تصاعدت حدة الانتقادات المتبادلة بين الأطراف السياسية في العراق، في غياب أي أفق لتسوية أزمة تشكيل الحكومة قريباً. وفيما هاجم «الائتلاف الوطني» (الشيعي) الاقتراحات الأميركية «الداعمة» لزعيم «دولة القانون» رئيس الوزراء نوري المالكي واعتبرها «غير موفقة»، انتقدت «القائمة العراقية» ما سمته «تحدي المالكي» للائتلافات الأخرى وإصراره على التمسك بمنصبه. في هذه الأثناء، بدأ المالكي أمس زيارة لأربيل للبحث في «فرص تشكيل حكومة شراكة وطنية» مع القادة الأكراد. وأعلن رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني أن «لا فيتو على ترشيحه» لولاية ثانية. وقال القيادي في قائمة المالكي عبد الهادي الحساني ل «الحياة»: «إننا نعول كثيراً على المحادثات بين المالكي وزعيم إقليم كردستان مسعود بارزاني ونتوقع أن تكون البداية الحقيقية لتشكيل الحكومة»، مشيراً الى أن «الاتفاق مع الأكراد سيمهد لاتفاق مشابه مع العراقية والوطني العراقي». ونفى الحساني بشدة أن تكون تحركات المالكي الأخيرة تحظى بتأييد الجانب الأميركي وقال: «نأسف لتصريحات الأخوة في ائتلافي العراقية والوطني وحتى إن كانت هناك رغبة أميركية بتجديد ولاية المالكي إلا أننا نعمل بإرادة وطنية ولا نقبل تأييد أو معارضة أي طرف خارجي». وتأتي زيارة المالكي إقليم كردستان بعد يومين من لقائه زعيم «الاتحاد الوطني الكردستاني» رئيس الجمهورية المنتهية ولايته جلال طالباني، والذي أعطى موافقة ضمنية من الأكراد لتولي المالكي رئاسة الحكومة، بعد أن أكد عقب اللقاء عدم وجود فيتو على ترشيحه. وكان القيادي في ائتلاف «العراقية» طارق الهاشمي أعلن أن ائتلافه رفض اقتراحاً أميركياً بالتحالف مع المالكي على حساب حق «العراقية» الانتخابي والدستوري. وقال عضو الكتلة الكردية محمود عثمان ل «الحياة» إن «زيارة المالكي لكردستان تهدف الى إقناع الأكراد بدعم ترشيحه لولاية ثانية»، لكنه استبعد أي اتفاق وشيك بين الأطراف السياسية في الوقت الحاضر. وأضاف: «نتوقع أن تأخذ المفاوضات مزيداً من الوقت ولا بد من أن تحل مشكلة رئاسة الوزراء أولاً بين أطراف التحالف الوطني». وهاجم «الائتلاف الوطني» أمس بشدة رئيس الوزراء، وقال نائب رئيس الجمهورية القيادي في «الوطني» عادل عبد المهدي إن المالكي «اتهم الجميع ولم يبرئ إلا نفسه»، في إشارة الى تصريحات المالكي الى قناة «العراقية» الرسمية. وأضاف في تصريح إلى صحيفة «العدالة»: «نستغرب اتهام نوري المالكي كل الكتل السياسية بالتآمر والخداع من دون أن يبرئ أحداً سوى نفسه». وتابع إن «المالكي لم يترك أحداً إلا وأصابه بشيء، فاتهم الكتل والقوى السياسية بالمراوغة والخداع واتهم الآخرين بقلة الأدب واتهم العلماء والدول ولم يترك أحداً». وتابع إن «اتهام المالكي كل القوائم إلا قائمته والتحالف الكردستاني، بصنعها في الخارج، محرج له قبل غيره». واعتبر مستشار رئيس «المجلس الأعلى» باسم العوادي أن «الاقتراحات والأفكار التي تطرحها الإدارة الأميركية لحل أزمة تشكيل الحكومة فيها قصر نظر ولم تكن موفقة». وأضاف ان «القضية العراقية لا تحل باتصالات نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن. والبرامج التي طرحت على أساس تشكيل الحكومة بين العراقية ودولة القانون لم تكن موفقة والدليل انها رفضت من القائمة العراقية وقسم كبير من دولة القانون». إلى ذلك، وجهت «القائمة العراقية» بزعامة اياد علاوي النقد الى تصريحات رئيس الحكومة الأخيرة. وقال مستشار القائمة هاني عاشور في بيان تلقت «الحياة» نسخة منه، إن «حديث رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي عن معيار عدد المقاعد البرلمانية في الحق في تشكيل الحكومة عند مقارنته بعدد المقاعد بين قائمته والائتلاف الوطني، هو اعتراف غير مباشر بحق القائمة العراقية في تشكيل الحكومة باعتبارها الكتلة الفائزة الأكبر بعدد المقاعد». وأوضح عاشور أن «قول المالكي للائتلاف الوطني إن من حقه المشاركة في الحكومة والحصول على نسبة مناصب كونه يحتفظ بمقاعد أقل من قائمته، ينطبق على قائمة المالكي (دولة القانون) أيضاً، في حال تشكيل القائمة العراقية للحكومة وفق استحقاقها الدستوري والانتخابي». وكان المالكي قال في تصريحات لوكالة «رويترز»، إن «الحوار مع الائتلاف الوطني توقف، ولا نريد أن يتوقف نهائياً لأننا لا ننوي استبعادهم من تشكيل الحكومة، أيضاً لا بد من أن يأتوا ويأخذوا حصتهم ودورهم إذا تكلمنا بلغة الحصص والمحاصصة في تشكيل الحكومة». واعتبر مستشار القائمة العراقية أن «لهجة المالكي المتحدية للائتلافات الأخرى بأنها غير قادرة على الاتفاق، يمكن أن تنطبق على السيد المالكي أيضاً، لأننا ننتظر منذ ستة أشهر ولم يستطع هو إقناع الائتلاف الوطني والكتل الأخرى بقدرته على تولي فترة ثانية». وحمل اياد علاوي الحكومة الحالية مسؤولية تأخير تشكيل الحكومة المقبلة من خلال تمسكها بالسلطة وعدم قناعتها بالتداول السلمي لها. ونفى وجود مشروع سياسي لتقاسم السلطة مع «ائتلاف دولة القانون ومرشحه نوري المالكي، مشيراً الى أن المشروع المطروح هو موضوع الشراكة الوطنية وأن لا تكون السلطة بيد شخص واحد أو منصب واحد لكي لا تكون هناك دكتاتورية في إدارة البلد».