في أحد شوارع سانت دييغو يقف رجل يلبس ثوباً أبيض ويرفع يديه وسط المارة يصيح بهم أنا المسيح أنا مخلصكم اسمعوني لتنجو. يتوقف بعض الناس الذين تلفت أنظارهم ثيابه، ويكونون في مزاج جيد للمزاح، فيقولون له: سيد «جيسس» هل تسمح لنا بأن نأخذ معك صورة؟ يبتسم لهم ويتصور معهم، ويذهبون، قائلين: شكراً سيد جيسس. ويستمر «السيد جيسس» في دعوته التي يرد عليها المارة بابتسامة أو بالصمت. واحدة من برامج الحوار في التلفزيون الأميركي قامت باستضافة «السيد جيسس»، وسأله المذيع: لماذا يلبس ثوباً أبيض؟ ولماذا يقف بين الناس؟ وما حقيقة ما يدعيه؟ وتحدث «السيد جيسس» معه، وقال كل ما لديه ثم عاد للشارع بثوبه الأبيض وبلوثته البيضاء يعيد مقولته «أنا جيسس»؟. لم يقلق الشارع الأميركي ظهور رجل يدعي أنه المسيح، ولم يتحلق حوله الناس يطلبون بركاته ويسألونه تفسير الأحلام. ولم يتبرع له رجال الاعمال ليوزع صدقاتهم أو يحولها لمصادر مشبوهة. لم يحتضن «السيد جيسس» هذا شركات الاستثمار والمخططات العقارية ليبيعوها للناس ثم يهربون بأرباحها، بل ظل مجرد رجل مصاب بلوثة، وكل من به لوثة يستطيع أن يعبر عنها، هنا فقد يظهر من بين هذه اللوثات عبقري حقيقي واحد، في نفس المكان وعلى الشارع الخامس في المدينة يوجد مبنى كبير يشبه ملعباً رياضياً مغلقاً تقام فيه الفعاليات الثقافية والفنية، وقد أخبرني قريبي الذي يدرس هنا أنه صلى صلاة العيد في هذا المكان، لأن البلدية وافقت على منحه للمسلمين حين طلبوا السماح لهم بالصلاة بمناسبة عيد الفطر في العام الماضي. وفي نفس المدينة تسمع رجلاً أميركياً من أصل أفريقي يدعى مالك يؤم المصلين ويختم صلاته بدعاء «اللهم زلزل أرضهم وأبدهم ويتّم ابناءهم»، ويفتي بجواز قتل البيض من المسيحيين، وقتل أطفالهم. كل هذا مسموح به كما يقول الفيلسوف الأميركي نعوم تشومسكي، فالقانون لا يحاسب من يدعو للقتل، لكنه يحاسب من يتجاوب مع هذه الدعاوى، والقانون لا يجامل القتلة بوصفهم فئة ضالة أو أنهم مغرر بهم، لهذا يعرف الجميع أنه يستطيع أن يقول ما يريد، لكن لا يفعل إلا ما يوافق عليه القانون. [email protected]