أعلن الرئيس باراك أوباما، قبل إلقاء خطابه مساء أمس في مناسبة انسحاب قواته المقاتلة من العراق أمس أن:»لا احتفال بالنصر، ولن نهنىء أنفسنا، فما زال أمامنا الكثير لإنجازه هناك»، فيما أكد وزير الدفاع روبرت غيتس أن «لا شيء على ما يرام»، محذراً من أن «الشلل السياسي واستمرار العنف الطائفي يجعلان مستقبل هذا البلد غامضاً». فيما حض البيت الأبيض القادة العراقيين على الخروج من الأزمة السياسية وتشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن. وأنهت القوات الأميركية رسمياً أمس عملياتها القتالية في العراق، على ان يواصل 50 الف عسكري مهمات يقول القادة الأميركيون انها تتعلق بتدريب الجيش العراقي وتأهيله. واعتبر رئيس الوزراء نوري المالكي أن العراق أصبح «سيداً مستقلاً»، وهاجم المشككين بقدرة القوات العراقية على الاضطلاع بمهماتها الأمنية، وحذر وزير الخارجية هوشيار زيباري دول الجوار من التدخل في شؤون بلاده، وقال إن الإنسحاب الأميركي لن يترك فراغاً أمنياً أو سياسياً. وكان متوقعاً أن يعلن الرئيس باراك أوباما في وقت متقدم ليل أمس انسحاب قواته المقاتلة من العراق، وبدء مرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين. واتصل بخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ليهنئه برمضان ويبحث معه في شؤون المنطقة. واذا كان اوباما مقتنعاً بضرورة سحب قواته. وهو اصلاً كان من معارضي ارسالها عام 2003، فإنه في المقابل يعتبر الوجود العسكري في افغانستان مبرراً ويرتبط مباشرة بأمن الولاياتالمتحدة. وقال الناطق باسم البيت الابيض روبرت غيبس الاثنين ان موقف الرئيس لم يتغير: «مما لا شك فيه ان حسابات خطأ رافقت اجتياحنا العراق»، مشيراً الى «اخطاء استراتيجية وتكيتيكية ضخمة» ارتكبت خلال ادارة جورج بوش الجمهورية. وأضاف ان اوباما سيتصل هاتفياً ببوش لابلاغه انتهاء العمليات القتالية في العراق، على غرار ما فعل في شباط (فبراير) 2009 عندما اعلن الجدول الزمني للانسحاب. ويحتفل الجيش الأميركي بالمناسبة في بغداد اليوم، بمشاركة نائب الرئيس جو بايدن والمسؤولين العراقيين. ويفترض تغيير مهمة القوات الباقية من القتال الى «التدريب والمشورة»، في نطاق عملية اطلق عليها القادة العسكريون الاميركيون اسم «الفجر الجديد»، تمهيداً للانسحاب الكامل بحلول نهاية عام 2011. وقال المالكي في خطاب متلفز مخاطباً الاحزاب السياسية ان «نجاحنا في المعركة ضد الارهاب مرهون بوحدتنا الوطنية ومساندتنا لقواتنا واجهزتنا الامنية ورفع مستوى جاهزيتها في المجالات المختلفة وتمكينها من اداء دورها الوطني بقوة ومسؤولية ومهنية». وانتقد «حملات التشكيك» بالجيش وعدم قدرته على الحفاظ على الأمن في البلاد وقال: «يؤسفنا اننا في الوقت الذي نتطلع الى استعادة السيادة الوطنية الكاملة نواجه بحملات تشكيك ظالمة تقلل من شأن القوات الامنية وانجازاتها الكبيرة وتغض الطرف عن جرائم الارهاب بل وتعظمها». ويختلف الوسط السياسي العراقي في تقويم نتائج الانسحاب الأميركي، إذ يعتبر كثيرون ان القوات العراقية ما زالت غير قادرة على الإضطلاع بمهماتها. وكان اول اقرار صريح بهذا الواقع من رئيس الأركان با بكر زيباري الذي اكد ان الجيش في حاجة الى 10 سنوات اضافية لاكمال بنائه. لكن وزارة الخارجية العراقية حاولت امس التخفيف من الجدل حول نتائج الانسحاب وأعلنت في بيان ان «الانسحاب لا يعني بأي حال من الاحوال تخلي الولاياتالمتحدة عن مسؤولياتها المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة السابعة والعشرين للاتفاق الأمني في ما يتعلق بمساعدة العراق عند نشوء اي خطر خارجي او داخلي او وقوع عدوان ما عليه من شأنه انتهاك سيادته او استقلاله السياسي او وحدة اراضيه او مياهه او اجوائه، او يهدد نظامه الديموقراطي او مؤسساته المنتخبة واتخاذ الاجراءات المناسبة لردع مثل هذا التهديد». واختلف جناحا حزب البعث بقيادة عزة الدوري ومحمد يونس الأحمد في تقويم الانسحاب الاميركي، وفيما اعتبر الاول ان الانسحاب «انتصار للمقاومة وهرب للإحتلال» وجد الثاني انه مجرد «اكذوبة». وأصدرت مجموعات مسلحة، بينها «الجيش الاسلامي» و «كتائب ثورة العشرين» و «حماس–العراق» بيانات وصفت فيها الانسحاب بأنه بفضل المقاومة لكنها حذرت من «ألاعيب اميركية – ايرانية».