بعد شهر من محاولات جادة بذلها رئيس الحكومة الإسرائيلية المكلّف تشكيل حكومة جديدة بنيامين نتانياهو لفك التحالف بين حزبي «يش عتيد» و «البيت اليهودي» بهدف استمالة الأخير إلى توليفته الجديدة لضمان بقاء حزبي المتدينين المتزمتين «الحرديم» شاس و «يهدوت هتوراة» فيها، يبدو أن نتانياهو توصل إلى قناعة مفادها أن لا مفر أمامه سوى ضم «البيت اليهودي» و «يش عتيد» معاً وإبقاء شركائه التقليديين من «الحرديم» خارج هذه التوليفة. وكتب أحد المعلقين البارزين «أن الحكومة التي سيشكلها نتانياهو ستكون الحكومة التي لم يرغب بها نتانياهو منذ البداية، وهي عملياً حكومة اللامفر». وأثارت التسريبات من أوساط نتانياهو بأنه حسم أمره لجهة ضم «البيت اليهودي» و «يش عتيد»، حنق أقطاب «الحرديم» الذين هددوا بأنهم سيشكلون معارضة قوية للحكومة الجديدة، متهمين نتانياهو بعدم بذل الجهد الكافي لضم حزبيهم المتزمتين إلى حكومته. كما توعدوا حزب «البيت اليهودي» المحسوب على أنصار المستوطنين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بأنهم لن يدعموا الاستيطان، وقد يؤيدون أي اقتراح لتفكيك بؤر استيطانية عشوائية، أو تحريك العملية السياسية مع الفلسطينيين التي يرفضها «البيت اليهودي». وجاء حسم نتانياهو بعد لقائه زعيم «البيت اليهودي» نفتالي بينيت الذي كرر رفضه المشاركة في الحكومة من دون «يش عتيد» بزعامة يئير لبيد. وإذ يرفض الأخير المشاركة في حكومة واحدة مع «الحرديم»، أدرك نتانياهو أنه لا بد من الاستغناء عن «شاس» و «يهدوت هتوراة» ليضم في المقابل «البيت اليهودي» و «يش عتيد» و «كديما»، فتكون لحكومته الجديدة غالبية برلمانية من 70 نائباً من مجموع 120. كما برر نتانياهو «تخليه» عن شركائه التقليديين من «الحرديم» برفض زعيمة «العمل» شيلي يحيموفتش اقتراحاته المغرية للانضمام إلى الحكومة، مشيراً إلى أنه لو قبلت بالاقتراح لأبقى «البيت اليهودي» و «يش عتيد» خارج الحكومة. ودعا نتانياهو أقطاب «شاس» إلى بذل محاولات لإقناع يحيموفتش، لكن أوساط الأخيرة أكدت من جديد أن لا رجعة عن معارضتها. وأكدت تقارير صحافية أن الفريق المفاوض باسم «ليكود بيتنا» الذي يتزعمه نتانياهو سيشرع قريباً في البحث مع «البيت اليهودي» و «يش عتيد» في توزيع الحقائب الوزارية التي ستمنح لكل من الحزبين، آملاً في إنجاز اتفاق خلال أسبوع. ووفق التقارير ذاتها، فإن الحزبين يسعيان إلى الحصول على حقائب وزارية تعنى بالشؤون الداخلية والاجتماعية، خصوصاً بعد أن أيقن لبيد أنه لن يحصل على حقيبة الخارجية التي وعد نتانياهو بتسليمها لشريكه في «ليكود بيتنا» أفيغدور ليبرمان. في الوقت ذاته، يرفض لبيد وزارة المال لإدراكه أن صاحب المنصب سيتعرض إلى انتقادات كبيرة في حال تنفيذ السياسة الاقتصادية لنتانياهو المتوقع أن تنزل ضربات بالشرائح الضعيفة من أجل سد العجز الهائل في موازنة الدولة. وتوقع السياسي المخضرم الصحافي في «يديعوت أحرونوت» إيتان هابر أن تشهد الحكومة الجديدة أزمات داخلية كثيرة، خصوصاً في غياب «من يحمي ظهر نتانياهو»، في إشارة إلى «الحرديم» الذين اعتبروا دائماً شريكاً مريحاً. وأضاف أن لبيد وبينيت هما نجمان صاعدان في سماء السياسة الإسرائيلية سيسعيان إلى تحقيق مكاسب لحزبيهما من خلال منصبيهما الوزارييْن، مستذكراً أن لبيد لم يخف أنه يطمح لرئاسة الحكومة الإسرائيلية بعد أربع سنوات.