شهد جنوب شرقي تركيا صدامات أمس، بين الشرطة ومتظاهرين احتجوا على فرض الحكومة أوصياء على 28 بلدية، ليحلّوا مكان رؤسائها المنتخبين، لاتهامهم بالانتماء إلى «حزب العمال الكردستاني» أو جماعة الداعية المعارض فتح الله غولن المُتهم بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة. ورأى «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي، أبرز المستهدفين بهذه الخطوة، في الأمر «انقلاباً إدارياً». وفرّقت الشرطة حوالى 200 متظاهر تجمّعوا أمام مبنى البلدية في سروج، مستخدمة غازاً مسيلاً للدموع وخراطيم ماء. وأوقفت الشرطة لفترة وجيزة، 4 اشخاص بينهم نائب رئيس بلدية، خلال صدام أمام مقرّ البلدية في إقليم هكاري. وواجه رؤساء معيّنين مشكلات لدى بدء عملهم في مناصبهم الجديدة. وكانت وزارة الداخلية أعلنت أسماء 28 شخصاً، عُيِّنوا في 28 بلدية بدل رؤسائها المعزولين، 24 منها تتبع «حزب الشعوب الديموقراطية» وواحدة لحزب «الحركة القومية» وثلاث لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم، غالبيتها في جنوب شرقي تركيا، وفي مناطق شهدت قتالاً عنيفاً خلال الأشهر الماضية بين «الكردستاني» والجيش وقوات الأمن. واتهمت الوزارة رؤساء البلديات ال24 التي يديرها الحزب الكردي، بالارتباط ب «الكردستاني»، والأربعة الآخرين بصلات مع غولن. وأشارت الى توقيف 12 منهم، لافتة الى استجوابهم لتقديمهم «مساعدة ودعماً» ل «الكردستاني» و «منظمة غولن الإرهابية». كما عُزل رئيسا بلدية مدينتَي بتمان وهكاري. وشدد وزير الداخلية سليمان صويلو على ان الخطوة تعني ان البلديات لن تعد خاضعة ل «إرهابيين او الخاضعين لتعليمات قنديل»، في اشارة الى قاعدة «الكردستاني» في شمال العراق. اما وزير العدل بكير بوزداغ فاعتبر أن «لا قاعدة تفيد بأن أي شخص مُنتخب معصوم أو لا يقترف جريمة»، وزاد: «لا يمكن دولة ديموقراطية أن تسمح لرؤساء بلديات ونواب، باستخدام موارد البلدية لتمويل منظمة إرهابية». وتابع: «في حال ثبتت براءة هؤلاء، سيعودون الى بلدياتهم». واتهم وزير الزراعة مهدي أكار البلديات التي يديرها «حزب الشعوب الديموقراطي» بتمويل «الكردستاني»، معتبراً أن عاملين فيها هم من قيادات الحزب وهم «الحاكمون الفعليون لها، لا رئيسها المنتخب الذي يخضع أحياناً لاستجواب وتوبيخ من موظفي الكردستاني». في المقابل، وصف «حزب الشعوب الديموقراطي» عزل رؤساء البلديات ب «انقلاب اداري»، متحدثاً عن خطوة «تتجاهل ارادة الناخبين والانتخاب الديموقراطي الحر»، بذريعة المحاولة الانقلابية. وحذر من أن «هذا الموقف غير القانوني التعسفي، سيعمّق المشكلات في المدن الكردية، وستصبح القضية الكردية غير قابلة للحلّ». وأعربت السفارة الأميركية في أنقرة عن «قلق» في شأن «تقارير عن اشتباكات في جنوب شرقي تركيا بعد قرار الحكومة عزل مسؤولين منتخبين». وتمنّت أن يكون الأمر «موقتاً وأن يُسمح للمواطنين قريباً باختيار مسؤولين جدد». في المقابل، اعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ان «لا فرصة» ل «الكردستاني» في «الانتصار» أمام القوات التركية. ورأى أن مسلحيه «يحاولون تكثيف» هجماتهم منذ المحاولة الانقلابية، من أجل «عرقلة» عمليات الجيش التركي في سورية. الى ذلك، ندد الكاتب التركي اورهان باموك، الحائز جائزة نوبل للآداب عام 2006، باعتقال الصحافي أحمد ألتان في تركيا، وشقيقه، معتبراً ان بلاده تنزلق «نحو نظام رعب». ووجّه حوالى 40 أكاديمياً وكاتباً بارزاً من مختلف أنحاء العالم، بينهم باموك وجون بيرغر الحائز جائزة «بوكر»، رسالة مفتوحة تحتجّ على «انتقام» الحكومة التركية من ألمع مفكريها. ورفضوا استغلال المحاولة الانقلابية ذريعة ل «صيد ساحرات».