أيهما أهم «البلاك بيري» أم سلامة ابنتي وبيتي ووطني؟ في الحقيقة بالنسبة لي تتراجع كل الحريات أمام سلامة من أحب، لذلك أنا أقول «طز» في «البي بي» وأهلاً بالأمان في الوطن والأهل، ويا روح ما بعدك روح. لأن ما يروج الآن حول «البلاك بيري» وخطورته على أمن البلد والخشية من قيام الإرهابيين باستخدامه لتمرير رسائلهم المشبوهة يعيدنا لأيهما أهم: الحرية في الأوطان أم التنمية في الأوطان؟ وهل الحرية تسبق أم التنمية أولى؟ في رأيي أنهما متلازمتان وتسيران في مستوى السرعة والقوة نفسيهما، لكن إذا جاء الاختيار بين الوطن وبين الحرية اختار الوطن بالتأكيد. إنها قضية كل تقنية في مصلحة الإنسان يحولها هؤلاء الوحوش إلى أداة للإرهاب وتمرير رسائل القتل وأوامر الخديعة، لأنهم اكتشفوا أن هذه الخدمة تجعلهم يفلتون من رقابة الأمن، وبالتالي تضطر الحكومات إلى حرمان مواطنيها منها خوفاً عليهم من سوء استخدامها. وهذا ما فعلته دول كثيرة، فالأميركان عندما ضُربوا في 11 أيلول (سبتمبر) ركلوا الباب الأول في الدستور «بالشلوت»، ذلك الباب الشهير الذي يُعطي للمواطن الأميركي حرية التعبير من دون قيد أو شرط، ويضمن له سرية تصرفاته وتحركاته ومعتقداته، ولا يمكن لأي كان اختراقها إلا عبر مبررات ومسارات قانونية معقدة تضمن استقلاليته وخصوصيته وبأمر قضائي، لكنهم في ظل خوفهم على بلدهم نسوا كل ذلك وانحازوا إلى أمنه. لكن ما الذي جعل قضية «البلاك بيري» تكبر للحد الذي وصلت إليه، أظن أن إدارة قضية بهذا الحجم كانت إدارة بائسة منذ البداية من هيئة الاتصالات، فهي على تحفظ قديم على الخدمة، وكنا نسمع جميعاً، إما من خلال رسائل أو عبر إشاعات، عن رفض الهيئة للخدمة. أضف إلى ذلك عدم وجود أي حضور شعبي للهيئة إلا في القضايا الحساسة التي يرى البعض أنها تضر بهم أو تمس حرياتهم، بينما تلتزم الصمت عن كل ما يضر المستهلك أو يستنزف جيبه، فلا صوت لها إلا عن مطالبة الشركات بإلغاء التجوال الدولي المجاني، أو عن حظر «البلاك بيري». يا هيئتنا العزيزة، لابد أن تديري قضاياك من باب إدارة الأزمات، فقضية «البلاك بيري» تمس مليون مشترك في السعودية لوحدها، ودفع هؤلاء من دم قلوبهم على هذه الخدمة ما يفوق البليون ريال، وكنتِ يا أيتها الهيئة على توقع بإلغاء الخدمة أو إيقافها، ولكنك قدمت للناس العقوبة ولم تقدمي لهم الحلول. لماذا لم تخرجي للناس بمبررات أمنية حقيقية لتكشفي لهم حجم الخطر على حياتهم من هذه الخدمة ما لم تحكم الرقابة عليها؟ لماذا لم تُخرجي للعلن قصصاً حقيقية حتى ولو كانت من خارج الوطن عن استخدام القتلة المأجورين «للبلاك بيري» لإدارة عملياتهم الإرهابية مثلما حصل في الهند قبل عامين؟ ماذا لو طلبتي من الشركات المزودة للخدمة قبل أشهر تقديم مقترحات بديلة ومميزات يمكن للمشترك أن يحصل عليها تعويضاً عن فقده للخدمة «العزيزة» عليه؟ أما «خذوه فغلوه» فهو الأمر الذي حوّل أكثر من مليون «بني آدم» إلى ساخطين عليكم وعلى قراراتكم العاجلة والسائرة بسرعة «الشات». [email protected]