قلّلت الرئاسة الفلسطينية من شأن تقرير بثته القناة الأولى للتلفزيون الإسرائيلي مساء أول من أمس وجاء فيه أن الرئيس محمود عباس (أبو مازن) كان عميلاً لجهاز المخابرات السوفياتي سابقاً (كي. جي. بي.) في ثمانينات القرن الماضي، وأنه تم تجنيده خلال دراسته الدكتوراه في موسكو، وتم إيفاده إلى دمشق ليكون عميلاً للمخابرات السوفياتية. وفيما اعتبرت الرئاسة الفلسطينية أن هذه «السخافات» تهدف الى «تشويه» صورة الرئيس محمود عباس وضرب جهود الوساطة لإحلال السلام، التزمت إسرائيل الصمت. وادعى الباحثان من معهد «ترومان» إيزابيلا غنور وجدعون ريميز أنه أثناء نبشهما وثائق سرية تابعة لفاسيلي ميتروخين الذي كان يعمل في أرشيف «كي جي بي»، وهرب مع نسخ لآلاف الوثائق السرية إلى لندن عام 1992 بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وجدا مستنداً يؤكد أن عباس الذي كان عام 1983 عضواً في اللجنة المركزية في حركة «فتح» ومقرها دمشق، عمل عميلاً للمخابرات السوفياتية تحت اسم «كروتوف»، أي الجاسوس بالروسية، مقدريْن أنه تم تجنيده خلال تقديمه أطروحة الدكتوراه عن «إنكار المحرقة». وأكد الاثنان أنه تم تعريف عباس في المستند «عميلاً لكي جي بي». وأضافا أنه ليس واضحاً ما إذا كان عباس عميلاً ل «كي. جي. بي» قبل تاريخ الوثيقة أو بعدها. وأشار التقرير إلى أنه خلال وجود عباس في دمشق في الفترة المذكورة، كان نائب وزير الخارجية الروسي الحالي، موفد الرئيس إلى الشرق الأوسط حالياً ميخائيل بوغدانوف ديبلوماسياً في السفارة السوفياتية في دمشق ومستشرقاً قبل أن يصبح سفيراً للاتحاد السوفياتي في تل أبيب. وحاول الباحثان الربط بين هذه الحقائق وسعي بوغدانوف إلى جمع الرئيس الفلسطيني ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو في لقاء قمة في موسكو، لكنهما أضافا أنه ليس واضحاً ما إذا كان بوغدانوف في حينه على علاقة بعباس، «لكنه كموظف في السفارة كان على علم بما يقوم به عباس». وأوضح تقرير القناة الأولى إلى أن مسؤولي الأجهزة الأمنية الغربية يعتبرون أن وثائق ميتروخين، الذي عمل على إعادة نسخها في العقود الثلاثة الأخيرة، تتمتع بصدقية عالية، وأنها ساعدتها في الكشف عن مئات العملاء في جهاز المخابرات السوفياتي السابق في دول الغرب. من جهتها، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» اعتماداً على «تقديرات مختلفة» أن إسرائيل على معرفة بماضي عباس كعميل سوفياتي في ثمانينات القرن الماضي، وأن «عباس مثله مثل طلاب عرب كثيرين درسوا في الاتحاد السوفياتي السابق تم تجنيدهم للمخابرات السوفياتية». وأضافت أنه ليس واضحاً الفترة الزمنية التي كان فيها عباس «عميلاً» للمخابرات السوفياتية. وفي تعقيب فلسطيني على تقرير التلفزيون الإسرائيلي، قال الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة لوكالة «فرانس برس» امس إنه «يندرج في إطار السخافات الإسرائيلية التي اعتدنا عليها»، معتبرا أنها مناورة إسرائيلية بهدف إضعاف جهود الوساطة الروسية في النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي. وأضاف أن هذه المعلومات «تندرج في إطار حملة تشوية إسرائيلية وإقليمية ضد عباس... بهدف إضعاف الموقف الفلسطيني الثابت بوجوب حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية على أساس إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس وحل قضايا الوضع النهائي». وقال: «واضح أن إسرائيل منزعجة من العلاقة الاستراتيجية المتينة مع روسيا ومن الموقف الروسي الواضح والمعلن الذي يدعو إلى حل للنزاع الفلسطيني- الإسرائيلي على أساس إقامة دولة فلسطينية مستقلة وحق شعبنا بتقرير مصيره». وأكد أن بوغدانوف «يمثل سياسة الرئيس فلاديمير بوتين في دعم حقوق الشعب الفلسطيني، وهو صديق لشعبنا وعموم القيادة الفلسطينية، وعلى رأسها الرئيس أبو مازن». في السياق نفسه، قال الناطق باسم الحكومة الفلسطينية يوسف المحمود أمس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو «يقود حملة تشهير ضد الرئيس عباس بالتزامن مع حملة تحريض ضد الشعب الفلسطيني بهدف التنصل من استحقاقات السلام والهروب من المبادرات الدولية لتفعيل العملية السياسية». وأضاف في بيان أن «نتانياهو، بعد رفضه للمبادرة الفرنسية وتأجيله لقاء الرئيس عباس في إطار المبادرة الروسية، يقوم بعملية حرف للأنظار عن تعنت حكومته ورفضها السلام، في الوقت الذي يرحب به الرئيس عباس بأي مبادرة للسلام تضمن حق الفلسطينيين في تقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة».