اعتبر مراقبون إسرائيليون نتائج استطلاع للرأي نشرته القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي أفادت أنه لو أجريت انتخابات عامة اليوم لتقدم حزب يمين الوسط «يش عتيد» (يوجد مستقبل) بزعامة النائب المعارض يئير لبيد على حزب «ليكود» الحاكم بزعامة رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو بفارق مقعدين، «رسالة قوية للأخير تنذره بأنه في حال لم تحسن إدارته تصريف شؤون الدولة العبرية فإنه وحزبه سيخسران الحكم، أو يقوم «ليكود» بإطاحته كي لا يخسر الحكم». كما اتفقوا على أن خنوع نتانياهو لأحزاب المتدينين المتزمتين «الحرديم» في مسألة وقف أعمال الصيانة في سكك الحديد أيام السبت (لقدسيته) كانت السبب المباشر في نتائج الاستطلاع وعكست الغضب الشعبي الكبير الذي أحدثه وقف نشاط القطار مساء السبت وتسبب في اختناقات مرورية شديدة في المدن الكبرى وتأخر الجنود في العودة إلى قواعدهم. وطبقاً للاستطلاع فإن حزب لبيد يضاعف تمثيله الحالي في الكنيست (11 مقعداً) ويحصل على 24 مقعداً، فيما يتراجع «ليكود» من 30 إلى 22 مقعداً. وينهار تحالف الوسط «المعسكر الصهيوني» بزعامة إسحاق هرتسوغ من 24 إلى 13 مقعداً. في المقابل يتعزز تمثيل الحزبين الأكثر تطرفاً: «البيت اليهودي» بزعامة وزير التعليم نفتالي بينيت (من 8 إلى 14 مقعداً) و»إسرائيل بيتنا» بزعامة وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان من (6 إلى 10 مقاعد). وجاء لافتاً أن حزب يمين الوسط الجديد «كلنا» بزعامة وزير المال موشيه كحلون يتراجع من 10 مقاعد إلى 6. وتعني هذه الأرقام أن تنامي شعبية «يش عتيد» وزعيمه لبيد يأتي على حساب «المعسكر الصهيوني» و»كلنا»، فيما يخسر «ليكود» مقاعده لمصلحة حزبي «البيت اليهودي» و»كلنا». كما تعني أن في وسع لبيد وبينيت وليبرمان معاً تشكيل جسم مانع يحول دون تمكن نتانياهو من تشكيل حكومة برئاسته. وكان لبيد، الذي يعتبر حزباً علمانياً مناهضاً بقوة لنفوذ «الحرديم»، وزيراً للمال في حكومة نتانياهو السابقة، لكن مع تراجعه في الانتخابات العامة من 19 إلى 11 مقعداً استثناه نتانياهو من ائتلافه الحكومي الجديد وفضل عليه حزبي «الحرديم»، ليصبح لبيد أشد المعارضين له ولإدارته الأمور. ويقوم لبيد منذ العام الماضي بالدور المفترض أن يؤديه إسحاق هرتسوغ زعيماً للمعارضة لكن محاولات الأخير المتكررة للالتحاق بحكومة نتانياهو أضعفته وحزبه ليخلو الميدان للبيد المعروف بمهاراته الخطابية، فضلاً عن أنه انزاح أكثر نحو اليمين في مواقفه من الصراع مع الفلسطينيين حتى غدا معلقون يصفون حزبه ب»ليكود ب». وتزامنت نتائج الاستطلاع مع توبيخ المحكمة العليا لرئيس الحكومة على وقفه أشغال بنى تحتية في خطوط السكك الحديد السبت الماضي بداعي أن القرار ليس في إطار صلاحياته إنما من صلاحيات وزير العمل. واعترفت أوساط في «ليكود» إن الأزمة الأخيرة الناجمة عن وقف الأعمال في خطوط السكك الحديدية هي التي أثرت على نتائج الاستطلاع. وأوردت «يديعوت أحرونوت» أقوالاً لوزير العلوم أوفير أكونيس، الذي كان حتى الأمس القريب من أكثر القريبين من نتانياهو، وجه فيها انتقادات لرئيس الحكومة على عدم معالجته الصحيحة لأزمة القطارات، مضيفاً أنه يتفهم الغضب الشعبي على قرار نتانياهو وقف أعمال الصيانة في السكك. وأردف أنه لو كان صاحب القرار لما أمر بوقف تام للأعمال. وكتبت المعلقة في الشؤون الحزبية سيما كدمون أن نتائج الاستطلاع تستدعي قلق نتانياهو، «على رغم أنه لا تلوح في الأفق انتخابات مبكرة»، مشيرةً إلى أنها المرة الأولى في السنوات السبع الأخيرة (منذ عودة نتانياهو إلى منصبه) «التي يظهر فيها تشقق في الجليد الذي يقودنا منذ سبع سنوات وذلك بعد أن مسّ نتانياهو بالعصب الحساس للجمهور: بخنوعه للحرديم على حساب الجنود». وشددت على أنه منذ سبع سنوات لم تحصل أزمة كهذه أثارت غضب الجمهور بهذا الحجم، «فربح لبيد من أخطاء نتانياهو». ورأت كدمون أن الإسرائيليين سئموا سلوك نتانياهو وأولوياته وسلوك عائلته، «وأعتقد أن نتانياهو بات يعرف اليوم أنه في مفترق طرق يستوجب عليه إحداث تغيير فوري في سلوكه وإلا يكون انتهى... ويعرف أيضاً أنه في حال رأى حزبه ليكود أنه (نتانياهو) لن يقوده إلى انتصار يبقي الحزب حاكماً فإنه لن يتردد في المطالبة باستبداله أو أن يغادر المصوتون إلى أحزاب أخرى».