أبدت طهران اهتماماً كبيراً بمحاولة الانقلاب العسكري في تركيا الأسبوع الماضي. وذُكر أن وزير الخارجية محمد جواد ظريف تابع الأحداث في غرفة عمليات مشتركة مع أمين مجلس الأمن القومي علي شمخاني وقائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري قاسم سليماني من مساء الجمعة وحتى صباح اليوم التالي، خصوصاً أن تركيا تقع في دائرة الأمن القومي الإيراني، إضافة إلى العلاقة بين البلدين خلال العقود الثلاثة الماضية. ويقول الباحث والأكاديمي في مركز الدراسات الاستراتيجية للشرق الأوسط في طهران أسد الله أطهري إن «العلاقات الإيرانية - التركية تستند إلى ثوابت تاريخية وحضارية مشتركة لا ترتبط بسياسات شخصية لهذا الرئيس أو ذاك»، مشيراً إلى أن طبيعة النظامين السياسيين في البلدين لم تؤثر في تلك الثوابت مع سعي طهرانوأنقرة إلى وضع تعريف لعلاقاتهما ركيزتها التعاون الاقتصادي والطاقة. ومع أن الأزمة السورية وإن كانت مهمة للبلدين، إلا أن العاصمتين نجحتا حتى الآن في تجنب انعكاساتها على التعاون الاقتصادي، وعلى العكس أبلغت طهران رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داود أوغلو الذي زارها في آذار (مارس) الماضي، استعدادها للتوسط بين أنقرة وموسكو ل»ترطيب العلاقات» بعدما أسقطت المقاتلات التركية قاذفة روسية في منطقة الحدود التركية - السورية. وعلى رغم تباين وجهات النظر السياسية بين البلدين، إلا أن طهران سارعت إلى إدانة الانقلاب ودعمت شرعية الحكومة والنظام السياسي الذي استند إلى صناديق الاقتراع، وهو موقف لافت قالت عنه طهران أنه «استند إلى ثوابتها في رفض الانقلابات العسكرية». إلا أن الحقيقة تفيد أن نجاح الانقلاب العسكري في تركيا كان سيعني دخول أنقرة في أزمة سياسية وأمنية وعسكرية ستنعكس بوضوح على مجمل الأوضاع الأمنية في المنطقة، ويساهم في دعم الحركات المسلحة والمتطرفة سواء كانت الكردية أو العربية التي تتخذ من الأراضي التركية مقراً لنشاطها بما قد يؤثر سلباً في الداخل الإيراني وفي الملفات المهمة لإيران خصوصاً في العراق وسورية. ومع أن المواقف السياسية للبلدين متباينة حيال ملفات أساسية في المنطقة لكنها تحت السيطرة تعتقد طهران أن هذه الحالة أفضل إذا ما قورنت بحال فقدان السيطرة على المواقف وعلى إدارة هذه الملفات ميدانياً. وترى أوساط إيرانية أن تداعيات محاولة الانقلاب ستؤثر في منطقة الشرق الأوسط و»قد تتشكل فيها خريطة جديدة»، بعد «تركيا الجديدة». كما ستؤدي إلى حالة جديدة من التوازن الجيوبوليتكي في المنطقة. خصوصاً أن الاعتقاد يشير إلى انكفاء الحكومة التركية داخلياً لمعالجة التأثيرات التي خلقتها التطورات على المجتمع المدني التركي وستكون أكثر حذراً حيال المواقف من الملفات الإقليمية والدولية وستسعى إلى ترطيب العلاقات مع القوى الإقليمية ومنها إيران.