رفض المجلس التشريعي الفلسطيني قرار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية اجراء مفاوضات مباشرة مع الدولة العبرية، محذراً من مخاطرها التي تكسب الاحتلال مزيداً من الوقت لفرض الأمر الواقع على الأرض بالاستيطان، ما يستحيل تغييره. وطالب فصائل المنظمة بالانسحاب من اللجنة التنفيذية، وحذر حركة «فتح» من «مغبة التورط في استمرار المفاوضات مع الكيان الصهيوني لأن هذا يعني وضعها على قائمة الذين باعوا القضية الفلسطينية». وأقر المجلس، خلال جلسة عقدها أمس في مقره في مدينة غزة للبحث في قرار المشاركة في المفاوضات، التقرير الذي أعدته اللجنة السياسية في المجلس حول هذه المفاوضات، مع بعض التعديلات والملاحظات التي وضعها نواب حركة «حماس» عليه. وطالب النواب أثناء المناقشات «بنزع الثقة والشرعية عن المفاوض الفلسطيني الذي لا يمثل سوى قلة ساقطة من شعبنا»، واعتبروا الرئيس محمود عباس والمفاوضين الفلسطينيين بأنهم أصبحوا «خطراً» على القضية الفلسطينية. واتفقوا على ضرورة وجود «مرجعية وطنية تمثل كل فصائل وقوى شعبنا الفلسطيني للوقوف أمام سلسلة التنازلات للمفاوض الفلسطيني، وأن تكون مرجعية لشعبنا بديلاً من المفاوض الذي ينتحل شخصية شعبه». وطالب النائب الأول لرئيس المجلس أحمد بحر، الذي افتتح الجلسة، المفاوض الفلسطيني «بعدم الذهاب إلى تلك المفاوضات العبثية والهزيلة والبهلوانية». وعبر عن رفضه واستنكاره قرار اسرائيل «عقد المؤتمر اليهودي العالمي الرابع عشر في القدسالمحتلة في شهر رمضان المبارك». وعرض رئيس اللجنة السياسية في المجلس عضو المكتب السياسي في حركة «حماس» خليل الحية تقرير اللجنة حول المفاوضات. وعن أسباب الذهاب الى المفاوضات المباشرة قال الحية إن إدارة الرئيس الأميركي باراك اوباما «لم تخفِ منذ وصولها إلى البيت الأبيض اهتمامها بالقضية الفلسطينية، ليس فقط كمدخل لتحسين العلاقات مع العالم الإسلامي، وإنما أساساً لاعتبارات متعلقة بالمصلحة الأميركية بعدما باتت الدولة الفلسطينية مصلحة قومية أميركية، ودخول العسكر على الخط والحديث الشهير للجنرال ديفيد بترايوس الذي اعتبر فيه أن حل الصراع، وفق حل الدولتين، يسهم في تخفيف العداء العربي والإسلامي للولايات المتحدة، وفي حماية أرواح الجنود الأميركيين المنتشرين في المنطقة». وفسر الحية موافقة السلطة الفلسطينية على المفاوضات غير المباشرة بأنه نابع من «الجمود الفكري وعدم امتلاك الإرادة السياسية للتخلي عن خيار المفاوضات، وارتمائها في الحضن الأميركي، والحرص على عدم توتير العلاقات مع الولاياتالمتحدة وأوروبا، بخاصة مع تهديدات الأخيرة بالتخلي عن دعم السلطة سياسياً واقتصادياً طالما أن العملية السياسية متوقفة». واعتبر الحية أن المفاوضات غير المباشرة «لا تملك فرص جدية للنجاح حتى لو تحولت إلى الشكل المباشر، وإذا كان (المبعوث الأميركي جورج) ميتشل محبط من (رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين) نتانياهو وحكومته، والمحادثات لم تغادر بعد المربع الأول، فكيف ستكون الحال عند الخوض في المسائل المعقدة والشائكة والصعبة؟ علماً أن نتانياهو يراهن على نتائج انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، إذ تشير المعطيات الأولية إلى تراجع حظوظ الحزب الديموقراطي، ما يعني برأي نتانياهو تقييد الرئيس أوباما وتحوله إلى بطة عرجاء في النصف الثاني من ولايته الرئاسية». ورأى الحية أن من «مخاطر دخول السلطة عملية التفاوض من جديد كسب الاحتلال مزيداً من الوقت لفرض الأمر الواقع على الأرض بالاستيطان، ما يستحيل تغييره بالمفاوضات أو بغيرها، وتبييض صورة الاحتلال بعد أحداث مجزرة أسطول الحرية التي عزلته دولياً وأوضحت صورته الحقيقية» فضلاً عن «الحفاظ على السلطة كذراع أمنية في مواجهة فصائل المقاومة الفلسطينية بما يخدم مصلحة الاحتلال واعتباراته الأمنية». وحذر الحية حركة «فتح» من «مغبة التورط في استمرار المفاوضات مع الكيان الصهيوني لأن هذا يعني وضعها على قائمة الذين باعوا القضية الفلسطينية». ودعا «فتح» إلى «عدم إعطاء مزيد من الوقت لاسرائيل، لفرض مزيد من الأمر الواقع على الأرض في الضفة الغربية بخاصة في القدس ومحيطها»، وطالبها «بمراجعة سياسية وفكرية جادة لعملية التفاوض، وجدواها الحقيقية، حتى لا تكون غطاء لممارسات الاستيطان والتهويد الإسرائيلية» ودعاها الى «إعطاء الأولوية لإعادة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني وتحقيق المصالحة والوحدة الوطنية من أجل بلورة الخيار البديل في مواجهة الخطط والمشاريع الإسرائيلية». كما دعا الشعب الفلسطيني في فلسطين والشتات الى «الخروج في تظاهرات غضب رفضاً لتصفية القضية الفلسطينية ورفعاً للغطاء عن عباس ومفاوضيه الذين وصل بهم الحد إلى أن يكونوا خطراً على الشعب الفلسطيني ومستقبل قضيته». كما دعا فصائل الشعب الفلسطيني بما في ذلك فصائل منظمة التحرير إلى «إصدار موقف موحد رافض لنهج التفريط ومؤكد على ثوابت الشعب الفلسطيني، وتعرية قرار ما يسمي منظمة التحرير الداعي إلى التفاوض باعتباره لا يمثل إلا الموقعين عليه، والانسحاب مما يسمى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير».