شهدت العاصمة التايلاندية (بانكوك) خلال اليومين الماضيين، نشاطاً ديبلوماسياً «محموماً»، تمثل في لقاءات عدة عقدها وزير الخارجية عادل الجبير، على هامش «القمة الآسيوية الثانية» التي عُقدت في بانكوك، بدأها مع رئيس الوزراء البحريني الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة، ووزير خارجيته، ونائب وزير الخارجية الصيني، ووزير الخارجية الكويتي، ومستشار رئيس الوزراء الباكستاني للشؤون الخارجية. إلا أن اللقاء اللافت للجبير كان مع رئيس الوزراء في مملكة تايلاند برايوت تشان أوتشا، وهو لقاء «نادر» بين مسؤولين من المملكتين، منذ قطع العلاقات بين البلدين قبل زهاء ثلاثة عقود. ونشرت وزارة الخارجية السعودية خبراً عن اللقاء على حسابها في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»،، مرفقاً بصورة يظهرفيها المسؤولان وبينهما رئيس الوزراء البحريني، الذي قيل إنه قاد «وساطة» لإعادة ما انقطع من علاقات ديبلوماسية بين البلدين. ويُعرف آل خليفة بعلاقته القوية، سواءً في الرياض أو بانكوك، التي درج على قضاء إجازتها السنوية فيها. وقالت وكالة الأنباء السعودية (واس)، والتي نشرت الخبر والصورة، إن اللقاء «بحث تعزيز التعاون بين الدول الآسيوية في خدمة المصالح المشتركة، وفِي إطار أهداف حوار التعاون الآسيوي». وإثر هذا اللقاء، تداول سعوديون في تغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي، إشاعة عودة العلاقات السعودية – التايلاندية. وتمنى بعضهم أن تكون هذه الإشاعة «صحيحة»، وأن تزال القيود على السفر إلى بانكوك، والتي تندرج في قائمة من خمسة بلدان تمنع السعودية السفر إليها. وطرحت «رابطة عشاق السعودية» أخيراً، استفتاءً للتصويت على عودة العلاقات الثنائية بين البلدين، عبر تغريدة في حسابها على «تويتر»، وكانت النتجية 52 في المئة يريدون لهذه العلاقات أن تعود، مقابل 48 في المئة لا يريدون عودتها. وقال محمد إنه ستعود العلاقات إلى تايلند ويعود السفر من جديد إليها وسنتخلص من الذهاب إلى دول عدة كنا قد زرناها أكثر من مرة. اما علي الغفيلي فتوقع في تغريدة أخرى أن يصبح جسر الملك فهد فارغاً، بعد عودة العلاقات وأن السعوديين سيذون إلى تايلندا. وتمنى بدر الشملي عودة العلاقات، كي يتسنى له السفر إلى تايلند بحرية ومن دون قيود. وانقطعت العلاقات السعودية – التايلاندية منذ حوالى ثلاثة عقود، بعد جريمة «سطو» حصلت في العاصمة السعودية الرياض في العام 1989، إثر سرقة عامل تايلندي جواهر تزن 90 كيلوغراماً، تقدر قيمتها حينها بحوالى 20 مليون دولار من قصر الأمير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز في الرياض، وتهريبها إلى بانكوك، وبيعها هناك على «مافيا»، تضم تجاراً ورجال أمن تايلنديين. وتسبَّبت القضية في مقتل أربعة ديبلوماسيين سعوديين (كان بعضهم مكلفاً بمتابعة القضية)، إضافة إلى رجل أعمال سعودي، ما أدى إلى قطع العلاقات الديبلوماسية بين البلدين، لأكثر من 20 عاماً. ولم تتم بعد استعادة عدداً من الأحجار الكريمة المسروقة، منها ألماسة زرقاء «نادرة». وبعد أقل من عام من السرقة، قُتل السكرتير الثالثة في السفارة السعودية السعودي عبدالله المالكي، في بانكوك في العام 1989، إثر إطلاق النار عليه أثناء عودته إلى منزله سيراً على الأقدام، وبعدها بأشهر اُغتيل رئيس القسم القنصلي السعودي عبدالله البصري، وبفارق خمس دقائق؛ تم اغتيال السكرتير الثاني في القنصلية السعودية فهد عبدالله الباهلي، وزميله أحمد عبدالله السيف، اللذين كانا يستقلان سيارة واحدة متجهين إلى العمارة التي يقطنها الباهلي، إذ كان ينتظرهما فيها شخص شرع في إطلاق النار عليهما فور رؤيتهما. وبعدها ب11 يوماً، اُختطف وقُتل لاحقاً رجل الأعمال السعودي محمد الرويلي، الذي كان يمتلك مكتب استقدام في بانكوك آنذاك، وكان شاهداً على إطلاق النار على القنصل البصري، ويملك معلومات مفصلة عن العصابة التي سرقت وتاجرت في المجوهرات. وفي تداعيات الجريمة والاغتيالات، أوقفت السعودية إصدار تأشيرات إلى العمال التايلانديين، وانخفض عدد التايلانديين العاملين في السعودية. وفي أيلول (سبتمبر) من العام 2010، توترت العلاقات السعودية – التايلاندية بشكلٍ كبيرٍ، بعد أن احتجت البعثة السعودية في بانكوك (خفضت السعودية تمثيلها بعد قطع العلاقات الديبلوماسية بين البلدين من سفارة إلى بعثة)، على قرار أصدرته السلطات التايلاندية بترقية ضابط متهم في الضلوع في جريمة قتل الديبلوماسيين السعوديين، وخطف السعود الرويلي، مؤكدةً أن الترقية «تخالف النظام المعمول به في تايلاند». ومنعت الرياض مواطنيها من السفر إلى بانكوك، والتي كانت تستقطب أعداداً كبيرة من السياح السعوديين، وبخاصة جزيرة بتايا، وبذلك انضمت تايلند إلى قائمة الدول الممنوع على السعوديين دخولها أو السفر إليها، وتضم حالياً إسرائيل والعراق وسورية وإيران، إذ تعتبر الرياض الأولى «دولة احتلال وترفض التطبيع معها قطعياً»، فيما الأوضاع الأمنية متدهورة في سورية والعراق، أما إيران فبسبب قطع العلاقات بين البلدين العام الماضي. وعلى رغم المنع، يحصل بعض السعوديين على إذن سفر استثنائي تصدره وزارة الداخلية، في حال الرغبة بالسفر إلى هذه البلدان، وبخاصة العراق وتايلند، وذلك من خلال التقدم بطلب إلى المديرية العامة للجوازات. وفي المقابل، تمنح السعودية المسلمين التايلانديين تأشيرات لأداء الحج أو العمرة.