غيرة محمومة انتشرت بين الشباب والمراهقين على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» حينما غيروا صورهم المألوفة على حساباتهم ووضعوا بدلاً منها صوراً ذاتية التقطوها بأنفسهم بطريقة تكشف عن مدى تأثرهم بما يجري في العالم. الصور بدأت تنتشر تدريجياً على حسابات الشباب، وكانت كثيراً ما تثير تعليقات الأصدقاء الذين يطلقون عليها نكاتاً مختلفة وتعليقات ساخرة، لكنها سرعان ما بدأت تظهر على حسابات المنتقدين أنفسهم. ويقول صفاء علي (21 عاماً) إن ال «سيلفي» التي وضعها على حسابه قوبلت بتعليقات كثيرة من أصدقائه ومعارفه، لكن بعضهم أعجبته فأقدم على تقليدها والتقاط صور مماثلة بل وتغييرها بين الحين والآخر. ويضيف: «هي تعكس الثقة بالنفس، ولا أعلم لماذا يعدها البعض نوعاً من الإعجاب الزائد عن الحد بالذات، فهي جميلة وواقعية، كما أنها باتت جزءاً من موضة اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي». الكثيرون من الشباب لم يكتفوا بنشر صور ال «سيلفي» على حساباتهم فحسب، بل نشروها على المدونات الخاصة بهم أيضاً، حيث بدأت الصور التقليدية تختفي من تلك الأماكن وتتراجع لمصلحة الصور الذاتية. سما أحمد (19 عاماً) أقدمت هي الأخرى على تغيير صورتها على «فايسبوك» ووضعت بدلاً منها صورة ذاتية التقطتها لنفسها قبل أسبوعين. تقول سما: «وجدت إن موضة الصور التقليدية أصبحت قديمة فأحببت أن استبدلها بصورة سيلفي، لا سيما أن جميع صديقاتي في الجامعة فعلن الأمر ذاته واستبدلن صورهن القديمة». الانتشار المتسارع للصور المذكورة بين الشباب «الفايسبوكيين» لم يلغِ الصور التقليدية من بروفايلات بعض الشباب الذين انتقدوا التوجه الجديد في نشر الصور واعتبروه محض استكبار وتعال على الآخرين. أحمد شاكر أحد الشباب الذين فضلوا الاحتفاظ بالصورة التقليدية، ويقول: «صور ال(سيلفي) موضة ستنتهي على رغم انتشارها، وما يحصل بين الشباب في العراق هو مجرد تقليد أعمى لظاهرة اكتسبت سمة العمومية بشكل سريع». الدكتور مهيمن نوري البناء، اختصاصي الطب النفسي، يشرح أن لكل إنسان مبادئ واعتقادات يحملها عن نفسه وتخرج على شكل سلوكيات وتصرفات في المواقف التي يواجهها في حياته، فالاعتقادات السائدة عن الذات عند الإنسان تلعب دوراً في دفع حياته بالاتجاهات التي تؤمن بها صورته أمام نفسه، فالشخص الذي يؤمن بأنه أفضل من الآخرين ويملك نرجسية عالية في النظر إلى نفسه، غالباً ما يحاول إظهار هذا الأمر من خلال تصرفاته. ويؤكد أن لكل إنسان شخصية مرسومة داخل عقله ناتجة من خبراته والسلوكيات التي يعتقد بها في المواقف المختلفة، وهي التي تحدد رؤيته للنجاح والفشل والسعادة والتعاسة والكثير من التناقضات الأخرى في حياته. وعن انتشار ظاهرة الصور الذاتية، أو ال «سيلفي» في الآونة الأخيرة في العراق، يقول إن «الظاهرة ليست إدماناً أو نرجسية بقدر ما تمثل تقليداً لظاهرة بدأت تتسع بين أوساط الشباب، فهي بالتأكيد تشير إلى وجود نظرة عليا للذات من قبل هذه الفئة، لكنها في الوقت ذاته ليست خطيرة إلى الدرجة التي يراها البعض وقد تزول بمرور الوقت». ويضيف: «النرجسية موجودة في المجتمع، وبخاصة بين الشباب، لكننا لا يمكن أن نعمم الأمر على الجميع، فهي مجرد تقليد سينحسر يوماً ما».