أمهات نائحات باحثات عن أولادهن، أو عن بقايا أشلاء يمكن أن تشكل قبراً يُزار في العيد، وأخريات يتفحصن جثثاً متفحمة في المستشفيات القريبة. هكذا يطغى المشهد وفي شكل يومي على مشاهد العيد المعهودة في منطقة الكرادة أكثر المناطق حيوية في بغداد والتي اعتادت استقبال العيد في شكل مختلف تماماً. سكان الكرادة ومرتادوها يضيئون الشموع وينشدون الأهازيج الحزينة في المكان الذي فقدوا فيه أشقاءهم وأصدقاءهم وأفراد عائلاتهم، فيما يرتدي معظم الأهالي السواد تضامناً مع آخرين حتى وإن لم يفقدوا عزيزاً في التفجير الذي أودى بعائلات بأكملها كانت خارجة لرشاء ملابس ولوازم العيد. المنطقة التي تشتهر بأكبر تشكيلة من المولات والمطاعم والمقاهي العامة والفنادق المميزة، ما جعلها مركزاً لفاعليات العيد المختلفة في بغداد، أعلنت الحداد هذه السنة وتضامنت معها مناطق أخرى ألغت مظاهر العيد، كما تضامنت فضائيات وإذاعات ألغت برامج العيد لهذا العام وبدأت الحداد. الحي الأشهر في بغداد في طبيعة التعايش السلمي بين سكانه على رغم اختلافهم المذهبي والطائفي، يتركز فيه أكثر من ثلثي المطاعم الفخمة والفنادق الكبرى والنوادي الاجتماعية التي تحيي حفلات العيد. لكن عيد الفطر سيكون مختلفاً عما سبقه، حتى أن كثيرين من السكان ألغوا حفلات زفاف كانت مقررة في العيد تضامناً مع من أصابتهم الجريمة. وثمة فنادق ومطاعم ستقيم حفلات خجولة داخل قاعات مغلقة وسط إجراءات أمنية مشددة، بعدما كان مقرراً أن تقيمها في الحدائق الكبيرة التابعة للمكان، والسبب هو انها اتفقت مسبقاً مع مطربين عرب وحجزت التذاكر ولن تتمكن من إلغاء حفلاتها بسهولة. ولذلك قررت المضي في الأمر في شكل لا يجرح مشاعر السكان فجعلتها في قاعات مغلقة. سرادق العزاء التي لم تستوعبها المساجد ولا الحسينيات، فأقيم بعضها في الشوارع الفرعية سيكون صوت الألم فيها قوياً هذا العيد، وقد يتجاوز صدى الحفلات المغلقة الخجولة بكثير، خصوصاً أن غالبية تلك السرادق كانت جماعية لعائلة كاملة من خمسة أو سبعة أفراد أو لمجموعة أصدقاء سقطوا معاً، ويستمر تلقي العزاء فيهم أسبوعاً كاملاً.