توقعت أوساط اقتصادية أن يشهد سوق العقارات في العراق نمواً خلال الفترة المقبلة بفعل خطوات وقرارات كفيلة بإحداث نقلة نوعية في نشاطها، في حال تفعيل هذه التدابير والقرارات في شكل سليم، خصوصاً أنها تترافق مع الكثير من المشاريع الاستثمارية قيد التنفيذ، ما يشكل بداية نشاط واسع يشمل قطاعات عدة ذات صلة. ويحظى الإعلان عن ضوابط تخصيص الأراضي السكنية للمواطنين من قبل الحكومة عبر التقسيط وبشروط ميسرة، أهمية خاصة بالنسبة الى شمول الضوابط ذاتها شرائح واسعة من المجتمع، ما اعتبره معنيون معالجة جذرية لأزمة السكن المتفاقمة والتي انسحبت آثارها على حياة المواطنين الذين يعانون صعوبات تحول دون امتلاكهم أو استئجارهم دار سكن نتيجة ارتفاع الأسعار بما لا يتوافق مع دخل الغالبية الساحقة. وأوضح خبراء أن تخصيص الأراضي السكنية للمواطنين سيوفر فرص عمل كثيرة للمهنيين والحرفيين في حال تفعيل إطلاق قرض الإسكان، وسيساهم في تجاوز حال الركود المستمرة منذ سنوات نتيجة الظروف الاستثنائية التي يمر بها الاقتصاد العراقي وتدني مستويات إنتاجية قطاعاته. يذكر أن الحكومة العراقية صادقت هذه السنة على آليات إقراض صندوق الإسكان الخاصة بقروض البنك المركزي البالغة 5 تريليونات دينار (نحو 4 بلايين دولار)، واشترطت آلية توزيع القروض اعتماد معياري النسبة السكانية ودرجة الفقر لكل محافظة، وألا يزيد القرض على 50 مليون دينار تدفع للمستفيد. ورافق إطلاق توزيع الأراضي للمواطنين إطلاق البرنامج الالكتروني للقروض الصناعية والزراعية والسكنية. وتوقع نائب رئيس «اتحاد رجال الأعمال العراقيين» باسم انطوان في مقابلة مع «الحياة» أن «تكون هناك مفاعيل مهمة للخطوات المتخذة في مجال توزيع الأراضي على المواطنين وتسهيل حصولهم على القروض اللازمة لتشييد دور سكن لهم، أو بالنسبة للقروض الأخرى المتصلة بدعم المشاريع الصناعية والزراعية والخدمية». وأضاف: «أن السوق العراقية باتت في حاجة ماسة إلى تفعيل هذه الخطوات لتفعيل النشاط الإنتاجي في البلد، خصوصاً بالنسبة الى الصناعات الإنشائية مثل الإسمنت والطابوق، التي تعد من القطاعات الاقتصادية التي تتميز بتنوع النشاط الاقتصادي المتفرع عنها وتشابكها مع مهن أخرى». ولفت إلى أن «هذه القطاعات مجتمعة يمكن أن تشغل أعداداً كبيرة من العاطلين من العمل، إلى جانب إحداث دورة اقتصادية جديدة والوصول لمرحلة الانتعاش بالنسبة الى السوق العقارية وإمكان انتشالها من حال السبات التي تعيش فيها، لا سيما أن قطاع العقار لا يرتبط نشاطه على نحو واسع بقطاع المقاولين المرتبط مباشرة بقطاع العقار والسكن، ويتوقع أن يشهد نمواً نتيجة توفير فرص نشاط جديدة في حال دفع مستحقات المقاولين المتأخرة لدى الوزارات». وأشار انطوان إلى أن «قطاع البناء والإنشاءات مرتبط مباشرة بحركة السوق ونشاط القطاعات ذات الصلة، ويحتاج سيولة مالية كفيلة بإحداث نقلة نوعية فيه». وتوقع أن «تشهد المرحلة المقبلة انتعاشاً بفعل خطوات مهمة اتخذت، أبرزها تحريك كتلة نقدية كبيرة من قبل آلية الإقراض وتوظيفها في قطاع واسع ومهم وله ارتباط مباشر بحياة المواطنين». يذكر أن الحرب ضد تنظيم «داعش» وتراجع أسعار النفط العالمية، تسببا باستنزاف قدرات البلد المالية، ما شكل سبباً مهماً لتراجع أداء الاقتصاد وتفعيل تدابير التقشف المالي لمواجهة متطلبات المرحلة الصعبة. وعزا متابعون لنشاط السوق العقارية الركود إلى تراجع الإنفاق الحكومي نتيجة تدني النشاط في الكثير من مرافق الحياة، خصوصاً تراجع العائدات المالية للمواطنين الذين اضطروا بدورهم إلى التقشف. ونُقل عن تجار عراقيين في بغداد قولهم إن مبيعاتهم اليومية تراجعت بنسبة كبيرة منذ نحو سنتين، إذ انخفضت من 7 ملايين دينار يومياً إلى نحو 500 ألف دينار أو أقل، بعدما خفّض معظم المواطنين مشترياتهم. وأشار تجار جملة في سوق «جميلة» الرئيس في شرق بغداد إلى معاناتهم خلال العام الماضي منذ احتلال «داعش» مناطق واسعة من شمال العراق وغربه.