من دورة إلى أخرى يكتسب مهرجان سوق عكاظ أهمية كبرى، يزداد العام تلو الآخر تطويراً ويتبنى مشاريع تنويرية، فأصبح منصة مهمة لتقديم الأفكار والمبادرات التاريخية والحيوية. ليست سوق عكاظ مجرد فضاء للشعر فقط، إنما فضاءات للشعر والرواية والقصة والعلم والتقنية والفكر والإعلام. هنا مثقفون عبّروا ل«الحياة» عن مرئياتهم حول المهرجان في دورته التي انتهت فعالياتها الثقافية أول من أمس. منى المالكي: لماذا تغيب المرأة عن اللجان؟ للسنة العاشرة نستقبل مهرجان سوق عكاظ، وهو مزهو بما وصل إليه من عناية ورعاية، إذ شب عن الطوق وعاد شامخاً كالطود العظيم، وأصبح يطلب أن تكون له شخصيته المستقلة وكيان له موازنته وموظفوه وإداريوه الذين يسهرون على تشييد وإدارة مدينة عكاظ المستقبل. لن نكتفي بأن يردد «عكاظ» «زوروني كل سنة مرة». «عكاظ» حياة دائمة لا مكان للأطلال تعيش في جوانبه تقتات على غيمة موسمية. «عكاظ» قام على فكرة «الإنسان»، لم يفصل بين المرأة والرجل، فلماذا تعيش لجانه العليا والتفيذية من دون مشاركة فعالة وقرار تشترك فيه المرأة التي صدح صوتها بين جوانبه وكتب التاريخ ذلك؟ الطموح في «عكاظ» وفارسه خالد الفيصل كبير بحجم ومكانة كليهما، وأزعم أننا سنعيش مستقبلاً عكاظياً عظيماً. كاتبة وباحثة عادل الزهراني: أهمية الاستمرارية «عكاظ» امتداد للتاريخ والثقافة الحقيقية، جسر يعي أهمية الحاضر في إيقاظ نشوة الماضي المشرق، ألمح في التظاهرة وعياً جميلاً بهذه الرسالة التي يراد إيصالها إلى العالم، وذلك من خلال تنوع الفعاليات كماً وكيفاً، والمحاولة الجادة لإشراك الشباب في العمل، إضافة إلى الاهتمام بالنخب المختلفة، وتقديم وجبة منوعة للمجتمع السعودي. مهم أن نستمر في هذا الطريق الإيجابي المدرك لأهمية التواصل الثقافي بين الأجيال، أن نبقي الهدف الحقيقي نصب أعيننا، ألا تتحول هذه الفعاليات إلى مناسبات ترف وأبهة، فتترهل وتحيد عن الهدف السامي خلفها. عكاظ اليوم حاضر يصنع الماضي، يستدعيه ليقول له: نحن هنا، هذه قيمنا، وهذا شبابنا، وهذه جهودنا. ستحل كل عام ضيف شرف علينا، لتشهد كما يشهد العالم أنا نحاول أن نصنع تاريخاً يليق بنا، كما صنعت أيها الماضي الجميل تراثك الفاخر العريق. أكاديمي جاسم الصحيح: أين كان عن الأيام محتجباً؟ تحية طيبة أرفعها إلى الأمير خالد الفيصل، وأشكره على جهوده في استعادة «عكاظ» من التاريخ السحيق إلى الحاضر في صورة حضارية تليق بالثقافة العربية التي تنطلق من أرض الحرمين الشريفين. ولا أملك بهذه المناسبة إلا أن أستحضر الشعر في حضرة هذا الشاعر الأمير: يُزَاوِجُ البيدَ والتاريخَ في وَتَرٍ/ نَسْجِ الخلودِ تناهَى صَبوَةً وصِبَا/ عقاربُ الوقتِ فوق المهدِ حَطَّمَها/ وراح يصنعُ من أشلائِها لُعَبا/ مرَّ الزمانُ.. وما مرَّ الزمانُ بهِ/ فأينَ كانَ عن الأيامِ محتجبا؟/ ساهٍ عن الشَّعَراتِ البيضِ يحسبُها/ مِمَّا تَوَهَّجَ من أفكارِهِ شُهُبا. شاعر محمد عابس: دعم السياحة الثقافية يأتي «عكاظ» كل عام ليحمل إلى الأوساط الثقافية والأدبية والفنية والتراثية والسياحية تجليات جديدة ورغبات محمومة وإضافات مشرقة وبشائر سعيدة وفضاءات، أوسع تربط الماضي بالحاضر والمستقبل، وتؤسس لجماليات متعددة تحتفي بالإنسان في صور حضارية مختلفة تحتفي بالكلمة والفكرة واللون والصورة والحركة والحرفة والرقصة والإيقاع في تناغم وتناسق وتعاضد، ترسَخ مفاهيم العمل الشعري والثقافي والفني والتراثي والسياحي بأشكالها المختلفة، من هنا يكون خالد الفيصل داعماً ومسانداً ومحفزاً لمفاهيم السياحة الثقافية والفكرية والتراثية والحضارية عبر برنامج عكاظ المتحفز والمتجدد عاماً بعد الآخر، ليكون «عكاظ» رقماً صعباً على خريطة المهرجانات العربية. ولا ننسى دور رجالات خالد الفيصل في الميدان الذين ينفذون ما أوكله إليهم باقتدار وتميز. وبجهود هذا الأمير المثقف استوى «عكاظ» على سوقه وأعجب الحضور والمتابعون من كل مكان، و«عكاظ» يسير نحو التميز والتفرد عاماً بعد عام، ونترقب الجديد مع كل دورة، لثقتنا بخالد الفيصل والعاملين معه. شاعر سعود اليوسف: هوية بلباس عصري مما يلفت النظر في مهرجان سوق عكاظ ال10 ويستحق الإشادة والإكبار أن السوق استطاعت أن تحافظ على هويتها بلباس عصري، إذ اتسعت فصارت ميداناً للأجناس الأدبية باختلافها، فالشعر، والنقد، والرواية...، كما أنه لم يقتصر على حضور الأدباء السعوديين، بل تجاوز ذلك إلى مختلف الدول العربية، ما يزيد السوق عمقاً، ويمنح ثمارها نضجاً، فضلاً على أن أعمار الحضور متباينة، وهذا تنوع يمنح التجارب فرصة للإفادة من بعضها، ويجعل تداول الخبرات والتجارب أكثر إثماراً، إضافة إلى أن السوق لم تُغفل الجانب الاقتصادي في هويتها، ولكنها قدمتها في صبغة عصرية من خلال عرض التجارب الاقتصادية للشباب وتشجيعهم. كما أن احتواء السوق لوسائل التقنية الحديثة وأثرها وكيفية الإفادة منها منحها عمقاً ومسايرة لروح العصر. شاعر محمد هليل الرويلي: نافذة للضوء عشر سنوات مفصلية كانت كفيلة لتستوي هذه السوق العكاظية على جودي الثقافة العربية، عشر سنوات رسمها الفيصل الخالد مستشار خادم الحرمين الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة خالد الفيصل مهندس هذه السوق وفنانها الشامخ بالسمو والتوقد، حتى تحسسنا فيها ماضينا واستشرفنا مستقبلنا بوعي وانطلاق نحو المعرفة والقيمة النوعية لثقافتنا الزمانية والمكانية. هذا العام كان العكاظيون والعكاظيات مختلفين تماماً، لقاء وحوارات، وأمسيات وجلسات ثقافية، أضفت على المشهد الثقافي الراكد في هذا الصيف الحار قطرات من المطر المنعتق من صدر الغيمة الطائفية. أعجبتني كثيراً حوارات المثقفين الجانبية وهم يتناولون بأحاديثهم عن الأديب والمؤرخ محمد بن عبدالله البليهد والذي كلفه عام 1355ه الأمير فيصل بن عبدالعزيز - رحمه الله - للبحث عن موقع سوق عكاظ، رغبة في تحديد موقعها التاريخي بعد تضارب الأقول المختلفة عن موقعها المورد في بعض المخطوطات والكتب، فأخذ المهمة بكل همة «الفارس الجول» كما أطلق عليه الأديب محمد بن حسن زيدان، وذلك نظراً إلى علو همته وثقافته ومعرفته الواسعة واطلاعه بتاريخ العرب، لأنه أمضى حياته في جهد متواصل، لأجل تأليف كتاب «صحيح الأخبار»، مطالبين في الوقت نفسه بتسليط الضوء على هؤلاء المؤرخين والباحثين والجغرافيين، والمبادرة بتكريمهم وفاء لأرواحهم الخالدة في ثرى وطننا العزيز. نستطيع القول إن «عكاظ» اليوم نافذة الضوء لثقافة بلداننا العربية والعالم الرحب بالفنون والثقافة والتنوع الحضاري المعرفي، الذي نُحت له هذا العام. قاص أحمد الحربي: معايير لتوجيه الدعوات لست أدري إلى متى يستمر جدل المثقفين والأدباء حول توجيه الدعوات؟ بعضهم يرى أنها تأتي اعتباطاً كما اتفق من دون الرجوع إلى قاعدة بيانات للأدباء والمثقفين، والبعض الآخر يرى أن الدعوات تأتي بناء على الأهواء الشخصية لمسؤولي توزيع الدعوات، ورأي ثالث يصر على أن الدعوات تقدم للأصدقاء المقربين منهم، وماعدا ذلك في عداد المنسيين، ألا توجد هناك مقاييس لتوجيه الدعوات؟ شاعر