الإحصاء: %82.3 من الأطفال في عمر "24 - 59 شهرًا" يسيرون على مسار النماء الصحيح    نائب أمريكي: السعودية قوة وشريك أساسي لتعزيز الاستقرار    الشباب والهلال يتألقان في ختام بطولة المملكة للتايكوندو    لبنان: البداية باحتكار الدولة حمل السلاح    مغادرة الطائرة الإغاثية السعودية العاشرة لمساعدة الشعب السوري    انخفاض درجات الحرارة على منطقتي الرياض والشرقية اليوم    مدير تعليم الطائف يترأس لجنة الانضباط المدرسي    أمسية شعرية مع الشريك الأدبي يحيها وهج الحاتم وسلمان المطيري    الأمير سعود بن نهار يلتقي مدير إدارة المساجد بالمحافظة    «واتساب»: اختبار تبويب جديد مخصص للذكاء الاصطناعي    «سهيل والجدي» ودلالات «الثريا» في أمسية وكالة الفضاء    «هيئة الشورى» تحيل مشاريع أنظمة واتفاقيات للعرض على المجلس    مواد إغاثية سعودية للمتضررين في اللاذقية    خيسوس يعد الزعيم للمحافظة على «الصدارة»    شبح الهبوط يطارد أحد والأنصار    الخريجي يعزز العلاقات الثنائية مع إسبانيا    نغمة عجز وكسل    الراجحي يضيق الخناق على متصدر رالي داكار    «موسم الرياض» يسجل رقماً قياسياً ب16 مليون زائر    11,000 فرصة وظيفية لخريجي «التقني والمهني» في 30 يوماً    أمير نجران يستقبل مدير الجوازات    أمير الشمالية يطلع على أعمال جمرك جديدة عرعر    محمد بن عبدالرحمن يواسي الخطيب والبواردي    الصحي الأول بالرياض يتصدر التطوع    "الأحوال المدنية" تقدم خدماتها في 34 موقعًا    سعود بن بندر ينوّه باهتمام القيادة بقطاع المياه    جامعة الملك سعود تنظم «المؤتمر الدولي للإبل في الثقافة العربية»    «التربية الخليجي» يكرم الطلبة المتفوقين في التعليم    العلاقة المُتشابكة بين "الذكاء الاصطناعي" و"صناعة المحتوى".. المحاذير المهنية    المسجد النبوي يحتضن 5.5 ملايين مصل    السجائر الإلكترونية.. فتك بالرئة وهشاشة بالعظام    طالبات الطب أكثر احتراقاً    برشلونة يقسو على ريال مدريد بخماسية ويتوّج بالسوبر الإسباني    يِهل وبله على فْياضٍ عذيّه    أمير القصيم يرعى المؤتمر العالمي السادس للطب النبوي    متفرّد    سيتي يتطلع لحسم صفقة مرموش    تمكين التنمية الصناعية المستدامة وتوطين المحتوى.. قادة شركات ينوّهون بأهمية الحوافز للقطاع الصناعي    155 مليون ريال القيمة السوقية للثروة السمكية بعسير    أغرب مرسوم في بلدة إيطالية: المرض ممنوع    «ولي العهد».. الفرقد اللاصف في مراقي المجد    جميل الحجيلان    السباك    في موسم "شتاء 2025".. «إرث» .. تجربة ثقافية وتراثية فريدة    خرائط ملتهبة!    الأمم المتحدة تحذر من كارثة إنسانية في غزة    هل نجاح المرأة مالياً يزعج الزوج ؟!    مطوفي حجاج الدول العربية الشريك الاستراتيجي لإكسبو الحج 2025    لبنان الماضي الأليم.. والمستقبل الواعد وفق الطائف    لمسة وفاء.. المهندس أحمد بن محمد القنفذي    هل أنت شخصية سامة، العلامات والدلائل    المستشفيات وحديث لا ينتهي    7 تدابير للوقاية من ارتفاع ضغط الدم    مباحثات دفاعية سعودية - أميركية    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة الأميرة فهدة بنت فهد بن خالد آل سعود    جدل بين النساء والرجال والسبب.. نجاح الزوجة مالياً يغضب الأزواج    أمير القصيم يشكر المجلي على تقرير الاستعراض الطوعي المحلي لمدينة بريدة    الديوان الملكي: وفاة والدة الأميرة فهدة بنت فهد بن خالد آل سعود    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المحكمة ودليلها
نشر في الحياة يوم 29 - 07 - 2010

سيطمئِن اللبنانيين توافد زعماء عرب الى بيروت، لعله بتمديد الرعاية العربية للاستقرار يحول دون صيف ملتهب قبل ما سمي «الخريف الساخن». وإن كان استباق القرار الظني الاتهامي الذي يفترض ان تصدره المحكمة الدولية، المولجة قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، قرئ بمقاربات متباينة، بين احتواء «فتنة» قد تتربص بالبلد، وأخذه باكراً الى تداعيات قرار يبقى في يد المحكمة وحدها... فتجديد الرعاية العربية للبنان لن يطرح مسألة التدخل في عمل القضاة أو التأثير في مساره.
وإذ كان لافتاً عشية قمة شرم الشيخ التي جمعت خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس المصري حسني مبارك، أن تشدد القاهرة على أولوية الملف اللبناني الى جانب الفلسطيني في محادثات القمة، فالأكيد ان جولة الملك عبدالله بمحطتها اللبنانية بعد سورية ومصر، ليست سوى استكمال لمبادرته من أجل ترسيخ المصالحات العربية التي تحوّلَ لبنان الى ركن أساس فيها. والمصالحات ذاتها إذ استبعدت مرحلة تصنيفات بين دول اعتدال وغيره، باتت كل الدول العربية معنية بتطويق قوس الأزمات الممتد من الخليج (ايران) والجزيرة العربية (اليمن) والعراق الى لبنان وفلسطين والسودان.
فالعراق على عتبة كارثة الفراغ الدستوري، واليمن ما زال مهدداً بحرب جديدة مع الحوثيين، لا يعرف أحد مَن يحرك خيوطها، أو على الأقل يمتنع عن كشفه لتفادي تمدد نار الحريق. وإن كان الملف العراقي الآن قضية داخلية، واليمني كذلك بمعطياته الميدانية، فمسألة المحكمة الخاصة هي عربية ودولية بمقدار ما هي لبنانية، ولا يمكن لبنان ان يسقِطها أو يلغيها منذ ولِدت بقرار لمجلس الأمن. في المقابل، لا يمكن المحكمة ان تبني قرارها الاتهامي قانونياً، على إيحاءات لبنانية أو عربية أو دولية.
وأما الجديد في مواقف الأطراف اللبنانيين التي تلت نزع الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصر الله صدقية المحكمة ولجنة التحقيق، فهو إعلان قادة في 14 آذار على رأسهم رئيس الوزراء سعد الحريري أن الدليل القاطع وحده هو المطلوب في أي قرار اتهامي. ولكن هل يكفي ذلك لمعالجة قلق الحزب، وطمأنة زعيمه؟
الجديد الذي تبلور في خطابات السيد نصر الله، هو عملياً عودة عن الإجماع اللبناني الذي تكرّس في البيان الوزاري وعلى طاولة الحوار في شأن إخراج المحكمة من التداول، ورفض تسييسها. ولكن، يُسجل على هامش السجال الساخن، إجماع على التحذير من الخبث الإسرائيلي الذي ينتظر لحظةً ينقضّ فيها لبنانيون على لبنانيين، وتتمدد «العرقنة».
واضح ان الدعوة السعودية الى التعقل لحماية استقرار لبنان، هي في مقدم الرسائل التي تحملها زيارة الملك عبدالله ولقاءاته في بعبدا، بعد القمة مع الرئيس ميشال سليمان، والتي قد ينضم إليها الرئيس السوري بشار الأسد. والتقارب السعودي – السوري الذي يواكبه انفراج بين بيروت ودمشق، على قاعدة لقاءات الحريري مع الأسد، لا يمكن إلا ان يساهما في إعادة ضبط إيقاع السجالات اللبنانية، لأن المنطقة لا تحتمل حريقاً آخر.
ومثلما بات مصطلحاً ان لا أحد في لبنان يريد بأي ثمن «الثأر» من قتلة رفيق الحريري وقتلة باقي الشهداء، ليس بين الدول العربية من تريد القصاص في المحكمة رغبة في ثأر. الإجماع هو على عدم التسييس، ولكل من الدول العربية المعنية لغتها في التعبير عن هذا الموقف:
- السعودية تمتنع عن تناول أي شأن يخص المحكمة، القادرة وحدها على بت ملف الاغتيالات، بموجب قرار دولي يعتبر العدالة طريقاً لحماية استقرار لبنان.
- مصر تتمسك بمعادلة ذات مسارين: لا تدخل في عمل المحكمة، ولا تهاون مع أي فريق في لبنان «يلعب» باستقراره. ولا يعني تأكيد وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط رفض 7 أيار جديد سوى ان ما قبلت به القاهرة آنذاك، بالأحرى امتناعها عن التدخل، لم يعد قابلاً للتجديد لأن الظروف الإقليمية تبدلت، وقوس الأزمات العربية تجاوز القدرة على احتماله.
- سورية ضد تسييس المحكمة، لكنها أعلنت رفضها أي قرار يتهم أي حزب باغتيال رفيق الحريري. والمحكمة كما اعلن السيد نصر الله قد تسمي اشخاصاً لا الحزب، لكنهم ينتمون إليه.
- قطر التي رعت اتفاق الدوحة ويزور أميرها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لبنان هذا الأسبوع أيضاً، تجد نفسها معنية بحماية الصيغة السياسية التي تلت الاتفاق، والنأي بها عن قضية المحكمة.
هو عملياً إجماع عربي على ان الاستقرار اللبناني حاجة عربية ملحّة، ستشدد عليها قمم بعبدا، من خلال رسالة تبدو شبه موحدة: لبنان ليس وحيداً في مواجهة تهديدات إسرائيل، ولكن على اللبنانيين حسم خيارهم بأن الخط الأحمر الأول هو توافقهم بأي ثمن... مع استثناء وحيد: شطب المحكمة ممنوع.
وأما الثمن فلن يكون بخساً، خصوصاً حين تتجدد الانقسامات على طبيعة الدور العربي ذاته. لعل من يتهم مصر بالتدخل في «شؤوننا»، يتذكر شكوى إيران من ضغوط عليها، عبر تطورات المحكمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.