في سابقة هي الأولى من نوعها أعلنت وزارة الداخلية العراقية اكتشاف مزارع للمخدرات في مدينة الناصرية في وقت أعاد شيوخ عشائر ومسؤولون إقبال بعض الفلاحين في الجنوب على زراعة المخدرات الى تحول غالبية الأراضي الزراعية الى بور لعدم توافر الدعم اللازم من الدولة للمزارعين وشحة المياه في نهر الفرات خلال السنوات الأربع الأخيرة. وقال مدير مكتب مكافحة المخدرات في وزارة الداخلية العراقية رعد مهدي أن «وزارة الداخلية اكتشفت عدداً من الأماكن التي تُزرع فيها المخدرات في المحافظات العراقية التي تشهد وضعاً أمنياً ساخناً، مثل نينوى وديالى وذي قار، إذ تم ضبط مزارع لنبتة تسمى الداتورة». وأشار مهدي الى أن «الوزارة ضبطت أفراداً من جنسيات مختلفة في العراق لهم علاقة بتجارة المخدرات»، متوقعاً أن يكون هؤلاء الأشخاص أبرز الموّردين الأساسيين للمخدر. ولفت الى أن «الانفلات الأمني الذي شهده العراق بعد 2003 كان الانطلاقة الحقيقية لتنامي ظاهرة تعاطي وتجارة المخدرات في البلاد، التي ازداد شيوعها عام 2009». وتشتهر الناصرية بزراعة الرز العنبر والتمور العراقية الشهيرة فضلاً عن زراعة مختلف أنواع الخضروات. وعلى رغم الحصار الاقتصادي، الذي شهده العراق منذ عام 1990، لم توقف دعمها للمزارعين بمختلف الأصعدة من توفير الأسمدة والبذور والدعم المادي واللوجستي، لكن الحال لم يدم بعد عام 2003، فانقطعت جميع وسائل الدعم وجفت الأنهر ما دفع الأهالي الذين اغلبهم يمتهنون الزراعة الى زراعة نباتات المخدرات. وقال الشيخ صكبان الخفاجي ل «الحياة» انه «ليس لدينا واردات، زراعتنا شبه ميتة لأن الحكومة لا تدعمنا بالأسمدة ولا تقدم لنا العون إضافة الى الضرر الناتج من استيراد المنتجات الزراعية من إيران وهي عادة أرخص من المنتجات المحلية». وأشار الى أن «الشبان لم يجدوا طريقاً لاستمرار الحياة غير زراعة المخدرات والمتاجرة بها». وعلى رغم اتصالات «الحياة» المتكررة رفضت قيادة شرطة الناصرية والمسؤولون في المحافظة التعليق على الموضوع. ولا توجد رقابة قانونية على زراعة المخدرات أو تجارتها لعجز الأجهزة الأمنية عن متابعتها في ظل الأوضاع الأمنية المتوترة. واعترف أحد ضباط الشرطة بهذه الحقيقة مؤكداً أن المشاكل الأمنية في الناصرية وسطوة الميليشيات والعشائر والأحزاب لا تتيح التشديد على تجار المخدرات أو مزارعيها. والزراعة هي المهنة الغالبة لأهالي الناصرية، إلا أن الحكومات الأربع التي تعاقبت على حكم العراق منذ الاجتياح الأميركي عام 2003، لم تقدم أي دعم الى القطاع الزراعي. ولم يكن المزارعون العراقيون عموماً يزرعون «الحشيشة» في شكل واسع، لا سيما أن النظام السابق كان يعاقب بأحكام قاسية تصل الى الإعدام في حق من يتعاطى هذه المادة أو يتاجر بها. وتفيد التقارير الرسمية أن عدد المتعاطين والمتاجرين والمروجين والمهربين للمخدرات في البلاد عام 2003 كان لا يتجاوز 321 شخصاً، وتنامت أعدادهم خلال السنوات الست الماضية حتى وصل عددهم عام 2009 الى 1415 شخصاً ليتحول العراق من معبر لهذه المواد الى منتج ومصدر لها.