لا تزال ثلاثة مواقع في محافظة الطائف هي أحياء وادي جليل والعرفاء وضاحية الحوية تغالب المستحيل، وتحاول ما وسعها لأن تجد ملاذاً آمناً، أو عذراً مقبولاً أو سبباً منطقياً، يبعدها من دائرة الترشح لاحتضان مستشفى الصحة النفسية ونقله إليها من مقره الحالي الذي تقرر ارتحاله منه رسمياً. إلا أن أهالي الحوية (شمال محافظة الطائف) عبروا عن امتعاضهم من نقله إلى ضاحيتهم الحالمة بمستقبل واعد بعيداً من المنغصات، وقال عائض الشلوي (من أهالي الحوية) ل«الحياة»: «يعد حي «شهار» من الأحياء الراقية في المحافظة السياحية، إذ يتميز بالمباني التي توحي بالتنظيم والتطور ومواكبة العصر، وتقطنه نخبة من السكان، إلا أن وقوع المستشفى ضمن نطاق الحي العمراني جعل اسم المستشفى يغلب على اسم الحي، وأوجد سمعة عكسية، إذ إن كلمة «شهار» تحمل معها للمتلقي معنى دار المرضى النفسيين»، ويرى أن نقل المستشفى سيسلخ من الحي «الراقي» ثوب السمعة الرديئة ويقدمه كسوة ترتديه «الحوية»، وتوقع أن تقطع ظاهرة مرضى الشوارع الملاحظة بشكل لافت داخل الأحياء السكنية والميادين في محافظة الطائف المسافات، لاسيما أن الحوية تقع على بعد 20 كيلو متراً من الطائف، لتحط رحالها في ضاحيتهم الواعدة الوديعة. وأشار الشلوي إلى وجود عدد من المنازل الشعبية المهجورة في الحوية ما سيجد فيها هؤلاء المرضى مرتعاً خصباً لهم، خصوصاً أن تحولها في عتيم الليل إلى مواقع موحشة سيخفي خلف دهاليزها صعقة جريمة بطلها مريض نفسي لا يعي تصرفاته. ويرى المواطن نواف العتيبي أن الفرصة لا تزال في متناول يد الجهات المسؤولة، وهناك مواقع عدة ملائمة لإقامة مشروع المستشفى خارج النطاق العمراني، يلزمها فقط درس مستفيض في هذا الجانب، وقال: «إن المرضى النفسيون من أبناء المجتمع ويعانون من وطأة المرض ويقع على عواتقنا مسؤولية تجاههم، ونحن لا نتبرأ منهم أو ننبذهم، ولكن لهم حقوق وخصوصية يجب مراعاتها حفاظاً على كرامتهم الإنسانية»، مشيراً إلى أن وقوع مشفى نفسي في حي سكني قد يعرض المرضى للسخرية والاستهزاء من قبل بعض الجهلاء، إلى جانب بعض الكتابات المؤلمة التي ستظهر على الأسوار الخارجية للمبنى. من جانبه، أكد مدير مستشفى الصحة النفسية (سابقاً) في محافظة الطائف الدكتور رجب بريسالي ل«الحياة» أهمية إيجاد موقع للمشروع بعيداً من الكثافة السكانية مع مراعاة التصميم بشكل أفقي لتفادي حالات الانتحار والسقوط في صفوف المرضى، وإيجاد مسطحات مزروعة تضفي نوعاً من الأريحية على نفسية المريض. وقال: «من المفاهيم الخاطئة التي يجب تصحيحها في المجتمع أن الدراسة العلمية أثبتت أن المريض النفسي أقل خطورة من الإنسان السوي»، وبخصوص انعكاس وجود المستشفى على نفسيات الأطفال دون سن ال 18عاماًً، قال: «يعد وجوده لديهم شيء غريب في البداية وقد يولد نوعاً من القلق، لكنه سيتلاشى مع مرور الزمن»، نافياً تحوله إلى مرض مزمن يتطلب تدخل علاجي، مبيناً أنه من حق السكان رفض انتقال وصمة «شهار» التي التصقت بالحي جراء وجود المستشفى ضمن معالمه. بدوره، كشف الناطق الإعلامي لصحة الطائف سعيد الزهراني ل«الحياة» تجاوز موازنة المشروع ال300 مليون ريال، وأن اختيار الموقع لا يزال في طور الدرس، وستراعى فيه الجوانب كافة، مشيراً إلى أن منطقة «سيسد» مرشحة أيضاً، إلى جانب المواقع الأخرى التي تم درس إنشاء المشروع فيها.