تستضيف مدينة هانغتشو شرقي الصين قمة مجوعة ال20، في الرابع والخامس من أيلول (سبتمبر) الجاري، ويجتمع زعماء دول مجموعة ال20 والدول المدعوة من الصين، ضيوف شرف، ومسؤولو الهيئات الدولية في هانغتشو، لمناقشة التعاون الاقتصادي والتطورات الدولية، فيما يصف الصينيون هانغتشو بأنها «جنة على الأرض»، التي تجمع بين الأناقة الكلاسيكية والحيوية الحديثة، في هذه «الجنة» تتوجه إنظار العالم بين مؤيد ومعارض لمجموعة ال20 لمعرفة العلاجات التي ستطرح للاعتلالات التي يعاني منها الاقتصاد العالمي منذ ثماني سنوات. «الانهيار المالي»، الذي ضرب العالم في 2007، وضع جميع الدول أمام تحديات اقتصادية ومالية كبيرة. وفي ظل الحاجة إلى دفع التنمية العالمية، من أجل تعزيز التشاور والتنسيق السياسي، عقدت الدول المتقدمة والدول الناشئة أول قمة لمجموعة ال20 في العاصمة الأميركية واشنطن في 2008، فتأسست آلية مجموعة ال20، وأصبحت قمتها أهم منتدى عالمي للتعاون الاقتصادي العالمي. أكدت دول مجموعة ال20 على التعاون والتنسيق في ما بينها في مجال سياسات الاقتصاد الكلي، وتقليل المخاطر القصيرة الأجل التي سببتها الأزمة المالية، وشكلت قوة جماعية لتنمية الاقتصاد العالمي. وحققت المجموعة إنجازات ملموسة في الإدارة العالمية منذ الأزمة المالية. وصارت آلية فعالة لوضع برامج لحل القضايا. القمة عقدت 10 مرات، وهذه المرة الأولى التي تعقد في الصين، حالياً. يمر الاقتصاد العالمي بمرحلة تحول مهمة مفعمة بالفرص والتحديات. ويدرك الناس أن فعالية الاعتماد على السياسات المالية والنقدية لحفز التنمية الاقتصادية تصبح أضعف يوماً بعد يوم؛ وفي الوقت ذاته تختلف اتجاهات سياسات الاقتصادات الرئيسة، ما يجعل من الصعب على الاقتصادات الرئيسة تشكيل قوة جماعية. هذا فضلاً عن تصاعد الحمائية التجارية العالمية، لذا يظل أمام بناء نظام اقتصاد منفتح طريق طويل. فعلى رغم انتعاش الاقتصاد العالمي إلى حد ما، ماتزال تنميته ضعيفة، ويواجه ضغوط تراجع كبيرة. في هذه المرحلة البالغة الأهمية يعلق العالم آمالاً كبيرة على القمة المرتقبة لمجموعة ال20، على أمل بأن تؤدي نتائج هذه القمة إلى تنشيط الاقتصاد العالمي. قمة الصين تولت الصين رسمياً رئاسة قمة مجموعة ال20 في الأول من كانون الأول (ديسمبر) 2015. وفي ذلك اليوم ألقى الرئيس شي جين بينغ كلمة شرح فيها بشكل شامل خطة الصين ورؤيتها تجاه انعقاد هذه القمة، قال: «بناء الاقتصاد الابتكاري والحيوي والمترابط والشامل» هو الموضوع الرئيس للقمة، بجانب أربعة أهداف أخرى فرعية، هي: «إبداع نمط النمو الاقتصادي»، و«رفع فعالية الإدارة العالمية للاقتصاد والمال»، و«دفع التجارة والاستثمار العالمي»، و«دفع التنمية الشاملة والمترابطة»، ونالت هذه الرؤية توافقاً ودعماً من المجموعة. اجتمع المنسقون ثلاث مرات منذ تولي الصين رئاسة القمة، واجتمع وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية ثلاث مرات أيضاً، فضلاًَ عن جولات عدة لاجتماعات الفرق للتنمية والتجارة والاستثمار والتوظيف والطاقة والمنشآت التحتية، وغيرها من المجالات الأخرى. وتم إعادة تشغيل فريق إدارة مؤسسة التمويل الدولية. وتنشأ فرقة متخصصة عن الابتكار والثورة الصناعية الجديدة والاقتصاد الرقمي. وأعربت الصين غير مرة عن رغبتها في إيلاء الاهتمام بالتحديات الجوهرية والقضايا العالقة، والبحث عن برامج الحل المشترك مع الأطراف المعنية من طريق عقد قمة مجموعة ال20. وتريد حل القضايا مع الدول الأخرى من أجل تحقيق النمو المستقر، وحل القضايا الأساسية مع الدول الأخرى من أجل زيادة حيوية النمو الاقتصادي، ودفع تحول آلية مجموعة ال20 من آلية استجابة للأزمة إلى آلية للإدارة الطويلة المدى من أجل تعزيز تنمية الاقتصاد العالمي والتعاون بين دول العالم. رؤية «المستضيف» حمل الرئيس الصيني في جعبته حين تسلم رئاسة مجموعة ال20 أربع مفردات مهمة «الابتكار، والحيوية، والترابط، والشامل»، يعتقد أنها مفاتيح للأزمة الاقتصادية العالمية، وترى الصين أن مبادرات مثل «الحزام والطريق»، و«البنك الآسيوي للاستثمار في المنشآت التحتية» تعلق عليها دول العالم آمالاً كبيرة لتحقيق الازدهار المشترك والتبادلات الفعالة. وأصبحت «رابطة المصير المشترك»، التي دعت إليها الصين، رؤية عامة في العالم، حيث إنها من الدول الناشئة الكبرى، ومن ثم فإن تأثيراتها الإيجابية أصبحت قوية وملموسة ومؤثرة. ويتمتع اندماج الاقتصاد العالمي، ومن أساساته الاقتصاد الصيني، بتأثير «سلسلة الصناعات الكلية» على اقتصاد العالم. وترى الصين أن هذا التأثير يتحول إلى «قوة محركة جديدة» لتطور العالم، ويؤثر في «آفاق التنمية الاقتصادية العالمية تأثيراً عميقاً على المديين المتوسط والطويل». لذلك جاءت «الكلمات المفتاحية الأربع» لقمة مجموعة ال20، التي تستضيفها هانغتشو، تمثل رؤية الصين الجديدة التي تطرحها لإدارة الاقتصاد العالمي: «الابتكار»: ابتكار الصين سيساعد في بناء «نظام الابتكار العالمي»، ويوفر قوة محركة أساسية لنمو الاقتصاد العالمي باستمرار، وتشجع الصين استثمار الشركات والأفراد وتحمي حقوق الملكية الفكرية، وتشجع على ابتكار نماذج عمل خلال تعميم التقنية الجديدة ودفع مسيرة تسويقها. «الحيوية»: لتعميق الانطباعات الدولية عن الصين، دولة تتحمل المسؤولية، وجعل الناس يشعرون بآمال وحيوية الاقتصاد العالمي في المستقبل، تشارك الصين إيجابياً في بناء آلية مجموعة ال20 ومجموعة دول بريكس (البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب أفريقيا)، ومنظمة شانغهاي للتعاون، وغيرها، وتدفع مفاوضات اتفاقات التجارة الحرة مع الدول الشريكة الرئيسة لبناء شبكة مناطق تجارة حرة عالمية، وتشارك الصين في جهود التصدي للأزمة المالية، ودعت إلى إنشاء البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية من أجل ملء فراغ الاستثمار للمنشآت التحتية في آسيا، كما تدفع في هذا الاتجاه الدول الأخرى. «الترابط»: يحتل إجمالي حجم التجارة الصينية المركز الأول في العالم، وتشهد نسبة حجم الواردات والصادرات ونسبة التدفقات المالية الثنائية الاتجاه ارتفاعاً متواصلاً. وطرح مبادرة «الحزام والطريق» يهدف إلى دفع التدفق الحر والمنتظم للعناصر الاقتصادية، وتوزيع الموارد الفعالة وتعميق اندماج الأسواق، ودفع تناسق السياسات الاقتصادية للدول الواقعة على طول الحزام والطريق، وتعزيز التعاون الإقليمي على نطاق أوسع ومستوى أعلى. «الشامل»: تطبق الصين خطة عمل 2030 للتنمية المستدامة للأمم المتحدة، لكي تجعل الشعوب تتمتع بإنجازات التطور وتحقق التنمية المستدامة للاقتصاد العالمي، لذلك تدفع إلى التطور الشامل والمترابط.