تعرّض كمال كيليجدارأوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري الأتاتوركي المعارض الرئيسي في تركيا، لاعتداء بالضرب أمس، سارع رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان إلى إدانته. لكن الأخير اتهم في الوقت ذاته، المعارضة ب «التواطؤ مع الخونة»، في إشارة إلى جماعة خصمه الداعية فتح الله غولن، معتبرا أن فوز حزبه في الانتخابات البلدية أخيراً منحه «تفويضاً لتصفية» هذه الجماعة. وأفادت وسائل إعلام تركية بأن رجلاً هاجم كيليجدارأوغلو لدى توجّهه لإلقاء كلمة أمام الكتلة البرلمانية لحزبه في مقر البرلمان. وسدد المعتدي أربع لكمات في وجه كيليجدارأوغلو، ما أدّى إلى سقوطه أرضاً وكسر نظارته. وتصدى نواب وحراس لزعيم المعارضة للمهاجم وضربوه، قبل تدخل الشرطة لاعتقاله. وأوردت صحيفتا «حرييت» و «زمان» أن المهاجم يُدعى أورهان أوفيت، وينتمي إلى منظمة شبابية تابعة لحزب قومي متطرف، وكان أشاد بأردوغان على موقع «فايسبوك». لكن كيليجدارأوغلو تفادى توجيه اتهامات إلى جهة معينة، وألقى كلمته أمام الكتلة البرلمانية لحزبه، قائلاً: «لن نتراجع بسبب لكمة». ودعا أنصاره إلى «ضبط النفس»، مذكّراً بتعرّض الرئيس السابق عصمت إينونو لاعتداء مشابه. وأضاف: «طريق الديموقراطية مليء بعراقيل، وهذا الاعتداء ليس الأول الذي يتعرّض له رئيس لحزب الشعب الجمهوري. لا مجال للخنوع ولا للتراجع... ولن تتخلى أبداً عن قناعاتنا». وتعهد بأن يتابع حزبه التركيز على فضيحة الفساد الكبرى التي طاولت أردوغان ومقرّبين منه. ودان أردوغان الاعتداء على كيليجدارأوغلو، معتبراً الأمر «خاطئاً». وأردف: «ليس ممكناً قبول أي أعمال يتخلّلها عنف». واتصل رئيس الوزراء بزعيم المعارضة، مهنئاً بسلامته. كما وصف حزب العدالة والتنمية الحاكم الاعتداء بأنه «هجوم على الديموقراطية وحرية الرأي»، داعياً إلى محاكمة المعتدي. وقبل ساعات من الاعتداء على زعيم المعارضة، حذر رئيس الوزراء من أنه «لن ينسى إطلاقاً تواطؤ أحزاب المعارضة مع الخونة»، في جماعة غولن التي يتهمها بتشكيل «دولة موازية»، من خلال تغلغل أنصارها في مؤسسات الدولة، لا سيّما القضاء والشرطة، بعد فضيحة فساد كبرى طاولته ومقرّبين منه. وقال أردوغان أمام نواب حزبه: «إن الانتخابات البلدية طوت صفحة الوصاية وأسقطت الغطرسة وألغت مزايا (جماعة) إلى الأبد»، مضيفاً: «منحتنا الأمة تفويضاً بتصفية الدولة الموازية، ولن نتردد لوهلة، لن ننسى الخيانة أبداً». وزاد: «أن غولن ليس عالماً ولا رجل خير، ليس شيخاً، بل صاحب شركة تجارية، وتبيّن أنه يقود تنظيماً»، وأضاف: «تنصّتوا في شكل غير قانوني على آلاف الأشخاص. سيُلاحَق جميع المذنبين، وندعو كل من يتعرّض لابتزاز (من جماعة غولن) إلى إبلاغنا بالأمر». وأشار إلى أن الحكومة ستلاحق مؤسسات الجماعة خارج تركيا، وستحقّق في كل «الأموال والتبرعات التي جُمعت في شكل غير قانوني». وفي ما اعتبرته وسائل إعلام موالية لغولن، تنفيذاً لتهديد أردوغان باستئصال جماعة الداعية، اعتقلت السلطات التركية ثمانية رجال شرطة، بينهم نائب مدير أمن سابق ومدير للاستخبارات، في مدينة أضنة جنوب البلاد، بعد دهم منازلهم، لاتهامهم بالتورط ب «تنصّت غير شرعي». وجدّد أردوغان تلميحه إلى عزمه الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية المرتقبة في آب (أغسطس) المقبل، قائلاً: «سينتخب الشعب الرئيس للمرة الأولى، ما يُسبغ عليه أهمية. المسؤوليات ستختلف بعد هذه الانتخابات، ولن يكون رئيساً بروتوكولياً، بل رئيساً يعرق ويركض هنا وهناك ويعمل بكدّ». وندّد بقرار المحكمة الدستورية إلغاء حجب موقع «تويتر»، قائلاً: «هذا لا يخدم العدالة، ويجب تصحيح القرار. أدرك الجميع أن الشركات العالمية، مثل تويتر ويوتيوب وفايسبوك، استُخدِمت أدوات لمهاجمة تركيا». أما الرئيس عبدالله غل فكرّر أنه سيجري «مشاورات مع رفاقه، في مقدمهم أردوغان» حول ترشحه للرئاسة، وزاد: «رأيي سيكون حاسماً في شأن مسائل تتعلّق بي. يجب أن نكون واقعيين».