يتأهب أهل مكة وزوارها لمراقبة المطاعم التجارية عبر شاشات تليفزيونية يتم وضعها في صالة المنشأة، وتسمح بنقل ما يتم ويدور داخل المطابخ وهو إجراء يهدف إلى إجلاء غموض ما يتم خلف كواليس هذه المطابخ وما يجري داخلها بالصوت والصورة بكل وضوح . ويتميز الإجراء الجديد بنقل الصور الحية والبث المباشر لأحوال العاملين داخل المطبخ للتأكد من سلامة وصحة إعداد الوجبات الغذائية ومنع التجاوزات التي تحدث من بعض أصحاب المطاعم والمطابخ. واستجاب عدد كبير من أصحاب المطاعم في مكة لهذا الإجراء الجديد الذي فرضه تعميم من أمانة العاصمة المقدسة مطلع أغسطس الجاري تماشياً مع اللوائح المنظمة لأنشطة تداول الغذاء والصحة العامة بهدف تفعيل عملية الإشراف الفعال والرقابة على عملية الإنتاج أثناء التجهيز على اعتبار أن مرتادي هذه المطاعم سيكونون رافدًا مهمًا لأداء الرقابة البلدية من طريق مشاهدتهم المباشرة لإعداد الوجبات الغذائية وإبدائهم الملاحظات . بدوره، أوضح مدير التشغيل في شركة مطاعم لتجهيز الوجبات السريعة ربيع المرسي أن لجنة من أمانة العاصمة المقدسة قامت بزيارة مقر الشركة وأطلعت القائمين عليها على الاشتراطات المطلوبة التي يجب توافرها في الإجراء الجديد، مشيراً إلى أن اللجنة أوضحت أن الإجراء الجديد يخضع لنظام (HACCP ) وهو نظام وقائي يعنى بسلامة الغذاء من خلال تحديد الأخطار (HAZARDS) التي تهدد سلامته سواء أكانت بيولوجية أوكيميائية أو فيزيائية ومن ثم تحديد النقاط الحرجة CCPs التي يلزم السيطرة عليها لضمان سلامة المنتج. وأكد المرسي أن شركته بصدد تركيب كاميرات وشاشات المراقبة والبدء في تطبيق الإجراء الجديد قريباً، بعد أن تعاقدت مع شركة متخصصة في مجال المراقبة الإليكترونية لزرع شاشات في المكان المخصص لاستقبال الطلبات وربطها بالمطبخ «لكي يتمكن زبائننا من متابعة سير العمل داخله والاطمئنان إلى الوجبات التي يتناولونها». واعتبر مدير مطعم «ديرتي» بمكة محمد السريحي هذا النوع من المراقبة صاباً في مصلحة أصحاب المطاعم والمطابخ التي تقدم وجبات غذائية جاهزة قبل أي شخص آخر، بحيث يتمكن الزبون من خلال شاشات تلفزيونية من مراقبة عمليات تجهيز وتحضير الوجبات الغذائية ومدى سرعة تقديم الخدمات وبالتالي إمكان تقييم المطعم ذاته، الأمر الذي يدفع بأصحاب المطاعم إلى تحسين مستوى الخدمة ونوعية الأطعمة المقدمة. وأشار السريحي إلى أن نحو 80 في المئة من المطاعم عبارة عن واجهات براقة لا أكثر إذ حدّث ولا حرج عن محتوى غالبيتها، التي تفتقد كثيراً من الاشتراطات الصحية السليمة، مشيراً إلى أن الإجراء الجديد سيجعل الكثير من هذه المطاعم تغلق أبوابها وتنسحب باكراً من المنافسة، لأن حقيقتها ستنكشف بسهولة أمام المستهلك. وعلق السريحي على الإجراء الجديد بقوله: «ربما يفقد قدراً من أهميته في المواسم التي يصاحبها ضغط عمل كبير. فمكةالمكرمة تشهد موسمين كبيرين من الزحام (رمضان والحج)، وربما يؤدي توافد ضيوف الرحمن بأعداد كبيرة إلى تراجع فاعلية النظام ولو بنسبة بسيطة، نظراً إلى كمية الوجبات الغذائية المطلوب تأمينها في زمن قصير لكن الإجراء الجديد سيظل الأفضل». من جانبه، ألمح المواطن محمد مبارك إلى أن المطاعم التجارية باتت تغازل جيوب العملاء أكثر من اهتمامها بجودة الطعام أو نوعيته حتى أصبح التسمم الغذائي السمة الطاغية وليس غريباً أن نقرأ في وسائل الإعلام عن ضبط أطنان من المواد الفاسدة داخل أروقة هذه المطاعم ومخازنها، كما أن أمراضاً مثل السمنة وزيادة الوزن والسكري يعتقد خبراء التغذية أن مصدرها الوجبات السريعة والجاهزة، نتيجة الزيوت التي تستخدم بشكل مكرر وطرق إعداد هذه الوجبات. وبين أنه سيتمكن مع الإجراء الجديد من الوقوف على ما يحدث خلف كواليس المطاعم، إذ سيقف على النظافة الشخصية للعاملين ( المظهر العام والشعر والملابس وعدم وجود جروح أو بثور ومدى استخدام القفازات وغطاء الرأس)، إضافة إلى النظافة العامة للمطبخ والكشف على الأواني والتأكد من مدى صلاحيتها للاستخدام والتأكد من التهوية الجيدة وما مدى فعالية مراوح الشفط في تجديد الهواء والتأكد من سلامة التصريف للمياه المستعملة في الغسيل وعدم وجود فتحات تصريف أو تشققات في الأرضية أو الجدران قد تكون مصدراً لانتشار الحشرات أو القوارض . ويؤيد المواطن خالد التركستاني الإجراء الجديد أيضاً، و يستذكر رحلته إلى بانكوك قبل عامين حين لاحظ وضع مطعم مصري في منطقة الجاليات العربية شاشات تعرض ما يدور داخل المطبخ، «جلست كزبون أتابع عملية إعداد الطعام ولفتت نظري نظافة المطبخ والعاملين به وحينها تناولت طعامي بشهية غير مسبوقة ولم أنس هذه الرحلة التي طبعت هذا المشهد فى ذاكرتي إطلاقاً». وتابع: «قبل أيام عدة، كنت أقرأ إحدى الصحف المحلية ووقع نظري على خبر تطبيق نظام شاشات مراقبة المطاعم في مكةالمكرمة فانتابتني سعادة غامرة وتمنيت تطبيق هذا الإجراء على جميع المطاعم فى البلاد وليس مكة فحسب. خصوصاً أن واقع حالنا يقول للأسف الشديد أنه لو دخل كل شخص مطعماً ما وألقى نظرة على طاولات وثلاجات وأسطح تقطيع الخضراوات واللحوم في غالبية مطاعمنا لامتنع جلّنا طوال أعمارهم عن الدخول إلى هذه المطاعم أو تناول وجباتها». يذكر أن أربع شركات تعمل في مجال الحماية والمراقبة الإليكترونية بدأت حملة ترويجية واسعة في مكةالمكرمة لتقديم عروض تنافسية للمطاعم التجارية التي دخلت على الخط مع البنوك والشركات الكبرى. وقد حرصت هذه الشركات على تضمين عروضها أفضل وسائل المراقبة والمتابعة مع ربطها بشاشات عرض عالية الجودة وتوفير الاشتراطات التي تطلبها أمانة العاصمة المقدسة كافة، لمنح الموافقة بجانب توفير عمال التشغيل والصيانة والمتابعة، التي يتولاها فريق عمل على درجة عالية من المهارة .