قدر اقتصاديون تحدثوا ل«الحياة» أن تسهم قرارات مجلس الوزراء بطريقة مباشرة في تغيير سلوك الأسر حول الإنفاق، خصوصاً في ما يتعلق بشراء السلع الكمالية، متوقعين أن ينخفض الإنفاق الأسري ما بين 20 و30 في المئة، في حين أن معدلات الإقبال على أسواق التجزئة ستشهد انخفاضاً بمعدلات تتراوح ما بين 25 و30 في المئة في الفترة المقبلة. ولفتوا إلى أن أسواق التجزئة وقطاع الخدمات ستتأثر بتلك القرارات، مستدركين: «أسواق السلع الرئيسة لن تشهد تغيراً في معدلات الإقبال عليها، في حين أنه من المتوقع أن تقل القوة الشرائية لبقية السلع غير الرئيسة، والتي ستشهد تغيراً في الأسعار على المدى البعيد مع انخفاض الطلب عليها». وقال الخبير الاقتصادي الدكتور خالد الحارثي ل«الحياة»: «من المتوقع أن تقل القوة الشرائية خلال الفترة المقبلة، نتيجة لانخفاض معدلات الطلب في الأسواق على عدد من السلع والخدمات». لافتاً إلى أن أولى تلك القطاعات التي ستتأثر قطاع الخدمات وقطاع التجزئة، واستطرد بالقول: «إن أثر تقليل المصروفات لن يظهر بشكل مباشر في الوقت الراهن، ولكن سيسهم بشكل كبير في ثقافة الادخار للأسر السعودية، ومع مرور الوقت سيصبح هذا التغير في ثقافة الإنفاق لدى السعوديين أكثر وضوحاً». وأشار الحارثي إلى أن القرارات التي صدرت أول من أمس يطلق عليها مسمى «خفض الإنفاق»، وهو أمر طبيعي ومتوقع في ظل انخفاض أسعار النفط، والذي يشكل المصدر الرئيس لدخل السعودية في ظل محدودية تعدد مصادر الدخل. وأضاف: «من المتوقع أن يستمر خفض الإنفاق في العامين المقبلين». ويرى الحارثي أن للمواطن دوراً كبيراً في هذه المرحلة، وزاد: «إن المواطن شريك، ولا بد من التكاتف والتضامن لتجاوز هذه الأزمة، والتي لن تدوم طويلاً بعد البدء في تطبيق برنامج التحول الوطني، والذي من شأنه تنوع إيرادات الدولة، وتلبية جميع حاجات المواطنين». من جانبه، أوضح أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة فاروق الخطيب أن ترشيد الإنفاق أمر جيد ومحمود، لا سيما وأن الهدر المالي أصبح ظاهرة منتشرة في المجتمع، متوقعاً أن يتغير سلوك أفراد المجتمع في الفترة المقبلة لترشيد الاستهلاك، إضافة إلى ترسيخ مبادئ الترشيد في الإنفاق الاستهلاكي. ولفت الخطيب إلى أن القرارات ستؤثر بشكل مباشر في معدلات الطلب بالأسواق السعودية والقوة الشرائية، وقال ل«الحياة»: «إن أثر القرار في المدى القريب سيكون مباشراً في أسعار السلع بأسواق التجزئة، والتي ستكون مذبذبة بحسب معدلات الطلب عليها، وهذه الفترة لن تستمر طويلاً، إذ من المتوقع أن تنخفض معدلات استيراد البضائع من الخارج، ويكون الاستيراد بمعدل الطلب على السلع، لحين استقرار أسواق التجزئة، والذي سيكون على المدى البعيد». وأشار الخطيب إلى أن القرارات ستنعكس بصورة إيجابية على المشاريع الحكومية، وأردف قائلاً: «إن القرار يسهم في وجود سيولة مالية، ما يخفف الضغط على الموازنة العامة للدولة». وزاد: «ترشيد الإنفاق في بعض الجوانب سيكون في مقابله تحسين في المصروفات، لإنهاء المشاريع الحكومية القائمة، وهذا سينعكس إيجابياً على الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين». ونوه الخطيب إلى أن القرارات ستسهم في خفض الإنفاق داخل الموازنة العامة للدولة، مؤكداً أن القرارات ستعمل على ترشيد إنفاق المواطنين بما يتراوح ما بين 20 و30 في المئة.وقال: «على المدى البعيد سيتغير سلوك الإنفاق في المملكة، والذي سيعتمد على ثقافة الادخار غير الموجودة في الوقت الراهن، وهذه التغيرات ستكون إيجابية في الفترات المقبلة». وفي السياق ذاته، قال خبير الاقتصاد بجامعة الطائف الدكتور سالم باعجاجة في حديثه ل«الحياة»: «إن القرارات تسهم في تحويل الإنفاق الحكومي على القطاعات الخدمية، التي تهتم بالمواطن في الدرجة الأولى، لا سيما التعليم والصحة، والتي سيتم التركيز عليها، بعيداً عن الهدر الذي كان يحدث في الماضي، وأن بعض البدلات التي كانت تصرف تفوق قيمتها، قيمة الراتب الأساس». وأشار الخطيب إلى أن التأثير المباشر لهذه القرارات في الأسواق المحلية، خصوصاً قطاع التجزئة سيكون سلبياً، وقال: «سيمر المجتمع السعودي في حال من التقشف، تتزامن مع إعادة هيكلة أولويات الأسر السعودية وترشيد الإنفاق الأسري، وهو أمر جيد». وتوقع أن ينخفض الإقبال على أسواق التجزئة بمعدلات تراوح ما بين 25 و30 في المئة، لانخفاض القوة الشرائية، مستدركاً: «انخفاض القوة الشرائية والإقبال على السلع سيكون متفاوتاً بحسب أهمية السلع». وقال: «لن تشهد السلع الضرورية انخفاضاً في معدلات الإقبال على شرائها، في حين ستنخفض معدلات الإقبال على السلع الكمالية».