عُقد في العاصمة الليبية طرابلس الاجتماع الأول لأعضاء المجلس الأعلى للدولة ومجلس رئاسة حكومة الوفاق الوطني ومجلس النواب والوزراء عن الجنوب الليبي، فيما واصلت القوات الموالية لحكومة الوفاق تقدمها صباح أمس في سرت حيث أحكمت سيطرتها على مواقع رئيسية وتحاول إبعاد مسلحي «داعش» عن الأحياء المتبقية تحت قبضتهم، بعد أربعة أيام على خسارتهم معقلهم الرئيسي في المدينة. وشاهد مصورو وكالة «فرانس برس» للأنباء مقاتلي القوات الحكومية وهم يحاولون التقدم باتجاه الحي رقم ثلاثة في سرت مستخدمين المدافع الرشاشة والأسلحة الخفيفة. وقال محمد مصطفى الفقيه، أحد القادة الميدانيين في سرت ل «فرانس برس»: «حصل انهيار في صفوف العدو وعدم تنظيم الصفوف فاستغلينا الموقف وواصلنا تقدمنا لغاية قاعات واغادوغو والمركز التجاري. حالياً نحن متمركزون في هذا المكان، وفي الأيام المقبلة سنتقدم نحو شارع مراح وبقية الأماكن الموجود فيها العدو». وكان المركز الإعلامي لعملية «البنيان المرصوص» أعلن السبت السيطرة على مبنى إذاعة كان الجهاديون يستخدمونها لبث دعايتهم. وقال المركز في بيان إن «قواتنا تبسط سيطرتها على مبنى إذاعة مكمداس الخاصة (مراقبة المحاسبة سابقاً) بعد عمليات تمشيط واسعة للمناطق التي سيطرت عليها أخيراً». وأضاف أن «مبنى الإذاعة يعد أحد أهم المراكز الإعلامية التابعة لداعش بمدينة سرت ويقع بالقرب من مجمع قاعات واغادوغو». وقال المقاتل عمر الحسناوي إن الجهاديين «تم دحرهم من مجمع واغادوغو الذين كانوا متحصنين بداخله لأكثر من شهرين بفضل من الله ومن قيادة عملية البنيان المرصوص ومن الشباب الذين أتوا من جميع المدن الليبية لدحر هذا الطغيان والارهابيين المتحصنين الآن في الأحياء السكنية». وجال مصورو «فرانس برس» داخل مباني جامعة سرت ومركز واغادوغو حيث لا تزال الشعارات الجهادية شاهدة على فترة احتلال التنظيم المتشدد لهذه المباني. وعلى مدخل جامعة سرت رفع التنظيم شعاري «خلافة على منهاج النبوة» و «الدولة الإسلامية باقية وتتمدد»، لكن مقاتلي القوات الحكومية حاولوا تغطية هذين الشعارين بالطلاء. وداخل قاعات مركز واغادوغو كان الدمار سيد الموقف، وفق المصوّر الذي شاهد أمام المركز مجموعة من مقاتلي القوات الحكومية وهم يرفعون شارة النصر، وبأيديهم لافتة للتنظيم كتب عليها «نقاتل في ليبيا وأعيننا على روما»، في إشارة إلى التهديدات التي ما انفك التنظيم يتوعد بها الأوروبيين. وبعد ثلاثة أشهر على بدء عملية «البنيان المرصوص» لاستعادة سرت التي أصبحت في حزيران (يونيو) 2015 معقل تنظيم «داعش» في ليبيا، أعلنت القوات الموالية للحكومة السيطرة على مقر قيادة التنظيم في مجمع واغادوغو للمؤتمرات. ومنذ انطلاقها في 12 أيار (مايو) قتل في عملية «البنيان المرصوص» أكثر من 300 من مقاتلي القوات الحكومية وأُصيب أكثر من 1800 شخص بجروح. ودخلت القوات الموالية لحكومة الوفاق في 9 حزيران (يونيو) إلى سرت ونجحت في تطويق مسلحي «داعش» في وسط المدينة ثم طلبت مساندة الطيران الأميركي الذي بدأ في مطلع الشهر الجاري تنفيذ ضرباته على مواقع التنظيم. إلى ذلك، كان على رأس الحاضرين في الاجتماع الأول لأعضاء المجلس الأعلى للدولة في طرابلس، النائب الأول لرئيس المجلس، صالح المخزوم، ونائبا رئيس المجلس الرئاسي، موسى الكوني وعبدالسلام كاجمان. وناقش الاجتماع سبل دعم الاتفاق السياسي والتحديات التي تواجه تفعيل الأجهزة الأمنية والمؤسسة العسكرية، والتحديات الاقتصادية التي تواجه منطقة الجنوب، بالإضافة إلى آلية مكافحة ظاهرة الهجرة غير الشرعية. وأكّد المخزوم أن تحقيق أمن واستقرار الجنوب والإهتمام بالتنمية البشرية ومكافحة الفقر والهجرة غير الشرعية هو واجب علينا جميعاً، مشيراً إلى أن الإنفلات الأمني الحاصل هناك قد يؤدي إلى هلاك كل مناطق ليبيا. وأكد ضرورة التنسيق واستمرار هذه الاجتماعات لإيجاد حلول لكل هذه المشاكل، وترجمتها على أرض الواقع لضمان أمن واستقرار ليبيا.