالد، إحدى فتيات التواصل الاجتماعي، فتجيب: «نعم، أحب تصوير نفسي، لست مريضة نفسياً، التقاط الصور أمر مسل وممتع يشعرني بالفرح، وهذا يكفيني». أيمن المطيري بدوره يؤكد أن «التقاط الصور ليس بجديد، دائماً ما استخدم المشاهير هذا الأمر، فما المانع من أن نستخدمها نحن، نصور أنفسنا كالمشاهير، نستمتع، نشعر بوجودنا، ونسجل لحظات الفرح بالصوت والصورة والكلمة». وتقول مريم السند: «ال(سيلفي) أفضل جائزة أقدمها لنفسي... أدلل ذاتي بالتقاط صوري الجميلة، تماماً كما أدللها بشراء فستان جميل أو حقيبة». عبدالله الراشد يعتقد بدوره أن «التقاط صورة ال(سيلفي) يهدف إلى تدوين اللحظة، عندما أصور نفسي وأنا في رحلة سياحية مثلاً، فأنا أحاول تخليد هذه الرحلة وإعطاءها قيمتها... وهذا أمر ليس بجديد، الجديد أننا بدأنا نشر صورنا على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو أمر فرضته علينا الحياة الجديدة، أصبحت لدينا شبكة من الأصدقاء، نحاول أن نعرفهم على أنفسنا». أما فاطمة الحيان، وهي باحثة إعلامية، فترى أن الظاهرة لحظية، تعبر عن نفسها في الوقت الذي يتم فيه التقاط الصورة، سواء عن فرح، أو جنون، أو ضحك، أو حزن... الخ. وتضيف: «لا أرى فيها أي نوع من النرجسية أو الغرور أو شكل من أشكال الاضطراب العقلي، كما ذُكر في إحدى الدراسات التي نشرت في إحدى الصحف الأميركية، وإنما هي صورة من صور آليات عالمنا الافتراضي الذي نعيش، والمتمثل في شبكات التواصل الاجتماعي. باختصار أراها نوعاً من أنواع الثقة وحب الذات والاستمتاع باللحظة التي يلتقط فيها الشخص صورته، ومن مميزات هذه الظاهرة أنها جعلت الناس أكثر واقعية، بعيداً من التصنع والتأنق المبالغ فيه لتصوير الصور كما كان يحدث من قبل، ولا أعني بذلك الابتذال من أجل التقاط الصورة، وإنما أكثر واقعية وملامسة لإيقاع حياتنا اليومي البعيد عن التكلف والتصنع». أما مدربة تطوير الذات والمستشارة في الصحة النفسية الدكتورة هدى الجاسر، فتعتبر ظاهرة صورة «سيلفي» العامل الرئيسي لبروز الكثير من الأشخاص المغمورين الذين استطاعوا من طريق تصوير أنفسهم عرض مهاراتهم وصفاتهم ومقتنياتهم وأمور كثيره تتعلق بهم، فأصبح لديهم الكثير من المتابعين والمشجعين، ما تسبب بملاحقة وسائل الإعلام المختلفة لاقتناصهم، حتى شركات الإعلان حرصت أيضاً على الترويج لمنتجاتها من طريق مشاهير ال «سيلفي». وتقول: «أكثر مَن استفاد من هذه الظاهرة هم من يمتلكون مهارات ومواهب لكنهم يفتقرون إلى تسليط الضوء عليهم... ال(سيلفي) أو التصوير الذاتي ساهم بشكل كبير وعبر وسائل التواصل المتعددة من أبرزهم... فأصبحوا من المشاهير، أكثرهم يمتلكون أعداداً كبيرة من المعجبين، ظاهرة ال(سليفي) أفادت مثل هؤلاء وروجت لهم». لم نعد بحاجة لمصور محترف... نحن أصبحنا مصورين عبر هواتفنا النقالة... تقول الجاسر، «بينما كسد سوق الكاميرات المحمولة وأفل نجم المصورين... لن نحتاج إلى مصور محترف كي يلتقط صورنا، فقط ساعد نفسك بنفسك، وصور نفسك بنفسك، قد تصبح مشهوراً وقد تجني الثروة».