يبدو أن هناك تياراً بات غالباً في الإنتاج السينمائي المصري ولعقود طويلة، يحرص الآن على الارتماء في أحضان الظواهر الفنية، حيث إنه مع انتشار أي ظاهرة يتهافت منتجون ونجوم كثر على استغلالها وتكرارها، من دون النظر إلى أي اعتبارات أخرى، كما حدث من قبل مع ظواهر أفلام الكيف والمخدرات، والجدل والشعوذة، والإرهاب والوحدة الوطنية، وقضايا المرأة، والكوميديا الجديدة، والعشوائيات والبلطجة، والثورة، وغيرها. واللافت أنه كلما حقّق فيلم نجاحاً يتناول ظاهرة ما، جماهيرياً أو نقدياً، يهرول الآخرون لتنفيذ أفلامهم على المنوال نفسه على أمل تحقيق نجاح مماثل... ومن أبرز الظواهر التي يسعى منتجون كثر لتقديمها حالياً ظاهرة «أفلام الأجزاء»، حيث يستعد أصحاب عدد من الأفلام السينمائية التي حققت نجاحاً خلال الآونة الأخيرة لتقديم أجزاء جديدة منها، مستغلين نجاحها الذي حققته، ومن هؤلاء من كان اتخذ قراره من البداية بأن يقدم أكثر من جزء لفيلمه بالأبطال نفسهم وخطوطهم الدرامية الرئيسية، أو استحداث شخصيات وخطوط تمت للموضوع الأصلي بصلة قوية، ومنهم من راقت له الفكرة لاحقاً لتكرار الأمر كنوع من اللعب على المضمون والنجاح المتحقق، وفي الحالتين يبقى الأمر مرهوناً بما يقدمه مؤلفو هذه الأفلام من جديد في أحداث الأجزاء الجديدة التي لم تعد قاصرة على الأفلام الكوميدية، بل امتدت إلى أفلام الدراما والحركة والغنائية. ثلاثية للثورة! فمن ناحيتها، تجهز المخرجة هالة خليل لتقديم جزءين جديدين من فيلم «نوارة» لمنة شلبي ومحمود حميدة وشيرين وأحمد راتب ورجاء حسين وأمير صلاح الدين، والذي حقق نجاحاً كبيراً، وحصل على أكثر من جائزة في أكثر من مهرجان مصري وعربي. وكانت خليل أعلنت مع العرض التجاري ل «نوارة» أنها منذ ثورة 25 كانون الثاني (يناير) 2011، عقدت النية على تقديم ثلاثية بعنوان «ثلاثية الثورة» وأن «نوارة» هو الجزء الأول منها، الثاني يحمل اسم «عسكر وحرامية»، والثالث «الليلة ثورة»، وتربط الأجزاء الثلاثة حالةُ الثورة المستمرة الموجودة في الشارع. ووافقت أسرة فيلم «ولاد رزق» لأحمد عز وعمرو يوسف وأحمد الفيشاوي وأحمد داود ونسرين أمين وسيد رجب وندا موسى والمؤلف صلاح الجهيني إضافة الى المخرج طارق العريان، على تقديم جزء ثانٍ من الفيلم الذي عرض جزؤه الأول في الصيف الماضي وحقق نجاحاً جماهيرياً ونقدياً لافتاً. ويقول مؤلف الفيلم إن نهاية أحداث الفيلم تتيح تقديم جزء جديد، إضافة إلى نجاحه الكبير ومطالبة الجمهور بجزء ثانٍ منه. وفي الوقت الذي توقع البعض أن تقدم ياسمين عبدالعزيز جزءاً ثانياً من فيلمها الجديد «عصمت أبوشنب» الذي عرض في عيد الفطر، فوجئ الجميع بتحضيرها لتقديم جزء ثانٍ لفيلم «الدادة دودي» الذي قدمت جزءه الأول العام 2008، وشاركها بطولته صلاح عبدالله وسامح حسين وأخرجه على إدريس، حيث انتهى المؤلف نادر صلاح الدين من كتابة الجزء الجديد، وقال إنه كان مقرراً تقديمه في العام التالي مباشرة للجزء الأول، ولكنه تأجل بسبب انشغاله وياسمين بأعمال أخرى. وأكد أن أحداث العمل تسمح بتقديم أكثر من جزء جديد. وهو الأمر ذاته الذي أكده طارق عبدالجليل مؤلف فيلم «نمس بوند» لهاني رمزي وحسن حسني ودوللي شاهين ولطفي لبيب من إخراج أحمد البدري العام 2008 أيضاً، حيث قال إن الفيلم عند تنفيذ جزئه الأول كان مقرراً تقديم أجزاء تالية له، و «لكن ظروف الإنتاج والتسويق حالت دون إتمام المشروع» يومها. أما السيناريست تامر حبيب، فأشار إلى أنه بعد نجاح أحمد السقا ومنى زكي في فيلمهما الجديد «من 30 سنة» والذي أعاد التعاون بينهما مجدداً بعد غياب منذ قدما «تيمور وشفيقة» العام 2007، تحدث معهما حول إمكانية تقديم جزء جديد من «تيمور وشفيقة»، فحصل على موافقتهما، وهو ما حمّسه للشروع في كتابة جزء جديد. «الجزيرة» مرة ثالثة ومن الأفلام التي تنتظر تقديم أجزاء جديدة لها «الجزيرة» لأحمد السقا وهند صبري وخالد الصاوي ومن إخراج شريف عرفة، حيث تقرر تقديم جزء ثالث له بعد نجاح جزءيه السابقين. كما يسعى تامر حسني لتقديم جزء رابع من فيلمه الناجح «عمرو وسلمي» الذي قدم أجزاءه الثلاثة السابقة في الأعوام 2007 و2009 و2012. مهما يكن، فإن ظاهرة أفلام الأجزاء تعتبر من الظواهر القديمة في السينما المصرية. حيث قدمتها من قبل ليلى مراد في سلسلة الأفلام التي حملت اسمها، وإن اختلفت في مضامينها، ومنها «ليلى» و «ليلى بنت الفقراء» و «ليلى بنت مدارس» و «ليلى بنت الريف» و «ليلى في الظلام». وهو ما تكرر مع سلسلة أفلام إسماعيل يس التي حملت اسمه، ومنها «مغامرات إسماعيل يس» و «عفريتة إسماعيل يس» و «إسماعيل يس في الجيش» و «في البوليس» و «في جنينة الحيوانات» و «في الأسطول» و «في دمشق» وغيرها. وبعد تحقيق «بخيت وعديلة» لعادل إمام ولينين الرملي ونادر جلال نجاحاً لافتاً العام 1995، قدموا جزءين تاليين منه هما «الجردل والكنكة» 1996، ثم «هاللو أميركا» 2000، كما قدم محمد سعد جزءين من «اللمبي»، وكريم عبدالعزيز وحنان ترك «حرامية في كي جي تو» ثم «حرامية في تايلاند».\