هذه من أهم الإشكاليات التي تثار حول الإسلام والتي لا تزال غامضة ومشوشة لدى الآخر، مع أن الإسلام تبنى الحوار وآمن بتعددية الرأي وحرية الأديان، ففي نص القرآن أقر خالق الناس باختلاف الناس وتعدد توجهاتهم فقال: (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين. إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم) (سورة هود: 118-119) وفي نص أكثر مباشرة في ترسيخ حرية المعتقد: (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم). (سورة البقرة آية: 256). وبلغت سعة صدر الإسلام - وليس بعض المحسوبين عليه - أنه أجاز حتى الحوار حول وحدانية الله سبحانه، فالله يقول في القرآن الكريم في ميدان الحوار مع المشركين: (أمن يبدؤ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أإله مع الله قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين). (سورة النمل آية: 64). وحتى في مجال الدعوة إلى دين الإسلام والإيمان به أعطى الله مطلق الحرية للإنسان: (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر). (سورة الكهف آية 29). واختم هذه الوقفة بقصة الطفيل عندما قدم من "دوس" وقال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن دوساً - يا رسول الله - كفرت وأبت فادع الله عليهم، ولكن الرسول عليه السلام لم يدع عليهم بل دعا لهم فقال: (اللهم اهد دوساً وإت بهم). بعد هذا لا يجهلن أحد علينا من الغرب أو الشرق عندما ينظر إلى فئة من المحسوبين علينا... لا يؤمنون بتعددية، ولا يعتقدون بحوار. إن مثل هذه فئات محدودة جاهلة موجودة في كل مذهب وكل دين وفي متقدم العالم وناميه، ومن شأنها أن تنقرض كلما تنامى الوعي في الداخل وانتصر حوار الحسنى بين الإسلام والغرب، واختفى مصطلح الصراع الذي كان أول من طرحه هو مؤلف كتاب «صراع الحضارات» المفكر المغربي «هنغتون»! إننا بصفتنا مسلمين مقتنعين بإيمان الإسلام بالحوار نفتح قلوبنا وعقولنا للعالم من حولنا لحوار موضوعي يستهدف سعادة الإنسان وسلام العالم، وتعارف شعوبه وقبائله من أجل أن تعيش كل شعوب هذا الكون في عالم يحفه السلام ويوحّد بين أفراده الوئام. * عضو مجلس الشورى.