الخطوط السعودية ووزارة الإعلام ترفعان مستوى التنسيق والتعاون المشترك    رئيسا «الشورى» والبرلمان الباكستاني يبحثان تعزيز التعاون المشترك    رغم المخاوف والشكوك.. «سورية الجديدة» تتحسس الخطى    5 إستراتيجيات لإنهاء حرب روسيا وأوكرانيا    كأس العالم    «التعليم»: التحول المؤسسي في الإدارات والمكاتب لا يرتبط بالموظف مباشرة    لسرعة الفصل في النزاعات الطبية.. وزير العدل يوجه بتدشين مقر دوائر دعاوى الأخطاء المهنية الصحية    «الاستدامة المالية».. تنوِّع مصادر الدخل وتعزز النمو الاقتصادي    خير جليس يودّع «عروس البحر» بتلويحة «جدّة تقرأ»    دروس قيادية من الرجل الذي سقى الكلب    الحصبة.. فايروس الصغار والكبار    مدربون يصيبون اللاعبين    تقطير البول .. حقيقة أم وهم !    328 سعودية ينضممن إلى سوق العمل يومياً    نجاحات رياضية متواصلة    بحضور تركي آل الشيخ ... فيوري وأوسيك يرفعان التحدي قبل النزال التاريخي    النصر ومعسكر الاتحاد!    "رينارد" يعلن قائمة الأخضر المشاركة في خليجي 26    25 ألف سعودية يثرين الأسواق الناشئة    التأمين يكسب .. والعميل يخسر    الإخلاء الطبي يشترط التأمين التعاوني للممارسين الصحيين    الدفاع المدني يؤكد ضرورة إطفاء النار الناتجة عن الفحم والحطب قبل النوم    «سكن».. خيرٌ مستدام    مشاعل الشميمري: أول مهندسة في هندسة الصواريخ والمركبات الفضائية في الخليج العربي    تمارا أبو خضرا: إنجاز جديد في عالم ريادة الأعمال والأزياء    إبراهيم فودة.. الحضور والتأثير    رسائل    تفسير المؤامرة    استغلال الأطفال على منصات التواصل الاجتماعي يهدد صحتهم النفسية والاجتماعية    واقع جديد    الإسلامُ السياسيُّ حَمَلٌ وديع    السعوديون في هيثرو!    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء ينقذ مراجعاً عانى من انسداد الشرايين التاجية    أدوية إنقاص الوزن قد تساعد في القضاء على السمنة لكن مخاطرها لا تزال قائمة    المنتخب السعودي يُعلن مشاركته في كأس كونكاكاف الذهبية    انفراد العربيّة عن غيرها من لغاتٍ حيّة    تبوك على موعد مع الثلوج    الإصابة تبعد الخيبري عن منتخب السعودية    أدبي جازان يحتفل بفوز المملكة بتنظيم كأس العالم ٢٠٣٤ بندوة رياضية أدبية    بمشاركة أكثر من 1300 متسابق .. "هيا نمشي معاً 2024" على كورنيش الراكة بالخبر    كاسبرسكي تتوقع نمواً سنوياً متوسطاً بنسبة 23% في السعودية بفضل خبرتها المحلية على مدى 17 عاماً    الهلال الأحمر السعودي بالمنطقة الشرقية يكرم المتطوعين المتميزين في عام 2024م    طارق السعيد يكتب.. السعودية أرض الحلم واستضافة كأس العالم    فيصل بن مشعل يستقبل العميد العبداللطيف بمناسبة تكليفه مديرا لمرور القصيم    وزير العدل يوجه بتدشين مقر دوائر دعاوى الأخطاء المهنية الصحية بالمحكمة العامة بالرياض    السيسي: الاعتداءات تهدد وحدة وسيادة سورية    أمير القصيم يرعى ورشة عمل إطلاق التقرير الطوعي لأهداف التنمية المستدامة في بريدة    محافظ بدر الجنوب يستقبل مدير عام فرع الأمر بالمعروف    التجارة تضبط 6 أطنان مواد غذائية منتهية الصلاحية بمستودع في جدة    صحة الحديث وحدها لا تكفي!    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة    د. هلا التويجري خلال الحوار السعودي- الأوروبي: المملكة عززت حقوق الإنسان تجسيداً لرؤيتها 2030    وزير الدفاع يستقبل نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الأسترالي    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان "الحفاظ على مقدرات الوطن والمرافق العامة من أهم عوامل تعزيز اللحمة الوطنية"    رئيس الوزراء العراقي يغادر العُلا    الأمير تركي الفيصل يفتتح مبنى كلية الطب بجامعة الفيصل بتكلفة 160 مليون ريال    محافظ محايل يلتقي مدير المرور الجديد    أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الرياضة بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فرنسا ومهرجان «كان»: كل هذه الأفلام... كل هذه الأموال!
نشر في الحياة يوم 15 - 05 - 2009

... حتى من قبل حفلة الافتتاح الصاخب الذي كان نجومه ثلاثة (ايزابيل هوبير - سينما التحريك المجسمة - والعولمة انما من منظور غريب بعض الشيء)، حددت دورة هذا العام من مهرجان «كان» السينمائي الدولي نجمها الأساسي: انه فرنسا نفسها، البلد المضيف، البلد الفائق الكرم مع الفن السابع. فرنسا هي، من دون منازع، نجمة هذا العام، الى درجة يبدو معها أن الفرنسيين قد «شربوا حليب السباع» - كما يقول المثل الشعبي العربي - وهجموا على مهرجانهم، في دورته الثانية والستين، بكل قوة وزخم. أما «شرب» الفرنسيين لهذا الحليب، فربما كان في خلفيته ذلك الفوز غير المتوقع الذي كان من نصيب فيلم فرنسي - يكاد يكون وثائقياً - هو «بين الجدران» الذي نال السعفة الذهبية، في العام الفائت. أو ربما كان سببه، تضاؤل حظوظ المهرجان منذ البداية في الحصول، مثلاً، على أفلام أميركية تشارك في مسابقته الرسمية أو تظاهراته الأخرى.
وربما يكون السبب أيضاً، الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية التي أجّلت أو ألغت الكثير من المشاريع السينمائية في بلدان عدة ل «ضيق ذات اليد»، فكانت النتيجة ان برزت فرنسا، ليس فقط منتجة لأفلام فرنسية كثيرة هذا العام، بل كذلك ممولة أساسية لأفلام الآخرين. أو هذه هي الصورة التي تلوح اليوم، الى درجة أن مال البعض الى نعت دورة هذا العام بأنها فرنسية - فرنسية. وربما لا يكونون بعيدين من الصواب، ذلك أن نظرة متأنية الى أسماء البلدان التي تنسب اليها الأفلام المشاركة، في المسابقة الرسمية وغيرها، ستضعنا أمام ما هو واضح: ان نحو نصف الأفلام المشاركة في التظاهرات الرئيسية هو إما من انتاج فرنسي خالص، أو من انتاج مشترك لفرنسا حصة الأسد فيه. ولعل أغرب ما في الأمر هو ان المال الفرنسي داخل، في شكل أو في آخر، في انتاج العدد الأكبر من الأفلام الآتية من جنوب شرقي آسيا (الصين، ماليزيا، الفيليبين، سنغافورة، تايوان... الخ). وانطلاقاً من هنا هل يحق لأحد أن يُدهش إذ يرى أن أكثر من ربع الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية هي أفلام فرنسية خالصة؟ وان فرنسا تشارك بكثافة في كل التظاهرات؟
فرنسا في كل مكان
ولكن هذا ليس كل شيء. فإذا كانت ايزابيل هوبير، ممثلة فرنسا المميزة هي التي ترأس لجنة التحكيم، فإن هذا الحضور لممثلة فرنسا في قمة هرم «كان»، ليس في الحقيقة سوى الجزء الأبرز من جبل الجليد... هذا الجبل الذي يتمثل في حضور ممثلين فرنسيين، ليس فقط في الأفلام الفرنسية، وليس فقط في أفلام الإنتاج المشترك مع فرنسا، أوروبية كانت أم أميركية، بل حتى في عدد لا بأس به من الأفلام الآسيوية... وكذلك في بعض أبرز الأفلام الأميركية، غير المرتبطة مبدئياً بالمال الفرنسي: في فيلم كوينتن تارانتينو («أوغاد سيئو السمعة»)، أو في فيلم «تيترو» لفرانسيس فورد كوبولا الذي يفتتح «أسبوعي المخرجين».أما نجم الغناء الفرنسي الأشهر جوني هاليداي، فإنه يبرز هذه المرة ممثلاً سينمائياً في فيلم «انتقام» لجوني تو... فيما يعيدنا فيلم التايواني تساي مينغ - ليانغ، «وجه» الى فرانسوا تروفو من خلال هذا الفيلم التكريمي له، الذي تمثل فيه الفرنسية ليتيسيا كاستا دور البطولة، الى جانب جان - بول ليو، ممثل تروفو الرئيسي في عدد من أفلامه الأساسية، وأناه الآخر في دور انطوان دوانيل. ومنذ «الضربات الأربعمئة» أول أفلام تروفو الكبرى وأول ظهور ل «الموجة الجديدة» الفرنسية عام 1959، ما شكل - والبعد الفرنسي في هذه الدورة الحالية، دورة 2009، يتواصل - مناسبة لاحتفال صاخب ورئيسي بمرور 50 عاماً على ولادة «الموجة الجديدة» في مهرجان «كان» بالذات - راجع مكاناً آخر في هذه الصفحة -، علماً أن حضور «عميد» السينما الفرنسية آلان رينيه، في المسابقة الرسمية لهذا العام، فتح الباب - الفرنسي أيضاً - لتكريمه في شكل مزدوج: من ناحية لإقدامه على خوض المباراة وهو يقترب من التسعين بفيلمه - العشب المجنون - وما يعني ذلك من حضوره الشخصي في «كان»، ومن ناحية ثانية لمناسبة مرور 50 عاماً أيضاً على تقديم فيلمه الروائي الأول الكبير «هيروشيما يا حبّي» في دورة 1959 للمهرجان نفسه - راجع، كذلك، مكاناً آخر في هذه الصفحة -.
ريع المسابقة الرسمية
ماذا يقول لنا هذا كله؟ ببساطة حضور فرنسا الصاخب في المهرجان الفرنسي - العالمي الكبير: حضورها من خلال تاريخ موجتها الجديدة، التي تكاد تكون الى جانب تيار «الواقعية الجديدة» الإيطالية، أكثر التيارات السينمائية تأثيراً في سينما العالم... بل حضوراً حتى يومنا هذا، ونشاطاً (غودار، شابرول، اريك رومر... ناهيك برينيه الذي كان في الموجة وخارجها متفرداً، في الوقت نفسه)، وهذا الحضور شكل جزءاً أساسياً من معظم الحوارات التي أجرتها الصحف، حتى الآن، مع المشاركين في «كان» بمن فيهم ايزابيل هوبير نفسها التي قالت ان بداياتها تلت ظهور «الموجة الجديدة» و «اختفاءها»، وفرانسيس فورد كوبولا... الذي تحدث عن تأثره المبكر بالموجة.
وحضور فرنسا ليس تاريخياً فقط، بل هو معاصر وراهن، كما أشرنا، من خلال ممثليها الذين تأخذهم الآن مدارج العولمة، كما توظيف المال الفرنسي في سينما الآخرين، الى شتى بقاع الأرض وسينما العالم، فنراهم في الأرجنتين (فنسان غالو، مع كوبولا) وفي طوكيو (سيرجي لوبيز مع الإسبانية ايزابيل كواكسيت في «خرائط الصوت في طوكيو»، وفي السينما الصينية، والحرب العالمية الأولى («الرباط الأبيض» للنمسوي هاينكي) والحرب العالمية الثانية (فيلم تارانتينو)...
غير ان الحضور الفرنسي الأهم من هذا كله يبقى في المسابقة الرسمية، فإذا كان آلان رينيه يعود الى هذه المسابقة بعد عقود من الغياب مع فيلم روائي طويل هو «العشب المجنون»، فإنه لن يكون الوحيد، الفرنسي الذي قد يتعين على ايزابيل هوبير (كرئيسة لجنة تحكيم) مساندته عند مداولات اللجنة، ولو تكريماً لمكانته وزمنه السينمائي الطويل الذي بات يزيد على ستين عاماً... فهناك أيضاً فرنسيون آخرون في المسابقة الرسمية: هناك جاك أوديار الذي يتبارى بفيلمه «نبي» الذي يروي حكاية مهاجر من أصل مغاربي، يدخل السجن وديعاً هادئاً مسالماً، ليصبح بسرعة أحد كبار المتعاونين مع المانيا، داخل السجن وخارجه، وهناك «في الأصل» لكزافييه جانولي، الذي يتحدث عن نصّاب صغير، لا يتوقف عن الاحتيال على كثير من البشر... حتى اللحظة التي يجد نفسه فيها واقعاً في فخ احتياله. أما الفيلم الفرنسي الرابع في المسابقة الرسمية فهو «الفراغ فجأة» لغاسبار نوي الذي اعتادت دورات «كان» السابقة ان تستقبل كل أفلامه من سنوات، واعتاد هو أن يعود بجوائز، ولا سيما بفيلمه الغريب «لا يمكنه العودة الى الوراء» (2002). هذه المرة، يدور موضوع «الفراغ فجأة» في طوكيو من خلال حكاية عائلية... عن أخ وأخت يتعاهدان بعد موت الأب على عدم الفراق، لكن الموت يحطم تعهدهما... أما حفل الاختتام أخيراً، فسيكون أيضاً لفيلم فرنسي هو «كوكو شانيل وإيغور سترافنسكي» ليان كونين... وهذا الفيلم هو واحد من أفلام عدة أنتجت وتنتج حالياً عن حياة مصممة الأزياء وسيدتها الفرنسية في القرن العشرين.
لم نتحدث هنا، إذاً، سوى عن الأفلام الفرنسية المشاركة في المسابقة الرسمية، أو المختتمة لها... لكن في امكاننا مواصلة الحديث ليشمل حضوراً فرنسياً أساسياً في تظاهرات أخرى: آلان كافالييه المخضرم وفيلمه الذاتي جداً «ايرين» عن رحيل زوجته، ولوك موليه أحد ورثة «الموجة الجديدة» ومشاركته في تظاهرة «نظرة ما»، ثم روبرت غيديغيان وفيلمه «سلاح الجريمة» خارج المسابقة... ناهيك بنصف دزينة من أسماء أخرى... لكننا لن نفعل تاركين هذا الى رسائل أخرى، وإلا لاستهلكنا ما يزيد على حجم رسالة للحديث عن حضور فرنسي، بدأ منذ الآن يثير احتجاجاً وانتقاداً في أروقة المهرجان... فكيف به هنا!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.