دعا الرئيس العراقي جلال طالباني الأحزاب السياسية والكتل البرلمانية ووسائل الإعلام إلى الابتعاد عن أجواء التوتر والتصعيد والتحريض وكيل الاتهامات، لإتاحة الفرصة «للإسراع في تشكيل حكومة الشراكة الوطنية التي غدت ضرورة ملحة»، فيما لا تزال مفاوضات الكتل السياسية تدور في حلقة مفرغة. وفي وقت أبدت «القائمة العراقية» بقيادة رئيس الوزراء السابق اياد علاوي اعتراضها على ورقة العمل المقترحة من «ائتلاف دولة القانون» الذي يتزعمه رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، أكد الائتلاف أنه لن يتراجع عن ترشيح المالكي لولاية ثانية. وقال طالباني في بيان أمس إن «الإسراع بتشكيل حكومة الشراكة الوطنية أصبح ضرورة ملحة لمعالجة الملفات الساخنة في مجال توفير الخدمات وإطلاق الاستثمارات ومنع تعثر وتباطؤ وتأثر التنمية الاقتصادية». وأضاف: «أياً كان التباين في الطروحات والرؤى في شأن تشكيل الحكومة، فإن التوفيق بينها ينبغي أن يكون ضمن الضوابط التي ينص عليها الدستور وفي إطار الحوار الأخوي بين الشركاء في العملية السياسية». وتابع: «لكننا لاحظنا بقلق أخيراً أن الحوارات بين الفرقاء أخذت تخرج أحياناً عن تلك الأطر متعدية إياها إلى التجريح وتبادل الاتهامات بين الأخوة والحلفاء الذين شاركوا سوية في مقارعة النظام الديكتاتوري وفي إرساء أسس العراق الجديد، ونحن على ثقة أنهم سيساهمون معاً في إدارة دفة البلد خلال المرحلة المقبلة». ودعا «الأخوة والأخوات من الكتل البرلمانية والأحزاب السياسية ومن العاملين في وسائل الإعلام إلى تفادي كل ما من شأنه مفاقمة التوتر في البلد وإشاعة مشاعر الجفاء بين أبنائه». وقال: «في الظرف المعقد الراهن الذي نمر به لا بد من الامتناع عن أي فعل أو قول قد يؤدي إلى تقويض أو تعطيل العملية السياسية أو إيقاف وعرقلة المسيرة التفاوضية، ناهيك عن التحريض على العنف أو أي عمل مناف للدستور». في غضون ذلك، أكد مستشار «القائمة العراقية» هاني عاشور أن مفاوضات تشكيل الحكومة «لن تفضي إلى شيء يذكر، إذا لم يتنازل المالكي عن فكرة ولاية ثانية ويرضى بمناصب سيادية كبيرة هو وحزبه لا تضمنها له إلا القائمة العراقية». وقال ل «الحياة» إن «كل ما قدمه ائتلاف دولة القانون خلال المفاوضات حتى السبت، لم يتطابق مع رؤية القائمة العراقية». ورأى أن «دولة القانون تعتقد أنها تستطيع أن تكسب تنازلاً من القائمة العراقية عن حقها الانتخابي الدستوري بوصفها القائمة الفائزة الأكبر من خلال التفاوض». وشدد على أن «القائمة العراقية متمسكة بإياد علاوي مرشحاً لرئاسة الحكومة ولن تتنازل عن ذلك، وما تقدمه دولة القانون من عروض لمناصب أخرى يمكنها أن تأخذها لنفسها وتضمن مشاركة في الحكومة المقبلة كقائمة فائزة بالمرتبة الثانية، لأن العراقية لن تتنازل للمالكي عن رئاسة الوزراء مطلقاً». وأوضح أن «دولة القانون من خلال مفاوضاتها المباشرة مع قيادات القائمة العراقية في بغداد أو من خلال مبعوثي المالكي إلى بعض قيادات القائمة العراقية في الخارج سمعت مراراً الجواب نفسه، وهو رفض التنازل عن حق العراقية الدستوري أو التنازل عن تشكيل الحكومة برئاسة علاوي». وأشار إلى أن أحد أسباب عدم التوصل إلى اتفاق مع المالكي «هو رفض الكتل لتجديد ولايته، ولعدم قدرته على طمأنة الكتل السياسية بتغيير منهجه، وإصراره على التمسك بمنصبه واحتكار السلطة لحزبه والمقربين منه، واستمرار استخدامه السلطة ضد خصومه أو من لا يقف معه، ما يثير مخاوف الآخرين من مخاطر استخدام هذا النهج لسنوات مقبلة». في المقابل، قال القيادي في «دولة القانون» خالد الأسدي إن كتلته «قدمت ورقة عمل لخريطة طريق تشكيل حكومة الشراكة، ووثيقة للإصلاح السياسي، ولم تتطرق الى تسمية مرشحي المناصب الرئاسية». إلا أنه أكد ل «الحياة» أن «دولة القانون تتفاوض على أساس أن المالكي هو مرشح رئاسة الوزراء وطالباني لرئاسة الجمهورية وعلاوي لرئاسة المجلس السياسي»، مشيراً إلى أن قائمته «لا تستطيع تقديم تنازلات أو اقتراحات جديدة». وأوضح أن «ائتلاف دولة القانون سيتسلم خلال أيام أسماء مرشح الائتلاف الوطني لمنصب رئاسة الوزراء لحسم الأمر داخل التحالف الوطني» الذي يضم الائتلافين بصفته الكتلة التي تحق لها رئاسة الحكومة. وكان «الائتلاف الوطني» عقد أول من أمس اجتماعاً «طارئاً» لمناقشة آخر التطورات السياسية والأمنية في البلاد ودعا جميع الكتل السياسية إلى «اتخاذ موقف واضح وجرئ من المشكلة الكبيرة التي تعصف بالبلد والتي يقع المواطن ضحيتها». وأعلن أنه يدرس آلية لاختيار مرشحه لرئاسة الوزراء الذي سيقدمه في غضون أيام وسط توقعات بعض قيادات الائتلاف بإمكان العودة إلى طاولة المفاوضات مع «دولة القانون» قريباً لتفعيل «التحالف الوطني».