تفاقمت الأزمة بين الجيش التركي وحكومة رجب طيب أردوغان، بعدما فرضت الأخيرة أمراً واقعاً باستبعادها مرشح رئيس الأركان الجنرال إلكر باشبوغ لمنصب قائد القوات البرية، الجنرال حسن أغصيز الذي يشغل الآن منصب قائد الجيش الأول والذي يجمعه بالحكومة ثأر قديم، اذ يتهمه الحزب الحاكم بشن حرب اعلامية ونفسية عليه عام 2007، من خلال إنشائه 15 موقعاً الكترونياً لتشويه سمعة الحكومة واتهامها بمعاداة العلمانية والسعي الى تقسيم البلاد، وهذه معلومات تضمنتها عريضة ادعاء طلب حظر الحزب عام 2007 امام المحكمة الدستورية. وبينما تجاوزت الحكومة والجيش أزمة 11 جنرالاً كانوا ينتظرون الترقية، بأن حُرموا منها بناءً على طلب الحكومة، لورود اسمائهم بوصفهم متهمين في قضية مخطط «المطرقة» الانقلابي، والذي تنظر فيه المحكمة الآن، بقي فتيل الأزمة قائماً لإصرار باشبوغ على ترشيح أغصيز لمنصب قائد القوات البرية، متجاهلاً اعتراض الحكومة، اذ استثنى اردوغان اسم أغصيز من لائحة الترقيات وأرسلها الى الرئيس عبد الله غل كي يقرها. ونتيجة لذلك، بقي أغصيز في منصبه تمهيداً لإحالته على التقاعد نهاية الشهر الجاري، كما بقي الجنرال أشيق كوشانر القائد الحالي للقوات البرية والمرشح لتولي رئاسة الأركان، في منصبه ايضاً، في انتظار ترشيح اسم جديد يحل مكانه. وبناءً على تصرف اردوغان، اجتمع 25 جنرالاً من اعلى قيادات الجيش برئيس الأركان، لتقويم الموقف، مجددين رفضهم كيل الاتهامات للعسكر من دون دليل، وقطع الطريق على ترقيتهم من دون اثبات التهمة عليهم، كما حذروا أن ذلك يسيّس الجيش. وفيما ذكرت مصادر عسكرية ان بعض الجنرالات دعوا باشبوغ الى الاستقالة، احتجاجاً على ما حصل، توقعت أوساط حكومية أن يقدم باشبوغ اسماً جديداً لشغل منصب قائد القوات البرية، من أجل تجاوز الأزمة. وفي تطور مثير للجدل، طلب مدعي محكمة اسطنبول استدعاء أغصيز كي يدلي بأقواله في اتهامه بشن حرب اعلامية على الحكومة، اذ استنكرت المعارضة وأوساط حقوقية صمت القضاء عن هذا الموضوع الذي أُثير قبل سنتين، وطرحه في هذا التوقيت بينما السجال قائم بين الحكومة والجيش حول هذا الجنرال. واعتبرت المعارضة ذلك تواطؤاً بين القضاء والحكومة، وتسييساً واضحاً للقضاء. واعتبر مراقبون وصحافيون ما حدث انتصاراً للحكومة وإخضاعاً للجيش لحكم المدنيين، خصوصاً أن القانون يمنح الحكومة حق الاعتراض على مرشحي قيادات الجيش، لكن أياً من الحكومات لم تجرؤ على استخدام هذا الحق وتركت الأمر دوماً لرئيس الأركان خلال العقود الثلاثة الأخيرة. في المقابل، حذر حقوقيون من تسييس الجيش، من خلال التدخل في شؤونه، مذكرين بحادثة مشابهة قام بها رئيس الوزراء السابق سليمان ديميريل لتغيير مسار الترقيات في قيادة الجيش للتخلص ممن اعتقد انهم يشكلون خطراً على حكومته، فكانت النتيجة أن وصل الى رئاسة الأركان الجنرال كنعان افرين الذي لم يكن ليتبوأ المنصب لو سارت الأمور على طبيعتها. ونفّذ افرين عام 1980 أشد الانقلابات دموية وتأثيراً في تاريخ تركيا، مرسلاً ديميريل الى السجن.