المالكي الممثل يضحكنا، والمالكي السياسي يبكينا، فما القاسم المشترك بينهما؟ الاثنان ممثلان في رأي الأول على مسارح الدنيا، والثاني على مسرح التراجيدية السياسية. مشهد يتكرر كل يوم، أدوار تصنع وتشكل في سيناريو يعجز عنه أكبر المؤلفين العالميين عن نسج وحبك تفاصيله، فاللعبة دولية والممثلون مقتدرون، ألم تكن السياسة دائماً هي المسرح وبيدها النص؟ وتحرك الكبير قبل الصغير، في قصة مؤبدة في سجن تاريخي من القمع والسلطة وصنع القرار. صفحات التاريخ تشهد، والأفلام تروي قصصاً من التاريخ، تؤكد أن هاتين الصناعتين هما واحد في المشهد العالمي، كم من مؤلف وعبقري، وفنان غيّر التاريخ، ألم نفهم أن السياسة هي أهم فن في الفنون؟ «تدرس» في أرقى الجامعات ومن خلف جدران القصور. كيف تكسب الكاريزما المؤثرة في الشعوب، كيف تخاطب الجماهير، كيف تؤثر وتصنع القرار، وتجعله وإن كان جائراً، من أفضل القرارات تقبلاً، جماهيرية تصنع خلف الأبواب المغلقة، جيوش إعلامية تجند لخدمة السياسيين، وتصنع منهم نجوماً وأبطالاً. ونحن ننقاد وراءهم كالماشية مستسلمين للأقدار. من بيده صنع القرار؟ هذه ديموقراطية، وهذه اشتراكية، وهذه شيوعية، وهذه منظمات إرهابية كالقاعدة، ما الفرق؟ مسميات على مر العصور تدرس وتحفظ وهي في النهاية حرب للجلوس على مقعد السلطة، مهما اختلفت المسميات. لعب الأدوار على مسرح السياسة العالمي، هذا هو الجواب، المسميات شتى والدور واحد، ضاع القرار. جودة الممثلين هي ما يحدد المسار، وليس الصدق والأمانة وتحمل المسؤولية، فهذا ليس من المطلوب ولا المرغوب. نخدع أنفسنا إن قلنا هذا محارب وهذا مخادع، فالنتيجة واحدة، وهي: يوجد مؤلف ومخرج يحرك الممثلين على المسارح الدولية، وبيده – وفقط بيده - خطف الأضواء من هذا وتبديل ذاك، وجعل الشخصية شريرة، أو بطولية، أو استسلامية، أو مهادنة، ولكن عنوان القصة واحد، وهو دائماً بيد الكاتب وليس بيد القارئ، ولكن بيد من يترجمها على الطبيعة، ومن يمثلها على مسرح الحياة الواقعية. تهديد «القاعدة» الأخير، لمصلحة مَنْ؟ فهذا توقيت مدبر، ممَنْ؟ إيران؟ أميركا؟ أم هما سلطة واحدة، تلعب بنا على أوتار نغمات قيثارة المعارضة والعداوة، فهل هذا تمثيل؟ لم يعد يدهشني شيء في زمن انقلبت فيه الموازين، فالكل يسحب العالم ليطير به على بساط فوق الريح، فهذا أهواؤه ديموقراطية وذاك مذهبية، والأخير إرهابية، كل يتبع منهاجاً مغايراً والمعنى واحد، والمسرح واحد، فالقاسم مشترك والأهداف واحدة، وهو شد أنظار العالم وتغييبها عن الحقيقة، بيد من الحقيقة؟ بيد من القرار؟ إيران تهدد بالمهدي المنتظر، وإن كانت السيرة النبوية تنبأت بظهور المسيح الدجال من أصفهان، وأميركا تهدد بالويل والثبور وعظائم الأمور إن امتلك غيرها الأسلحة المدمرة الشاملة، وهي تملك تدمير الأرض بأسرها، فأين التناسق والمنطق من هذا المشهد المحير للعقول؟ و«القاعدة» تهدد بقلب الحكم لإرساء مذهب سفك الدماء، وهي تنادي بالشهادة، والإسلام بني على نصرة أخيك ظالماً أو مظلوماً، وحرم سفك الدماء، إلا لمن يخرجك من أرضك ويبدأ بالحروب. أين القاسم المشترك بين هذه المسرحيات الدولية؟ مَنْ المخرج؟ مع أننا نعرف مَنْ المنفذ، مَنْ العقل المدبر وراء كل هذه الكوارث الإنسانية والسياسات اللاإنسانية في قرن الزلازل والبراكين، والأعاصير الطبيعية والأمراض المستعصية، وظهور الأوبئة الحديثة التي لا يوجد لها دواء ولا شفاء؟ مَنْ يملك القرار والحلول؟ دوامة تعصف في عقولنا الرحيمة، البسيطة التي لا تفهم المكائد الدولية، فأصبحنا رواية معدة للتغيير عند كل عرض مسرحي، بحسب أهواء كاتبها، والأجواء السياسية المواتية لفرض التغيير. لماذا نصرف وقتنا في التحليل؟ وكتاب يتسابقون الفلسفات السياسية والتفسير، والتاريخ مكتوب، والطريق عُبِدَت من زمن بعيد، أهو حب الإنسان الدائم للعبة، لعبة ما على مسرح الحياة، وإن كان دوره صغيراً، وغير مجدٍ لما قرر في أروقة صنّاع القرار، ووقعت من كتاب التاريخ، مَنْ يعمل لمصلحة مَنْ؟ مَنْ يدير العالم بجبروت وصمت رهيب؟ ماذا تُجدي الكلمات والسطور في كتاب قد كُتب وانتهى إخراجه منذ زمن بعيد؟ * كاتبة سعودية. [email protected]