لا يخلو حي سكني في بغداد من السكان المتجاوزين على أملاك الدولة الذين استولوا على بعض الدوائر الصغيرة والمساكن التي تعود الى منتسبي الامن والاستخبارات في زمن النظام السابق. المتجاوزون او «الحواسم»، كما يطلق العراقيون عليهم باتوا جزءاً لا يتجزأ من مشكلة السكن في العاصمة العراقية، بل انهم جزء من مشكلة اخرى نتجت عند قيام الدولة بإصدار قرارات اخلاء بحق بعض الشقق التي يسكنها الحواسم ووزعتها على مسؤولين حكوميين وقادة أمنيين قام بعضهم باستخدام القوة لإخلاء تلك الشقق ومطالبة ساكنيها بدفع ايجارها للمدة التي شغلوها بعد صدور القرار. ودفعت الاحداث في الصالحية الأهالي الى الإعتصام داخل الحي لمنع القوات الأمنية من اخراجهم بالقوة ما يؤكد على عمق الازمة التي تعيشها شريحة واسعة من المجتمع العراقي. ويقول محمد اسماعيل ممثل اهالي مجمع الصالحية ل»الحياة» ان قوات الجيش اقتحمت المجمع مرات قبل اعتصام الاهالي مطالبين الحكومة بايجاد حل لمشكلتهم. ويؤكد انه وباقي الأهالي اشتروا الشقق التي يقطنونها من بعض الناس الذين استولوا عليه عقب سقوط نظام صدام حسين منذ اكثر من سبع سنوات ولا يملكون بديلاً آخر للسكن فيه، وان قرار اخلائها وتمليكها للمسؤولين في الجيش والشرطة والحكومة سيدفعهم الى السكن في مخيمات. ويواصل الأهالي اعتصامهم منذ اسبوع احتجاجاً على قيام أحد كبار المسؤولين في الجيش باخراج امرأة من شقتها بعد ايام من الإنذار الموجه إليهم من قبل المسؤولين الذين وزعت عليهم الشقق السكنية من قبل الحكومة العراقية. ويؤكد ليث الدليمي عضو مجلس محافظة بغداد ل»الحياة» ان قرارالاخلاء سيؤول الى تشريد الأهالي الساكنين في المكان، وانه كان يتوجب على الحكومة ان تُعد مساكن بديلة قبل ان تباشر بالتطبيق. ولفت ان هناك بعض الاهالي قدموا شكاوى الى مجلس المحافظة اكدوا فيها انهم لا يملكون خياراً آخر ولا يستطيعون دفع مبالغ تأجير مساكن جديدة، مبيناً ان المجلس درس الشكاوى وسيقدمها في توصية الى الجهات العليا. وكان كتاب موجه من الأمانة العامة لمجلس الوزراء، في 27 نيسان (ابريل) الماضي، إلى دائرة عقارات الدولة التابعة لوزارة المال، نصّ على بيع شقق مجمعي الصالحية وأبو نواس السكنيين إلى العراقيين الذين خصصت لهم الشقق بصورة رسمية وإخلاء المتجاوزين عليها. ويقع المجمع بالقرب من المنطقة الخضراء حيث تضررت مساكنه بشكل كبير عند انفجار سيارة مفخخة بالقرب من وزارة الخارجية في آب (اغسطس)عام 2009 ، ولا يزال بعض منتسبي جهاز الأمن الخاص التابع للنظام السابق يشغلون شققاً فيها، فيما قام بعض العائلات بشغل هذه المساكن التي تركها أصحابها بعد عام 2003. وتحتوي العاصمة على مجموعة من المجمعات السكنية التي تم الاستيلاء عليها بعد الغزو الاميركي وبعضها كان تابعاً للجيش ووزارات وداوئر الدولة ومؤسساتها الأخرى، لكنها تحولت الى مجمعات سكنية لبعض النازحين من القرى والمناطق الفقيرة والذين يطلق عليهم العراقيون محلياً تسمية «الحواسم».