لم تكن بغداد ليلة الاربعاء 31 من كانون الاول - ديسمبر التي صادفت رأس السنة الجديدة كعادتها الدائمة في مثل هذه المناسبة ، فالظلام اغرق المدينة بسبب انقطاع التيار الكهربائي، والشوارع خلت من المارة الا القليل بسبب الخوف من المجهول. والعراقيون ومن احتل بلادهم كانوا على حذر من كل شيء ، ففي مثل هذه المناسبات تكثر الاحداث الدامية كما جرت العادة منذ شهور في بغداد. الاحتفالات اقتصرت على بعض الاماكن الخاصة في بعض الفنادق او بعض النوادي او مقرات الشركات الاجنبية بينما كانت منطقة الكرادة في بغداد التي تضم عدة آلاف من السكان المسيحيين قد شهدت حركة مترددة لمجموعات من الشباب كانوا يحتفلون بهذه المناسبة بشكل بسيط لا يتجاوز الفوز بوجبة طعام فاخرة في بعض المطاعم وتدخين الارجيلة في مقاهي الكرادة ولكن قبل منتصف الليل حيث يصعب التحرك في بغداد. القلق والخوف هو اكثر ما يمكن وضعه سببا رئيسا في اختفاء مظاهر الاحتفال الكبيرة حيث ينشغل معظم العراقيين هذه الايام في الحصول على الوقود لمواجهة البرد القارس، او الوقوف في طوابير البنزين للحصول على بضعة لترات . اما الشباب الذين تظاهروا بالاحتفال لم تكن لديهم برامج محددة او مواعيد لحضور حفلات بل حاولوا اللقاءات القصيرة فيما بينهم دون ان تاخذ مناسبة راس السنة الكثير من حديثهم بل مروا عليها من باب الذكرى على ما كانوا يفعلونه في السنوات الماضية. يقول سيف محمد طالب جامعي انه انشغل هذه الايام بالتحضير لامتحانات نصف العام الدراسي وهو لا يفكر كثيرا بالاحتفال بذكرى رأس السنة، بينما يقول زميله معمر انه تفرغ ليلة راس السنة للاستراحة واللعب في الحاسوب فهي فرصة مناسبة خاصة وان اليوم التالي يصادف عطلة رسمية، ويؤكد ان الطقس البارد منعه من الذهاب في فسحة مع أصدقائه وآثر البقاء في مسكنه . ولكن اكثر ما جعل الناس يشعرون بمناسبة دخولهم لسنة جديدة هي برامج التلفزيون والإذاعة حيث يعيش العراقيون اول عام لهم مع الصحون اللاقطة وسيكون بامكانهم مشاهدة احتفالات راس السنة عبر الفضائيات. تقول وداد صبري مدرسة ثانوية عما استعدت له ليوم رأس السنة الميلادية لم نفعل شيئا وفرنا بعض وقود التدفئة واشترينا بعض الحلوى ونتمنى ان لا تنقطع الكهرباء علنا نتمكن من مشاهدة التلفزيون لساعتين او اكثر.. الخروج من المنزل امر مخيف ، لا ندري ماذا يمكن ان يحدث.. اخترنا اسهل الطرق البقاء في البيت والصبر واستقبال العام الجديد بامنيات واحلام. الفرح في العراق ومنذ سنوات لم يعد كما كان قبل الحصار والاحتلال الامريكي للعراق لذلك فان مثل هذه المناسبات لا تأخذ كثيرا من الاهتمام وغالبا ما أصبحت تمر خاطفة كالبرق ولا يشعر بها احد. وتكون مناسبات اجتماعية محدودة يتزاور فيها الاقارب فيما بينهم. فالكثير من الناس وخاصة في مناسبة رأس السنة هذه قننوا مصاريفهم ولا ينفقون ما لديهم من أموال الا في الاشياء الضرورية ، فالظرف الصعب يحتاج الى ان ينفق الناس فيها الكثير من الأموال على الضروريات خاصة اذا ما ارتفعت اسعار البضائع.