أسفر الهجوم المسلح الذي نفذه المقدسي مصباح أبو صبيح (40 سنة) صباح أمس قرب محطة القطار الخفيف مقابل مقر شرطة الاحتلال في القدس، عن مقتل شرطي وإسرائيلية والمنفذ نفسه وإصابة خمسة آخرين بجروح متفاوتة. وأبدت أوساط سياسية وأمنية مخاوفها من اتساع مثل هذه العمليات في الأيام القريبة لمناسبة الأعياد اليهودية. وأفادت الشرطة بأن مركبة بيضاء توقفت عند محطة للقطار الخفيف قرب مقر قيادة الشرطة في «التلة الفرنسية»، وأطلق سائقها النار، فأصاب بجروح امرأة في الستين من عمرها توفيت لاحقاً، ثم واصل السير وإطلاق النار على المارة نحو حي الشيخ جراح ليواجه أفراد الشرطة الذين كانوا يطاردونه، فأطلق النار عليهم رداً على نيرانهم، فقتل شرطياً وقُتل برصاصهم. وأصدرت الشرطة بياناً أعلنت فيه حظر تفاصيل التحقيق في الحادث. وتزامن الحادث مع افتتاح الاجتماع الأسبوعي للحكومة، فاستهل رئيسها بنيامين نتانياهو حديثه لوسائل الإعلام بإرسال تحية للشرطة على سرعة رد فعلها وقتلها الفلسطيني. وقال وزير الأمن الداخلي يغآل اردان إن المنفذ يحمل الهوية الزرقاء (أي من سكان القدسالشرقيةالمحتلة ولا يعتبر مواطناً إسرائيلياً)، مشيراً الى انه لم ترد أجهزة الأمن إنذارات سابقة باحتمال وقوع هجوم في المدينة. ودعا القائد العام للشرطة روني ألشيخ الإسرائيليين في القدس إلى مواصلة حياتهم الاعتيادية «مع إبداء اليقظة»، مشدداً على أن الشرطة منتشرة بكثافة في أحياء المدينة لضمان أمنهم والرد السريع على أي طارئ. ودعا نواب من الأحزاب الصهيونية المختلفة الشرطة إلى التشدد ضد ذوي منفذ العملية، ودرس إمكان سحب هويات السكن فضلاً عن هدم البيت. وقال مصدر في الشرطة إن العملية التي نفذها مصباح تعتبر جديدة في نوعيتها، وحذرت من احتمال أن يقوم فلسطينيون بتقليده. ومع الحادث، انتشرت قوات الاحتلال بكثافة في شوارع المدينة واعتقلت شقيق الشهيد تيسير وبعض أقاربه، وأغلقت بعض مداخل الأحياء والقرى وعرقلت حركة المواطنين لنحو ساعة. وأفادت وكالة «معاً» الفلسطينية للأنباء أن أبو صبيح كان من المفترض أن يسلم نفسه لإدارة سجن الرملة لقضاء محكومية بالسجن لأربعة أشهر، «لكنه أختار طريقاً آخر... إذ نفذ عملية إطلاق نار في منطقة حساسة في القدس قرب قيادة شرطة الاحتلال ومحطة القطار في الشيخ جراح». وتابعت أن أبو صبيح الملقب ب «أسد القدس والأقصى» عُرف بنشاطه في الدفاع عن المسجد الأقصى والمدينة المقدسة، وكان آخر ما أوصى به وكتبه على حسابه على موقع «فايسبوك» قبل يومين: «كم اشتاق لعشقي لحبي، كم اشتاق وكنت أتمنى لو كنت آخر ما أراه وأقبله وأسجد على ثراه أقبل ترابك وأصلي فيك، لكن هو الظلم وهم الظالمون... لن اشتاق لأحد كاشتياقي إليك، لن أحب أحداً كحبي إياك. رغم سجونهم وحقدهم وجبروتهم وطغيانهم حبي لك يزداد... قالوا 4 أشهر سجناً لحبي إياك، قلت والله قليل فعمري وحياتي وكل مالي فداه، ان لم أستطع الوصول إليك بجسدي فروحي وقلبي وعيوني ما فارقتك وما تركتك وما نسيتك. الحب الأكبر والعشق الأبدي حتى الممات... الأقصى أمانة في أعناقكم فلا تتركوه وحيداً». ونشرت الوكالة حديثاً هاتفياً مع مصباح أجرته مساء أول من أمس لإعداد تقرير عن خبر «تسليم نفسه لإدارة السجون صباح اليوم (أمس)» أوضح فيه أن استخبارات الاحتلال أجبرته على تسليم نفسه لإدارة سجن الرملة بصورة مفاجئة، علماً أنه كان من المقرر أن يسلم نفسه منتصف الشهر الجاري وفق قرار محكمة إسرائيلية. وخلال اللقاء معه، قال: «بإذن الله سأقوم بتسليم نفسي يوم غدٍ (الأحد) الى سجن الرملة، بعد التهديد بتحويلي على الاعتقال الإداري في حال تأجيل التسليم... سياسة الاحتلال معروفة قبل الأعياد اليهودية، لكن هذا العام تمادوا كثيراً... فلم يكتفوا بإبعادي عن الأقصى لمدة 6 أشهر... بل قاموا (قبل أسبوع) بإبعادي عن كامل القدسالشرقية لمدة شهر، وسلموني قراراً يقضي بمنعي من السفر حتى نهاية العام، ثم قرروا ضرورة تسليم نفسي للسجن». وتابع أن «القدس تشهد في هذه الأيام تهويداً في شكل كبير، وتتعرض الى هجمة غير مسبوقة من سلطات الاحتلال... احنا عايشين بسجن، خلال اسبوع واحد اعتُقلت 5 مرات، وكانت لساعات أو ايام، تلاعبت الاستخبارات أمام القاضي في آخر اعتقال، فتقرر إبعادي عن القدس القديمة، لكنهم أصروا على إبعادي عن كامل القدسالشرقية». وأشارت الوكالة إلى أن أبو صبيح أسير محرر قضى في سجون الاحتلال 39 شهراً في شكل متقطع، إضافة الى اعتقالات لأيام وأسابيع بتهمة «الدفاع عن الأقصى»، وآخر الاعتقالات كانت العام الماضي، وأفرج عنه في كانون الأول (ديسمبر) بعد اعتقاله مدة عام بتهمة التحريض على «فايسبوك» لنشره «بالروح بالدم نفديك يا أقصى»، و «أولادنا فداء للمسجد الأقصى». وبعد الإفراج عنه بفترة قصيرة، أعادت سلطات الاحتلال فتح ملف «الاعتداء على شرطي في منطقة باب حطة، أحد أبواب المسجد الأقصى».